الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وطن ومواطن

فراس جابر

2006 / 6 / 15
القضية الفلسطينية


لم يعد الوطن مريحاً ليتسع للمواطن على رحابته، هذا الوطن المقسوم اجزائاً واحتلالاً، والمقسوم ضفةً وغزةً، ومئات أخرى من التقسيمات التي تراكمت موضوعياً وذاتياً طيلة سنين نضاله وكفاحه لتحقيق استقلاله، أضُيف إليها تقسيما جديداً مركباً، تقسيماً مؤسساتياً، وفصائلياً، توجب أثر الانتخابات التشريعية الثانية التي جرت على أجزاء من هذا الوطن المقسم، مفصلاً بتقسيمات أخرى؛ مؤسسة الرئاسة، وأخرى للوزارة، مؤسسة أمنية وأخرى تنفيذية، مؤسسة مالية، وأخرى صندوقية، موظف يتقاضى وأخر لم يتقاضى.
لم تبقي هذه التقسيمات مكاناً لأحد رغم رحابة هوية الوطن وضيق جغرافيته للمواطن، فلم يجد متسعاً له غير الهروب إلى نفسه، شاكياً كابتاً مما يراه ويسمعه، برغم ضيق صدره بما فيه، فهو يرى تنازعاً على المواقع السلطوية التي تمتد مساحتها لو فردت لشملت مساحة أكبر من مساحة الوطن، ويرى بذات الوقت هجوماً ممنهجاً من الدولة الصهيونية لانتزاع ما تبقى من ارض فلسطين، التي لم يعد احد يذكرها في ظل حروب السيطرة والسيادة، وكأننا في دولة حرة ما بقي عليها هو صراع الأحزاب للسيطرة على مواقع القوة. تلك الحروب التي ناضل "الوطن" طويلاًَ من اجل تجاوزها لمصلحة حربه السامية لتحرير "نفسه" من براثن أعداءه، ليختلف عليه الزمان والمكان، وتنعكس تماماً وجهة مسير "الوطن" من اجل تناسي حربه السامية، وانشغاله بأخرى ذاتية ليس لها متسع في تاريخه.
وما يستثير المواطن أكثر، هو استغلال الأوضاع الاقتصادية الحرجة لهجوم أحد الطرفين على الأخر، فإذا سكت عن المطالبة براتبه رغم ضيق الحال وتواضع الإمكانيات فأنه يميل لصالح هذا الطرف، وإذا طالب به فأنه يميل إلى الطرف الأخر، والمضحك المبكي أن الرصاص الذي أطلق في قطاع غزة في الهواء، وعلى المتصارعين من حركتي حماس وفتح يكفي لشراء أدوية لمستشفى مثل الشفاء التي نفذ مخزونها من الأدوية رغم أنها أكبر مستشفى في القطاع، وربما يبقى نقوداً تكفي لتوفير مستلزمات أخرى.
وهذا يؤكد أننا شعب نملك الإمكانيات حين نريد لتوفير الأساسيات "الرصاص "لمقارعة الاحتلال"، ولا نملك الإمكانيات لتوفير "أدوية" لمعالجة مصابي المواجهات المسلحة بين حماس وفتح.
ماذا بقي للمواطن كي يستنجد به، وما هي أفضل آماله في ظل هذا الوضع الداخلي، أيهرب إلى دولة أخرى، أم يسكت عن ما يراه ولا يعجبه بالتأكيد، أم يبقى منفرداً مهتماً بشؤونه تاركاً الوطن لمواطنين آخرين جاؤوا من بعيد، ويعود لاجئاً ثقافياً وروحياً في وطنه غير المشخص.
والتساؤل المشروع الذي يستطيع هذا المواطن طرحه، لمصلحة من هذا التنازع على المواقع والسلطة في وطن لا يملك أعلى رؤوسه القدرة على منع هدم بيت أو اقتلاع شجرة.
أليس من الأفضل لهذا الوطن وذلك المواطن أن يتحدا لدرء أي خطر عنه، ولحماية الهوية الوطنية الفلسطينية التي تشكلت بفعل دماء وسنين كثيرة من التضحيات، خوفاً من تشكل فردي "ومشخصن" للهوية مبني على المصلحة الذاتية ولو على حساب هذا الوطن، وهؤلاء المواطنين! ويبنى على هذا تحويل الصرخة الداخلية إلى صرخة عالية مدوية تيقظ من نسي أين هو، وما هو سبب وجوده الأساسي، صرخة تستوقف كل "شخص" عند حده خوفاً على الوطن، ومن عواقب تجاوز هذا المواطن، الذي اكتسب صفته ليس بحكم امتلاكه لجواز سفر، ولا لحيازته سيارة جديدة، وبضع مرافقين، ومكتب فاخر، بل بحكم انتماءه وتضحيته ووجوده على ارض هذا الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع