الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام الرأسمالي النيوليبرالي المتوحش يحل أزماته على حساب الطبقة العاملة في بلدانه

عليان عليان

2020 / 5 / 2
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية


يحل يوم العمال العالمي في ظل أزمة وباء " كوفيد 19 – كورونا" التي أودت بحياة ما يزيد عن ( 250) ألفاً ،وإصابة ما يزيد عن ثلاثة ملايين شخص في العالم ، وأدخلت الاقتصاد العالمي في حالة من الركود، الذي تتجاوز آثاره وتبعاته أزمة 2008 المالية والاقتصادية الكبرى ، وربما يكون أخطر من الكساد الكبير الذي عصف بالعالم من بوابة انهيار البورصة الأمريكية ( 1929- 1933).
وما يجب الإشارة إليه هنا أن العالم يعيش أمام ركود مضاعف ، الأول ناجم لجوء الدول الرأسمالية والاحتكارات المصرفية إلى المبالغة في سياسات التيسير الكمي وإلى خفض أسعار الفائدة لتجاوز تداعيات أزمة 2008 ، بهدف دعم أسعار الأسهم عبر زيادة عرض الأموال الرخيصة للغاية بشكل كبير في الأسواق المالية، ما أدى إلى نمو بالغ لجميع أشكال الديون على نحو يفوق بكثير الديون، التي نجمت مباشرة عن أزمة 2008 ، لنكون أمام ركود ينتظر صاعق التفجير .
وجاءت أزمة وباء كورونا لتفجر أزمة ولتخلق أزمة ركود جديدة الناجم عن إغلاق الاقتصاد في معظم دول العالم، منذ الاعلان عن تفشي الوباء في ديسمبر – كانون أول 2019 ، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في البطالة على مستوى العالم، على نحو قد يفوق بكثير حجم البطالة الذي نجم عن الكساد الكبير في مطلع ثلاثينات القرن الماضي ، فعلى سبيل المثال لا الحصر فإن نسبة البطالة في الولايات المتحدة تجاوزت 16 في المائة وأن عدد العمال الذين تقدموا بطلب الحصول على إعانات تجاوز 22 مليون عامل ، وفي ألمانيا بينت وكالة العمل الاتحادية أن عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا ارتفع بنسبة 13,2 بالمئة في نيسان/أبريل الجاري بسبب وباء كوفيد-19، وذلك في أكبر زيادة خلال شهر منذ 1991، حسبما أكدت وزارة العمل الألمانية أيضاً....أما بخصوص دول العالم الثالث ، فتشير التقديرات بأن نسبة البطالة فيها تفوق بكثير نسبة البطالة في الدول الصناعية الكبرى، رغم عدم توفر إحصاءات دقيقة بشأنها
الطبقة العاملة تدفع الثمن
ولو استعرضنا السياق التاريخي لكل الأزمات التي عصفت بالنظام الرأسمالي لرأينا أن الطبقة العاملة هي من تدفع الثمن، من خلال البطالة وخفض الأجور وخفض الانفاق الاجتماعي وضرب العمل النقابي..ألخ .
ففي أزمة الكساد الكبير ( 1929-1933) كانت مجاميع العمال في الولايات المتحدة في وضعية بطالة هائلة ، إذ وصلت البطالة في الولايات المتحدة مع مطلع الأزمة آنذاك ، إلى أكثر من سبعة ملايين عاطل عن العمل ، يبحثون عن غذائهم في حاويات القمامة ، وبلغت البطالة في بريطانيا ما يزيد عن مليون عاطل عن العمل ، وفي فرنسا زهاء نصف مليون.
وفي تلك الفترة رفض المرشح الجمهوري للرئاسة هربرت هوفر ، طروحات كينز بشأن إعادة الاعتبار لدور الدولة والقطاع العام ،وأصر على البحث عن حلول لصالح رأس المال على حساب الطبقة العاملة.
وفي مجمل الأزمات منذ عام 1970 وحتى أزمة 2008 تم اجتراح الحلول على حساب الطبقة العاملة والفئات الدنيا من البرجوازية المتوسطة ومدخراتها البسيطة ، هكذا كان الحال في الأزمة النقدية والمالية الدولية في مطلع سبعينات القرن الماضي ، والأزمة المالية الأمريكية (1974- 1975) ، وأزمة " وول ستريت 1987" ، وأزمة أسواق المال اليابانية عام 1990 ، وأزمة المكسيك (1992-1994) ، وأزمة الأسواق المالية في شرق آسيا ( 1997-2000) وغيرها من الأزمات.
وفي أزمة 2008 ، التي انعكست بشكل كبير وخطير على الطبقة العاملة في كل أرجاء العالم لجأت الدول الرأسمالية إلى حل مشكلة البنوك والشركات المفلسة عبر ضخ مئات المليارات لإنقاذها على حساب دافعي الضرائب من العمال وغيرهم ، كما أدت الأزمة إلى زيادة نسبة البطالة في العالم، إذ إنه وفق تقديرات منظمة العمل الدولية فقد العالم (51) مليون وظيفة في عام 2010 نتيجة الأزمة المالية العالمية ، دون تقديم إعانات مالية تذكر لهم.
والآن وفي ظل أزمة وباء كورونا تقوم الدول الرأسمالية ودول العالم الثالث التي تدور في فلكها في سياق التبعية ولمؤسسات التمويل الدولية ، تتدخل لصالح إنقاذ البنوك والاحتكارات الرأسمالية من تداعيات الركود الحالي – والذي قد يمتد لسنوات عديدة- دون أن تعير أدنى اهتمام حقيقي بطوابير الملايين من العاطلين عن العمل، ناهيك أنها في إجراءاتها للخروج من الأزمة أو للتخفيف من حدتها ، تنحاز بشكل كامل لرأس المال من خلال دفع ربع أو ثلث الراتب والأجر للعمال الذي كانوا يتقاضونه سابقاً قبل أزمة كوورنا ، رغم فائض القيمة المتحقق من الأجور السابقة على الأزمة.
وفي بعض دول العالم العربي، لجأت بعض الشركات في ظل أزمة كورونا ، إلى تقديم طلب للحكومات للحصول موافقتها، بشأن إغلاق مؤقت لأعمالها لمدة تصل إلى سنة ، لتتجنب دفع الأجور للعاملين فيها ، وإحالة العاملين فيها إلى مؤسسات الضمان الاجتماعي التي تتفنن في ابتزازهم عبر دفع أجر أقل من أجر حد الكفاف لهم ،بحكم أن أصحاب العمل طرف أساسي ومهيمن في مجلس إدارة هذه المؤسسات، إلى جانب الدولة والنقابات الأرستوقراطية التي لا تمت لمصالح العمال بصلة.
بؤس أوضع العمال بأزمات وبدون أزمات
ما يجب الإشارة إليه في يوم العمال العالمي أن أوضاع العمال في العالم الثالث وفي الدول العربية على وجه التحديد غاية في البؤس ، حتى قبل ظهور أزمة كورونا من حيث ارتفاع معدلات البطالة وعدم توفر فرص العمل ،وانخفاض الرواتب والأجور ، التي لا تتلاءم مع ارتفاع مستويات المعيشة والتضخم الكبير في بلدانهم ، وعدم توفر شروط العمل اللائقة، ناهيك عن عدم توفير الرعاية الصحية والاجتماعية لهم ، جراء التزام هذه الدول بتعليمات صندوق النقد والبنك الدوليين في خفض الانفاق الاجتماعي على الصحة والتعليم وسائر الخدمات الاجتماعية ، وكذلك فإن العديد من النقابات مرتهنة ضمناً لرأس المال وللحكومات ، ولا تمثل الطبقة العاملة لا من قريب ولا من بعيد.
لقد جرت العادة في العديد من دول العالم الثالث وفي معظم الدول العربية – مع بعض الاستثناءات - أن تقوم الحكومات واتحادات النقابات العمالية المرتبطة بها ، بإحياء هذا اليوم عبر قيام رجال الحكم – الذين هم مجرد أدوات بيروقراطية لخدمة رأس المال – بإلقاء الخطابات الرنانة الزائفة ، التي تشيد بدور الطبقة العاملة في بناء البلدان وتطورها ، دون الإتيان على ذكر حقيقة أن هنالك حفنة من الرأسماليين ، تمارس الاستعباد الطبقي للعمال في قضية " فائض القيمة" والأجور دون حد الكفاف ، وظروف العمل ، ساعات العمل ألخ .
لكن ما يبشر بالخير أن العالم بات يشهد نضالاً عمالياً وطبقياً في العديد من العواصم ضد النظام الرأسمالي النيوليبرالي ، عبر المطالبة بزيادة الأجور وخفض الضرائب على العمال وزيادتها على الطبقة البرجوازية ، وخفض أسعار المواد الأساسية وعلى رأسها الوقود ، ناهيك أن النضال الطبقي في العديد من البلدان بدأ يرفع شعار إسقاط سلطة رأس المال .
العمال والربط بين النضالين الوطني والطبقي
وفي التقدير الموضوعي أن إحياء يوم العمال العالمي في بلداننا العربية ، لا يكون بتقديم الفتات للعمال ، أو بتنظيم الرحلات الترفيهية لهم ، أو بتوزيع الحلوى ، إنما بالتركيز على ما يلي :
أولاً : الربط بين النضالين الوطني والطبقي لأن معركة التحرر الوطني لم تكتمل بعد ، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ، أن التبعية السياسية والاقتصادية لهذه الدولة أو تلك لدول المركز الرأسمالي وللصندوق والبنك الدوليين ، مسؤولة إلى حد كبير عن البؤس الذي يلحق بالجماهير الشعبية وبالطبقة العاملة ، ما تتطلب أن تنخرط الطبقة العاملة في النضال ضد القوى الاستعمارية وضد الكيان الصهيوني ، وضد القوى الرجعية المرتبطة بهما.
ثانياً : حتى لا يختلط الحابل بالنابل، وحتى لا يظهر النظام الرأسمالي أو الكومبرادوري ، وكأنه حريص على الطبقة العاملة ، وهو الذي يشرع القوانين لاستعبادها ،
لا بد من إعادة الاعتبار للتعريف العلمي الماركسي للطبقة العاملة ، من أجل الفرز ما بين العامل والبرجوازي الصغير والبرجوازي الكبير أو التابع ، إذ نلاحظ أن اتحاد نقابات العمال في دول العالم الثالث، ينضوي في إطارها طبقة المدراء وفئات مرتفعة الدخل من البرجوازية المتوسطة.
فالطبقة العاملة وفق كارل ماركس والاقتصاد السياسي للرأسمالية، تتكون من أولئك الذين لا يملكون إلا قوة عملهم ليبيعوها للرأسمالي، الذي يخضعها للرأسمالي: أي يستخدمها في إنتاج فائض القيمة في التراكم، في توسيع الرأسمال. . فالعامل في عصر الرأسمالية يعمل لينتج فائض القيمة – العمل غير المدفوع – الذي يواجهه فيما بعد في شكل رأسمالي.
ثالثاً : التأكيد على النضال النقابي المستقل عن السلطات الحاكمة ، إذ أن اتحاد نقابات العمال في معظم دول العالم الثالث – تقدمية كانت أم رجعية- هي امتداد لأنظمة الحكم ولا تخرج عن توجهاتها وسيطرتها ، ما دفع الطبقة العاملة في هذا القطر أو ذاك للتمرد على هذه الصيغ الشكلية ، وتأسيس نقابات عمال مستقلة ، التي تلعب دوراً مركزياً في التحذير والتعبئة ضد الارستوقراطية النقابية التي تبيع العمال ومصالحهم مقابل امتيازات ممنوحه لها من القوى البرجوازية .
رابعاً: التأكيد على الأجور الحقيقية للعمال ( التأمينات الصحية والاجتماعية) إلى جانب الأجور النقدية وعلى ظروف العمل المناسبة ( المكان الملائم ، ساعات العمل ، ظروف العمل من حيث الإضاءة والتهوية ، الضمان الاجتماعي ألخ.
في يوم العمال العالمي لا بد من إعادة الاعتبار لشعار " يا عمال العالم وأيتها الشعوب المضطهدة اتحدي".
خامساً : النضال ضد التبعية الاقتصادية وضد الارتهان لصندوق النقد والبنك الدوليين وتعليماتهما المستندة إلى وثيقتين ليبراليتين أساسيتين وهم " تفاهم واشنطن وتقرير ليبراسيون" واللتان تؤكدان في " روشتة " الاصلاح كشرط لمنح القروض لدول العالم الثالث على الحد من برنامج الانفاق الاجتماعي، وعلى الخصخصة وبيع القطاع العام والحد من دور التنظيمات النقابية.

انتهى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي... ابن لمغربي حارب مع الجيش الفرنسي وبقي في فيتنام


.. مجلة لكسبريس : -الجيش الفرنسي و سيناريوهات الحرب المحتملة-




.. قتيل في غارات إسرائيلية استهدفت بلدة في قضاء صيدا جنوبي لبنا


.. سرايا القدس قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغل




.. حركة حماس ترد على تصريحات عباس بشأن -توفير الذرائع لإسرائيل-