الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قليلٌ في رواية الطاعون

تولام سيرف

2020 / 4 / 26
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


-----------------------------

في أوائل كارثة كورونا والدافع لقرائة رواية الطاعون للفيلسوف البرت
كامو من جديد يزداد عند الكثير, أعتقد في هذه الفترة تم قراءة الرواية
أكثر من قراءة القرآن أو الأنجيل.

في رواية الطاعون تجد البطل الذي هو الدكتور ريو
Rieux
وثورته الصامته تقريبا بحكم مهنته, لأن وجوده في الأساس هو لعلاج
الأنسان مهما كان أتجاهه الفكري أو العقائدي ومهما كانت حجم محفظته,
بينما تجد القس بانيلو
Paneloux
يصرخ بدون لفظ الكلمات بتلك التفرقة الواضحة بين أنسان وآخر,
بين مؤمن وغير مؤمن, بل وبين مؤمن ومؤمن, حيث يدعي بانيلو في
خطبة الموعظة المسيحية الأولى وأنطلاقاَ من أيمانه, بأنه على
علم بما ينوي الله في هذا الطاعون, موضحا بأن الطاعون هو محكمة الله,
والعادل منكم لا حاجة له للخوف, وكأن الطاعون يفصل بين الصالح
والطالح, كتلك الصورة الواضحة في العصا التي تفصل القشرة عن حبة الشعير.
السخرية في الأمر, أن بانيلو يموت أيضاَ.

وعلى مدى الرواية نجد وضوح أنفصال الوجودية عن قكرة الخالق أكثر
وأكثر حين ننظر ألى واقع الحال ونقوم بدراسته موضوعيا بدلاً من الأخذ
بعين الأعتبار كلمات تجار الدين المنتفعين.
في الرواية نجد عبثية البرت كامو ترافق صوراً عديدة, صداقة..تاررو
Tarrou
مع البطل ريو ومرافقته له ماهي الا محاولة للهروب من اللا معنى للوجود.
وجنون كوتار
Cottard
هذا أيضا حل أنهزامي من الواقع العبثي الذي يقصده الفيلسوف كامو,
ويمكن من أكثر الصور وضوحاً هي محاولة أنتحار كوتار
Cottard
هي العبثية التي تذكرنا بسيزيف كامو.
محدودية تفكير المؤمن في زاوية واحدة وهي الأيمان ناتجه من أصراره
على البقاء داخل تلك القوقعة وذلك السجن الذي يدعى الدين والأيمان,
وبما أن الأنسان مبدع, فتجد المؤمن بانيلو
Paneloux
أيضا مبدع بضع اللمسات الأخيرة لظاهرة...أنه يعلم بما ينوي الله في
الطاعون....فحسب رأيه...أضافة الى أن الطاعون هو عقوبة من الله,
فهو.....أي ألله....يمنح المواساة لمخلوقاته ويبين للأنسان الطريق لأكتشاف
العلاج. هذا الأسلوب في التفكير الساذج والخاطئ تجده عند كل المؤنين
عبر كل حقبة تاريخية. ولكن البطل...ريو
Rieux
يحطم ذلك التفكير بعبارة واحد....بانيلو لم ير أموات بشكل كافي....هذه العبارة
تعني الكثير....من عماء المؤمن الى أصراره على بقاء القوقعة الى عدم ألقدرة
في التحليل الموضوعي والواقعي للكارثة.
الحقيقة المفترضة التي يتصورها بانيلو هي في الواقع عقاب جماعي كما أطلق
عليها البطل الملحد ريو ذاكراً...أن من يرى الالام والمعاناة الناتجة من
الطاعون ثم يتصالح معه...اي مع الطاعون....يجب أن يكون مجنوناً أو أعمى أو جبان.
يرى ريو
Rieux
جانب أيجابي في الطاعون, بأن الأنسان سيكون أكبر مما كان عليه قبل الكارثة,
وأن من يرفض فكرة الخالق سوف لا يرضخ الى الموت ويبقى في قتال مستمر ضد
تلك النهاية البائسة....أيضاً مقارنة بسيزيف...تلك المحاولات المستمرة التي نهايتها
دائما واحدة وهي...خسارة القتال...فمن الأفضل لله أن لا يعبده أحد, والأفضل من
العبادة, أن يكافح الأنسان ضد الموت بأستمرار بدلا من أن يرفع عينيه للسماء,
حيث لا يحصل على أي جواب سوى الصمت, لعدم وجود شيئا يدعى الله هناك.
ونجد ريو
Rieux
وتاررو
Tarrou
معلنين ثورتهما ضد تلك المعاناة بدلاً من السجود على الركبتين دون جدوى.
الجميل في هذا النوع من التفكير....أي الأنسان سيكون أكبر مما كان عليه
قبل الكارثة.....أننا نجده عند كل أنسان....ملحد كان أو مؤمن.....يبدأ بشكل
موضوعي بتحليل وضع البشر في كل كارثة, والسبب واحد دائما وهو صراع الأنسان من أجل البقاء.
كلما تكبر صدمتنا في الواقع, كلما تتغير مفاهيمنا بل وحتى تعابيرنا, فالقس
بانيلو في خطبته الموعظية الثانية تتغير مصطلحاته, والسبب هي صرخات
الطفل الذي حصل على اللقاح الجديد ضد الطاعون, حيث أستخدم تاررو
Tarrou
لاحقا الصورة....البراءة يتم قلع عينيها...في تلك التجربة شعر بانيلو بعار شنيع
وأصبح أكثر عمقا وأكثر لطفاً في خطبته الثانية, لم يعد يقول أنتم وأنما نحن,
لم يعد يعلم بما ينوي الله في الطاعون, ولكنه لا يتخذ طريق ريو الألحادي وأنما
طريق المؤمن اليائس, أي يبقى على أصراره في بقاء قوقعة وسجن الأيمان التي لم ولا تجلب للأنسان سوا الدمار.

تحياتي ومودتي

تولام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متضامنون مع غزة في أمريكا يتصدون لمحاولة الشرطة فض الاعتصام


.. وسط خلافات متصاعدة.. بن غفير وسموتريتش يهاجمان وزير الدفاع ا




.. احتجاجات الطلاب تغلق جامعة للعلوم السياسية بفرنسا


.. الأمن اللبناني يوقف 7 أشخاص بتهمة اختطاف والاعتداء -المروع-




.. طلاب مؤيدون للفلسطينيين ينصبون خياما أمام أكبر جامعة في الم