الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هاني أبو المجد

علي دريوسي

2020 / 5 / 2
الادب والفن


أما هاني أبو المجد فقد كان رجلاً بما تعنيه الرجولة، كريماً رغم فقره، يحب الكيف والمتعة والحياة، يشرب الخمر كل يوم بعد عودته من عمله في المرفأ، وكانت زوجه الأولى شهيرة ذات الوجه الأسمر الداكن بخيلة ونقَّاقة كضفدع، تكيل له الدعوات اللئيمة الحاقدة في الأوقات الخمسة كل يوم، تدعو لربها مراراً كي يُصّير العرق سماً يسري في شرايين زوجها، وكان هاني يبتسم بوجهها متجنباً خلق مشكلة يسمع بها الجيران.

صبر عليها طويلاً إلى أن حصل وتُوفي زوج فتنة، ابنة عم والده. كانت فتنة معجبة منذ زمن برجولة هاني وشبابه وطلته، نصبت له أكثر من مرة وكتبت له عند المشايخ وحرّاس المقابر طويلاً إلى أن أوقعته في أحابيلها، بعد أن تزوجها هاني هجر زوجته شهيرة تاركاً لها البيت الصغير لتعيش فيه مع أولاده الذكور التسعة وبنى لنفسه وفتنة بيتاً بالقرب منهم.

صارت فتنة تُجهد نفسها لاحترام طقوسه اليومية، تطبخ له طعام العشاء كل مساء، تصبُّ له كؤوس العرق وتقف على خدمته مثل جارية، كانت تبدو في وقفتها كأن العنز تأكل عشاءها، وإذا ما فرغت الزجاجة دون أن يشعر هانيها بالإكتفاء، كانت جاهزة لتذهب في المساء المتأخر لتبتاع لهما ليتراً عرقاً، تدُقّ الأبواب على أصحاب الدكاكين ليلاً كي يفتحوا لها ويبيعونها العرق.

لم تكن تتركه يشرب وحيداً، تجلس مقابله أو تدحمل بجانبه، تتعلق بذراعه بكلتا ذراعيها، تسامره وتغنجه، تُخرج ثعبانه من فتحة سرواله الداخلي، تلاعبه وتغطّس رأسه في كأس العرق، تفرك عنقه براحة يدها حتى تسري الدماء في عروقه فينتفخ ويشرئبّ، يثور وينتفض ويلهث ثم يستسلم للرقاد. حينها تمتدّ يد هاني إلى الكأس الأخيرة فيجرعها حتى الثمالة، يكز على أسنانه الصفراء مكشراً فتلمع سنه الذهبية، يحسّ بالغبطة تسري في مسامه دون أن يُعلن عنها، يعصر عينيه لوهلة باحثاً عن الطريق الأقصر إلى سريره المعدني، في الوقت نفسه يلمح ابنة عمه فتنة تنظر إليه ممراحة الجفون وهي تقول بحبور داخلي: بالصحة والهناء يا ابن عمي، إن شاء الله مبسوط؟ ثم يرين عليهما صمت لا يعكّره إلا صرير الصراصير التي لطأت بين الأعشاب وفي جذوع شجرات الزيتون القليلة في حديقة بيتهما الجديد.

أصبحت فتنة مع الأيام ملاذه وعالمه المفضّل وبقي متمتعاً بصفة الكرم وحسن الضيافة وحب الحياة والاقتصار عن المشاكل حتى وافته المنيَّة. لم تنجب فتنة له، كانت عاقراً، لكن هذا لم يهم هاني على الإطلاق، فقد كان حتماً فخوراً بأولاده الذكور التسعة من زوجته الأولى شهيرة، الذين تمكّنوا رغم ظروف الفقر والتشرد والحرمان من بناء مستقبلهم وتكوين عائلاتهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج