الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤس النضال والمناضلين

اسماعين يعقوبي

2020 / 4 / 28
الحركة العمالية والنقابية


لاعتبارات عدة، توقفت عن كتابة مقالات تتعلق بقطاع العدل والعمل النقابي داخله، لكون الماسكين بزمام الأمور فيه يخشون النقاش والحقيقة وتطور وعي وثقافة الموظف التي ستمكنه من فهم واستقراء كل الخطابات والمصالح الموجودة بين وخلف السطور.
وجدت نفسي في صراع دائم مع بعض الطيبين وبعض الجهلة الذين يتم استخدامهم كجدار واقي لتسلل الأفكار والنقاش، فيما توارى الانتهازيون والمصلحيون الى الخلف وكأن المساهمة في تطوير الوعي وآليات النضال ليس مهمتهم بل عدوهم الأول.
الا أنه، بعد اطلاعي على تدوينة لشخص يعتبر نفسه مسؤولا نقابيا، تأثرت كثيرا، وقررت أن أكتب هذا الرد الذي سنحاول من خلاله فهم التدوينة وخلفياتها وخطورتها. (كما أظن أن ظروف الحجر الصحي مكنتني من الاطلاع وترتيب مجموعة من المقالات السابقة وحفزتني على مواصلة ما بدأته سابقا).
جاء في التدوينة "ماذا لو طبقت الدولة مبدأ الأجر مقابل العمل لموظفي القطاع العام زمن كورونا؟ من سيختار سلامته الصحية على حساب الأجرة الشهرية؟".
أن يتساءل ليبرالي متوحش هذا السؤال، قد يبدو الأمر عاديا ومنسجما مع مرجعيته اللاإنسانية والجاعلة من المال مصدر وغاية الوجود.
لكن الذي تساءل، للأسف، هو "ع.ت" الذي يعتبر نفسه مناضلا في نقابة بقطاع العدل. والتساؤل ليس مشاكسة أو مداعبة أو حماقة من حماقات الحجر الصحي، وانما هو جواب على بيان النقابة الوطنية للعدل ك دش وبيان النقابة الديمقراطية للعدل ف د ش، اللتان عبرتا عن رفضهما لانتقال كاتب الضبط الى المؤسسة السجنية حفاظا على السلامة الصحية للموظفين واحترام المقتضيات القانونية التي لا تخول لكاتب الضبط التثبت من هوية المتهم وحرصا أيضا على مصداقية المؤسسات وضمنها المؤسسة السجنية التي عليها استقدام المعتقل المعني لقاعة الجلسة.
العمى يصيب البعض في بعض الأحيان وينسى حتى مطالبه وتدويناته السابقة، حيث قال السيد "ع.ت" في تدوينة سابقة "استمرار غياب المقاربة التشاركية للقرارات داخل قطاع العدل لا يزد الطين الا بلة زمن "كورونا" لم ولن تكون كتابة الضبط الحائط القصير".
مقارنة التدوينة الثانية مع التدونية الأولى، سيجعلك تحس أنك أمام شخصين متناقضين متصارعين، الأول يدافع على الليبرالية المتوحشة والمال وانسحاب الدولة من المجال العام، وشخص ثان يدعو الى المقاربة التشاركية والدفاع عن كرامة كتابة الضبط وعدم اعتبارها حائطا قصيرا.
الا أنه وللأسف، نحن أمام شخص واحد بدماغين ومصلحتين متناقضتين.
والكارثة العظمى، هي تدوينة ثالثة يطالب فيها نفس الشخص بتعويضات، بالإشارات، لفائدة كتابة الضبط وعنون المقالة ب "هل يستحق موظفوا وزارة العدل (كتابة الضبط _إدارة السجون) العاملون زمن "كورونا" تعويضات خاصة عن خطر الإصابة؟ ولماذا؟"
بعد تبيان هاته التناقضات في التدوينات والتي هي في الحقيقة نتاج تناقضات ومصالح الفكر البورجوازي الصغير المغلف بالإسلام السياسي والذي يربط مصالحه بمصلحة الفائز والمنتصر وليس بمبدأ أو موقف ولن يكون أبدا الى جانب الجماهير الشعبية وكتاب الضبط البؤساء الا اذا تيقن من تمكن هؤلاء لتحقيق مكاسب بنضالاتهم.
لنعد الآن الى التدوينة موضوع المقال: "ماذا لو طبقت الدولة مبدأ الأجر مقابل العمل لموظفي القطاع العام زمن كورونا؟ من سيختار سلامته الصحية على حساب الأجرة الشهرية؟":
- كاتبها من حيث لا يدري يجعل الدولة في جهة والموظفين في جهة أخرى ويعتبر الدولة أو الموظفين جسما غريبا عن المجتمع.
- الشأن القضائي فيه متدخلون متعددون، فبدل الحديث مباشرة عن المهام الموكولة لكل طرف، التدوينة تحاول التخويف لتحقيق قرار لم يشارك فيه تنظيمه،
- كورونا مست جميع مناحي الحياة، واختصار الوضع في موظفي الدولة هو استمرار للعداء الذي يكنه الحزب المتأسلم للقطاعات الاجتماعية والقائمين عليها، فماذا لو تم توقيف أجور وتعويضات الحكومة والبرلمان ومسؤولي المؤسسات العمومية والشبه العمومية...؟
- والمهم من كل هذا، هو أن صاحب التدوينة يعلم علم اليقين أن الموظف سيضحي بسلامته الصحية من أجل الحصول على أجر يحقق له امكانية الحياة بدل الموت من الجوع، وهذا الموقف المتضمن لم يع الكاتب مضمونه لأن الالاف من المواطنين توقف مصدر رزقهم دون التفاتة من الحكومة التي يترأسها حزبه أو حزب نقابته وهذا هو مصدر البلاء للجميع.

الرشيدية في 27 أبريل 2020.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماعلاقة متطلبات سوق العمل بالتخصصات الجامعية؟


.. طلبة كلية لندن ينظمون وقفة احتجاجية وسط الحرم الجامعي تأييدا




.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين