الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات صغيرة في الحجر الصحي -7- سناء تفكك حروف -الكورورنا-

محمد البوزيدي

2020 / 4 / 29
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


يوميات صغيرة في الحجر الصحي -7-
سناء تفكك حروف "الكورورنا"
وضعت سناء رسم الكورورنا الذي أنجزته قبل أيام على الطاولة، تأملته بعمق ،وطرحت سؤالا :هل يمكن التلاعب بالكورونا ؟
سمع الأب السؤال ،فسألها ،كيف يا بنيتي ؟
أبي أقصد التلاعب بالحروف المشكلة لها، وحين نتلاعب بها فإننا ننتقم منها رمزيا على الأقل بعد أن انتقمت منا واقعيا وهزمتنا بشكل مريب لحد اليوم.
وزعت سناء بمقص حروف الكلمة، وشرعت في تركيبها أمام الأب الفاغر فاه من تفكير ابنته.
إن هذه الكلمة يا أبي لعجيبة جدا، فهي تتشكل من متناقضات، وتحتوي على تكرار ،وتتضمن كلمات لو أضيف لها حرف معين لكانت نعم الوصف الدقيق لها .
فقد تضمنت تكرارا لحرف الواو الذي يشبه السوط في شكله،وبهذا فهي تواصل رفعه على البشرية من خلال الفتك اليومي بها وإرسال الناس إما للمستشفيات أو للمقابر أو لمنازل الحجر الصحي وهم منهارون نفسيا .
وكما هي فعلا، فهي تحتوي على كلمة نار،وما عرفناها منذ ظهورها إلا نارا تحاول حرق الجميع، لا تميز بين جنس ونوع بشري، ولا بلد ولا قارة ولا....لكن في المقابل تحتوي على كلمة نور، وقد أنارت لنا فعلا طريقا آخر في الحياة خاصة في توظيف التكنولوجيا وإعادة النظر في مساراتنا وعلاقاتنا ..لقد دفعت بنا النار إلى أن نفتح فيها النور، فمتى يتغلب النور على النار؟
الكورونا تتضمن كذلك نواسخ حرفية وفعلية ، فحرف إن للتأكيد أن الوباء مازال قائما ،و كان الفعل الماضي الناقص الذي سيوظف لوصف ما جرى وكيف جرى ، وفي مرحلة قادمة سنبقى نعبر عن الوباء بكان ،وكنا .
الكلمة العجيبة تتضمن ضمائر بصيغة المفرد وبصيغة الجمع ،فكلمة "أنا" تعود لها، إنها أنانية تصر على البقاء قسرا وعنوة في حياتنا ،لكن ضمير الجمع "نا" يعبر عن اتحاد الجميع للمواجهة و انخراط الكل للتصدي لها كل من موقعه .وأكيد أن نون الجماعة اتحد مع "أنا" المفرد للهجوم الجاري على الكورونا.
الكلمة تضمنت الزمان والمكان ،فأوان للزمان، والركن للمكان ،لكن لايمكن تحديد الزمان ولا المكان الخاص بهذا الوباء الذي ينتقل من بلد لآخر وممتد في الزمان الذي انطلق قبل أربعة أشهر ليغمر بوحشيته كلمة تتشكل منها الكورونا وهو الكون لقد غمرت الكورونا الكون وبعثرت كل أركانه.
كان الأب يتأمل ابنته وهي تواصل الحديث، فسألها، وماهي الكلمات التي لو أضيف لها حرف لكان وصفا دقيقا ؟
رفعت سناء صوتها،وأعادت ترتيب الحروف في يديها ، الأمر بسيط جدا ، فحرف التاء مهم لو أضيف إليها لتشكيل كلمات تختزلها جيدا .
فالكورونا كرة تقفز هنا وهناك ،وتصيب هذا وذاك ،مما فرض التباعد الاجتماعي والبقاء بعيدا عن المصابين، ملعبها الكرة الأرضية، لا توقيت ولا حكم للمباراة، أما لاعبو الكرة وجمهورها فهم الضمائر المشكلة من داخلها "نا" و"أنا" وكل واحد معني باللعبة حتى إشعار آخر .
كما أن الكورونا نكرة لو أضيف حرف التاء، فمن يحدد طبيعتها التامة؟ والعالم منقسم لغياب تحديد موحد بين من يقول سببه هذا وسببه ذاك، ومن يدري أن الفيروس مصطنع أو لا ، و لأنها كذلك كان طبيعيا ألا تكون معرفة ولو كانت معرفة لتخلص العالم منها بلقاح أو دواء.
وهي ركام لو انضاف إليها حرف الميم ،فقد خلقت ركاما هائلا من الخسائر البشرية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية وهلم جرا ،وستواصل ترك المزيد من الركام مع كل يوم يتأخر فيه الدواء أو اللقاح .
حرف الميم أخلف الموعد ، فلو كان حاضرا لأتم كلمة منكر، فاللهم إن هذا لمنكر من هذا الوضع .
قبل أن تتمم سناء فكرتها هب الأب من مكانه للخروج ،نادته سناء ،أبي نسيت أن أخبرك أن حرف الدال فر بجلده عن الكورونا حتى لا يتم تشكيل كلمة ورود ،لأنها أبعد ماتكون عن ذلك، فالورود لا تقتل، بل تنثر الروائح العطرة وتنبئ بالربيع القادم ،فرغم أن الفصل ربيع فلا شيء ينبئ عن ذلك يا أبي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تناور.. «فرصة أخيرة» للهدنة أو غزو رفح


.. فيديو يوثق اعتداء جنود الاحتلال بالضرب على صحفي عند باب الأس




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات القصف الإسرائيلي في جميع مدن ق


.. حماس: تسلمنا المقترح الإسرائيلي وندرسه




.. طالب يؤدي صلاته وهو مكبل اليدين بعدما اعتقلته الشرطة الأميرك