الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الظاهرة الصوتية في الشعر العراقي تأكيد الذات والكينونة ورد فعل على تهميش واقصاء طويل

جاسم الصغير

2006 / 6 / 16
الادب والفن


يتميز الشعر العراقي بأنه أحد الأجناس الأدبية التي عبرت عن مكنونات ووجدان الفرد العراقي بصدق وتجلى هذا في النصوص العديدة التي كتبت من قبل الشعراء العراقيين وفي مختلف الحقب وخاصة التي شهدت استبداد سياسي من قبل أنظمة فاشستية التي ألغت كل مظاهر الحرية وإمكانية التعبير سواء كان سياسياً أو ثقافياً ، وقد كان للشعراء حصة كبيرة من هذا الاضطهاد السياسي والثقافي وخاصة إذا استذكرنا أن العراق هو بلد الشعر والشعراء وباستحقاق ومنذ زمن طويل . إن الشعراء وهم جزء فاعل من الفاعلين الثقافيين قد فاضت قريحتهم الشعرية بالكثير من النصوص التي تؤكد على حق الفرد بالتمتع بقيم الجمال والخير والحق وبث الحياة الحرة والكريمة في وجدان الشعب مما يولد او يساعد على خلق أو إيجاد توجهات حية تدفع نحو إيجاد اتجاهات ثقافية واجتماعية حضارية كخط صاعد في المجتمع يبشر بولادة قيم ثقافية واجتماعية عريقة مما يساعد في التطور نحو الأفضل هذا على المستوى العام ، أما على الصعيد الخاص بالواقع الثقافي العراقي فكلنا يعلم أن الشعراء في العراق في السابق وفي عهد الأنظمة السابقة التي شيدت سلطتها على إلغاء الآخر وخاصة النخب الثقافية قدج احتكرت كل منافذ التمثيل الثقافي والسياسي لافتين النظرالى أن الشعراء وكثير منهم قد انتمى إلى أحزاب سياسية عرفتها الساحة السياسية العراقية التي تختلف في نهجها عن نهج السلطة، وحاول هؤلاء الشعراء المنتمين إلى هذه الأحزاب بث الأيديولوجية التي تعبر عن هذه الأحزاب من خلال نصوصهم ولقد شخصت السلطة السياسية وعبر مؤسساتها الثقافية البوليسية هذا الأمر بدقة الأمر الذي حصل من جرائه أن تعرضت الذات الشعرية العراقية إلى اضطهاد وثقافي وسياسي طويل جداً وترك اثره كجرح غائر في سيكلوجية الشاعر ومنع كل صوت ثقافي عامة وشعري خاصة من البوح بمكنوناته . إن هذا الاضطهاد الذي تعرض له الشعراء العراقيون قد انعكس سلبياً على ذواتهم فحصل انكفاء للكثيرين منهم مما ولد في ذواتهم وهي المرهفة مشاعر عميقة الشاعر بالاغتراب الثقافي والاجتماعي وكان لطول عهد الاستبداد السياسي التي شهدها العراق ومن قبل أنظمة عسكرتارية متخلفة قد ساهم في تأبيد تؤيد لهذا الاغتراب فأدى هذا الاغتراب والاضطهاد للعديد منهم إلى الهجرة واختيار طريق المنفى ، سواء كان ذلك اختيارياً ام قسرياً. إنه الاختيار غير المرغوب فيه بين العيش في ظل أنظمة حاربت الكلمة بشكل لم يجري له مثيل وتحمل كل تبعات هذا العيش القسري وبين اختيار المنفى وتحمل تبعات الغربة وما تحمله مشاعر قاسية والابتعاد عن المرابع مما جعل ذات الشاعر تتعرض إلى تشظي قاسي يتناقض مع سيمائيات تربى عليها الفرد العراقي من بساطة وطيبة وانفتاح على الآخر فعرفنا اغتراب الجواهري والبياتي وبلند الحيدري وغيرهم من اختاروا طريق المنفى أما الشعراء الذين اختاروا البقاء في الوطن وتحمل الصمت التام والاضطهاد والتهميش والإقصاء وبنبل الموقف، كل هذا أدى إلى امتلاء ذات الشاعر بمشاعر سوداوية للواقع المعاش الطويل ، وبعد سقوط نظام الاستبداد الشرقي وحلول إمكانية حرية الرأي والتعبير كان للشعر العراقي والشعراء جولات في التعبير عن مكنوناتهم حماسي طاغي في الحضور الشعري ومن خلال نصوصهم الشعرية وتجليات ذلك وبشكل يكون للظاهرة الصوتية سمات اصبحت تميز الشعر العراقي عن باقي شعراء العالم العربي وإن كانت هذه الظاهرة الصوتية ليست جديدة إلا أنها في الواقع الثقافي المعاصر سمة هامة من سمات الشعر العراقي وكرد فعل كبير على التهميش والإقصاء التي تعرض لها الشعراء العراقيون طويلاً في السابق ووسيلة يلجأ إليها الشاعر لتأكيد ذاته وموقفه وكتعويض نفسي سيكلوجي ، وكوقفة وجودية يتقصدها الشاعر في واقع يشعر إنه لم يستوعب تماماً إرهاصات والبركان الهائل الذي يختلج في قلب الشاعر ، كل ذلك دفع الشاعر إلى اختيار الطريق الجهوري في إعلان ذاته وكأنه صرخة يوجهها للجميع على طول الاضطهاد والصمت التي تعرض لها وتركت آثارها على ذاته. إن الشعر العراقي هو تأكيد صادق وجريء وملتزم بقضايا المجتمع وليس نزعة نحو الرفاهية أو حاجة كمالية طارئة بل كان على الدوام استجابة لمتطلبات الواقع السياسي والثقافي والاجتماعي وللأحداث التي شهدها المجتمع في فترات ومراحل عديدة من تاريخ العراق السياسي والثقافي . إن هذه النزعة الصوتية الطاغية في الشعر العراقي هي في إحدى ملامحها تعبر عن اعتزاز كبير بالشعر العراقي الذي هو أحد روافدوالوجدان العراقي وأيضاً طريقة أو أسلوب بقاءه حياً وشاهد على العصر وصيرورته ، ومن هنا سلطنا الضوء على هذه الظاهرة في الشعر العراقي الذي نعتز بمنجزه وفي كل الحقب ونحترم تضحيات الشعراء الذين ضحوا بحياتهم أو الذين تعرضوا للاضطهاد في سبيل أن يبقى الشعر العراقي حياً وخالداً مع الزمن كرافد من روافد الإنسانية السامية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس