الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرجوازية الوضيعة : من الردة إلى الانهيار !! - الجزء الثاني-

عبدو المراكشي

2020 / 4 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


البرجوازية الوضيعة : من الردة إلى الانهيار !!
- الجزء الثاني -
أكيد أن المؤتمرات العشرين والحادي والعشرين والثاني والعشرين للحزب الشيوعي السوفياتي ، كانت حاسمة في قلب الموازين لصالح البرجوازية الوضيعة على الصعيد العالمي ، ومهدت الطريق أمامها لإنهاء الثورة الاشتراكية العالمية وثورات التحرر الوطني ، وإدخال العالم كل العالم في فوضى عارمة ، وفي نفق مظلم يقود الى المجهول ……
فمع بداية السبعينات ، وبعد حصول مجموعة من المستعمرات السابقة على استقلالها ، اختنقت الراسمالية العالمية بالفائض من الانتاج ، و لم يعد بمقدورها تصريفه في بلدان الاطراف . وأصبحت بذلك بلدان المركز الرأسمالي تعيش على وقع أزمة خانقة " أزمة فائض الانتاج " ، هي من قرر بالنهاية مصير الراسمالية العالمية ورسم الخريطة الجيوسياسية للعالم الماثل أمام أعيننا اليوم . لم يكن هناك من مخرج من هذه الازمة الطارئة والحادة ، سوى توسيع عملية الاقتراض وتسهيل شروطها لصالح البلدان النامية و من جهة ثانية تشجيع الاستهلاكية وانتاج الخدمات على حساب الانتاج البضاعي ، وهو ماسمح للانتاج الفردي بالتمدد والتغول ، واحتلال مساحة واسعة في اقتصاديات بلدان المركز الرأسمالي سابقا .
تغول الانتاج الفردي الخدماتي على حساب الانتاج البضاعي الجمعي ، دفع اعدادا كبيرة من الطبقة العاملة الى التخلي عن الانتاج البضاعي والدخول الى الانتاج الفردي ، كما سمح كذلك لقطاعات واسعة من الطبقة الراسمالية بالتحول الى " طبقةّ" طفيلية تعتاش على حساب جميع طبقات المجتمع ، و تستثمر في سوق البورصات والابناك والمضاربات المالية . هذا الوضع الجديد أحدث تغييرا عميقا في البنى والهياكل الاجتماعية داخل بلدان الراسماليات الكلاسيكية ، وسمح لللطبقة الوسطى بأن تحل مساحة شاسعة على حساب باقي طبقات المجتمع ومكنها من التغول وتسخير جميع اجهزة ومؤسسات الدولة لصالحها . ظهر تناقض جديد لم تعرف البشرية مثيلا له من قبل وهو تناقض بروليتاريا – طبقة وسطى وأصبحت الصراعات الطبقية تدور على حلبته !!!
انهيار العوالم الثلاث ، عالم الثورة الاشتراكية وعالم ثورات التحرر الوطني وعالم الرأسمالية ، أدى بالنتيجة الى ميلاد عالم جديد تقوده "طبقة " طفيلية لاتمتلك برنامجا سياسيا واجتماعيا حقيقيا . عالم قائم على أوراق خضراء مزيفة لا قيمة حقيقية لها وأصبح مصير الاقتصاد االدولي والمجتمعات البشرية ، يعتمد بشكل عميق على مستقبل واستقرار الدولار وأصبحت جل الأسواق العالمية تعتمد في معاملاتها على الدولار في الواردات والصادرات.....

بدأ الدولار يحتل هذه المكانة الهامة في الاقتصاد الدولي منذ اتفاقية "بريتون وودز" سنة 1944 ، حيث تم اقرار نظام مالي وافقت بموجبه الدول الصناعية الكبرى على وضع سعر معين لنقدها المحلي بالاستناد إلى الدولار الأمريكي ، و ربط الدولار الأمريكي بقاعدة الذهب "35 دولاراً للأونصة الواحدة" .
وقد قدر احتياطي الذهب عند أمريكا آنذاك بالثلثين ، وباقي دول العالم بالثلث الباقي . ولكن استمرار ضعف ميزان المدفوعات الأمريكي بسبب الانفاق الخارجي وحرب الفيتنام ، أدى إلى ضعف الاحتياطي من الذهب الأمريكي ، بحيث انخفض ما بين 1961 و1970 إلى ما يقارب خمسة مليارات دولار. ومن أجل الحفاظ على المخزون الذهبي لأمريكا قرر الرئيس الأمريكي نيكسون في عام 1971 ، وقف تحويل الدولار إلى ذهب معلناً انتهاء نظام ربط الدولار بالذهب .

اليوم يهيمن الدولار الأمريكي الغير مغطى بالذهب على المعاملات العالمية ، و أصبح يعمل كوسيط في معاملات لا حصر لها ، تصل إلى أكثر من 5.4 تريليون دولار في اليوم . وبلغت حصة الدولار في احتياطيات 146 بنكاً مركزياً على مستوى العالم أكثر من 64 % من مجموع احتياطي العملات لتلك البنوك ، فيما استحوذ اليورو على 20% منها ، بينما لم تتعد مساهمة الين الياباني والجنيه الإسترليني الـ5% ، أما اليوان الصيني فلم يتجاوز احتياطاته في تلك البنوك 108 مليار دولار أمريكي مشكِّلة بذلك نسبة تقل عن 1% عام 2018. وقد ترتب على قوة الدولار الاقتصادية هذه ، أن أصبحت أمريكا قادرة على معاقبة الدول اقتصادياً ومالياً ، بل أيضاً على ثني البلدان الأخرى ومنعها من التجارة مع البلد المستهدف من خلال نظام (SWIFT): (الاتصالات السلكية واللاسلكية العالمية بين البنوك) ، بحيث لاتستطيع أي دولة أن تبادل سلعها وخدماتها بعملاتها المحلية ما لم تتم تسوية المعاملات بالدولار عبر نظام (SWIFT)...
لكن تراكم المديونية الأمريكية عبر عقود من الزمن ، قد أوصل البلاد إلى مأزق مالي حاد جدا ، وهو ما سماه بولتون بالخطر على الأمن القومي . وأمام هذا الواقع ، أضحى هامش المناورة المتبقي أمام الولايات المتحدة الأمريكية ، هو ضخ المزيد من السيولة (طباعة المزيد من الدولارات المزيفة ). علما أن ضخ السيولة بالكميات التي تفي بتمويل الدولة ومتطلبات الحياة اليومية للشعب الأمريكي ، ناهيك عن سداد ديونها ، سيؤدي حتما الى انهيار الدولار، أو ما سماه وزير الخزانة الأمريكي "دولارا ضعيفا"، وهو مايعني بالضرورة فقدان جميع دول العالم التي تتعامل بالدولار ، فقدانها لجزء هام من ثروتها . "دولار ضعيف " حسب تعبير وزير الخزانة الأمريكي لايعني شيئا سوى كونه مقدمة ل"انهيار الدولار " حتى القاع ، وهو ما ستعجل به الكرونا على الأمد القريب !!!
..........يتبع .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الرفيق العزيز عبدو المراكشي
فؤاد النمري ( 2020 / 4 / 29 - 15:31 )
لك الشكر الجزيل على هذا التحليل الماركسي للنظام الدولي القائم
ومع ذلك أرجو أن تسمح لي بالإشارة التي قد تكون محل اعتبار من قبلكم

معاهدة بريتون وودز لم تضف أدنى قيمة للدولار وقد اشترطت الغطاء الذهبي لمختلف النقود بنسبة 15 - 20% من قيمتها بالذهب ومذاك كان الدولار أحد العملات الخمسة او الستة الصعبة حتى نهاية الستينيات
ما حدث قبل بداية السبعينيات هو انهيار النظام الرأسمالي في آخر حصن من حصون الرأسمالية وهو الولايات المتحدة
بانهيار الرأسمالية العالمية سقطت جميع العملات بما في ذلك الدولار
نظرا لفروغ مختلف النقود من أية قيمة بضاعية أصبح الدولار هو ملك العملات وغطاءها
ما كان الدولار ليكسب قوته الساحقة اليوم لو كان ذا قيمة معلومة
يستذكر في هذا الحال الملك الذي خرج على حصانه عاريا ولم ير عريه إلا أحد الأطفال
لعلنا أنا وأنت طفلان لماركس

تحياتي البولشفية


2 - الرفيق فؤاد...
عبدو المراكشي ( 2020 / 4 / 29 - 22:48 )
تحيتي العالية لك وشكرا على الاشارة القيمة التي تفضلت بها اغناءا للموضوع ...واتمنى ان تكون في تمام الصحة والعافية وطول العمر .... بانهيار النظام الراسمالي العالمي في بداية السبعينات فقدت مختلف النقود قيمتها البضاعية وسقطت سقوطا مدويا بما في ذلك الدولار وهذه حقيقة لايمكن ان ينكرها سوى جاحد أو جاهل ...تحيتي


3 - الرفيق العزيز عبدو
سعيد زارا ( 2020 / 4 / 30 - 22:10 )
تحياتي البولشفية


في انتظار الجزء الموالي


تحياتي


4 - الرفيق سعيد...
عبدو المراكشي ( 2020 / 5 / 1 - 01:00 )
تحيتي لك ...الجزء الاخير سينشر قريبا ....


5 - التناقض الرئيس
رائد محمد نوري ( 2020 / 5 / 5 - 14:42 )
تحية طيبة:
قد أكون مستعجلاً لكنك تحدثت رفيقي عن تناقض بين البروليتاريا والطبقة الوسطى ترى هل بمقدور البروليتاريا التي أكل من جرفها التطور التقني وحولها إلى طبقة ضعيفة أن تخوض الصراع وحدها ضد منتجي الخدمات؟
أليس الأسهل عليها التحول إلى برجوازية وضيعة من أن تدافع عن هويتها الطبقية؟
ماذا عن الرأسماليين؟
ألا يطالهم التدمير الممنهج الذي تمارسه البرجوازية الوضيعة؟
تحياتي


6 - التناقض الرئيس اليوم
سعيد زارا ( 2020 / 5 / 5 - 16:13 )
الرفيق العزيز رائد تحياتي البولشفية بعد اذن الرفيق عبدو تعليقك تسلسل 5

انت تعرف جيدا ان الخدمات لا تنتج قيمة تذكر و ان الوضع الشاذ الذي نعيشه و هو تسيد البورجوازية الوضيعة منتجة الخدمات تلفظ انفاسها لانها استنزفت البروليتاريا لاخر رمق و لان البورجوازية الوضيعة هي الطبقة العريضة في المجتمعات الحالية و هي غارقة في الاستهلاك المفرط فهي بهذا تنجر بدون ارادتها الى الانهيار فالتلاشي عندها سيكون عكسما تفترض هو الصحيح. ستضطر مجتمعات البورجوازية الوضيعة المنهارة و المتلاشية الى ان تتحول الى شغيلة و هي الوسيلة الوحيدة لاطعام كافة اعضاء المجتمع لتستمر رحلة الانسنة. .
و هنا تاتي اهمية الوعي الماركسي بالمرحلة و التنوير الاصيل لتحصين رحلة الانسنة و مرافقتها في ضوء الفحص العلمي الدقيق لكل تغير طارئ نحو بر الامان -الشيوعية- و الا غرقت في ظلام الهمجية
تحياتي


7 - سعيد
رائد محمد نوري ( 2020 / 5 / 6 - 10:57 )
رفيقي سعيد تحية طيبة:
المقال يتحدث عن برجوازية قلقة سادت بعد تعطيل قانون التطور، كيف لهذه البرجوازية التحول إلى شغيلة في عصر ينفي فيه التطور التقني دور اليد العاملة؟
أم إنك تلمح إلى استيلاء هذه الطبقة المنحدرة إلى البروليتاريا على وسائل الإنتاج؟
دعنا نرَ ما يقول رفيقنا عبدو في تتمة مقالته.
تحياتي البولشفية


8 - الرفيق سعيد والرفيق رائد
عبدو المراكشي ( 2020 / 5 / 12 - 02:51 )
بداية تحيتي البلشفية لكما على مواصلة الحوار القيم الذي تعذر علي مواصلته معكم ومع القراء نظرا لظروف شخصية طارئة لاتدعو الى القلق ....أتفهم الأسئلة الجوهرية التي يطرحها الرفيق رائد وهي ذات اهمية قصوى في انارة الطريق أمام أي عمل شيوعي حقيقي .....على أي أدعوكما الى التفاعل أكثر في الجزء الثالث والأخير والذي سأحاول جاهدا نشره قريبا ......تحيتي رفاقي

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس