الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخلاعة السياسية

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 5 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


" لماذا لا يُعالَج المريضُ بحقنه بماء التبييض و بواسطة الأشعة ؟ " هذا التصريح منسوب إلى رئيس دولة تمتلك أكبر قوة عسكرية ، يفرضُ أحكامَه على الناس في كثير من البلدان بحجة أن الدول فيها تنتهج سياسة " غير سليمة " . من البديهي أن هذا التصريح صادم ، و أن الرئيس تكلم دون أن يحتشم ، في موضوع علمي يجهله فارتكب حماقة كبيرة !
لا نجازف بالقول أن الرئيس أو الحاكم يمارس في هذا الزمان و في الدول المتقدمة و الراقية و المتأخرة و الريعية على السواء ، الخداع و الكذب ، ليس أمام شعوب المستعمرات سابقا ، في إفريقية و آسيا و أميركا اللاتينية و حسب و لكن امام الناس في بلاده أيضا . أي أنه " كاذب و يعرف أن الناس يعرفون أنه يكذب " . أو أنه كما جاء في المثل " عاهرة تحاضر عن العفة" , بعبير آخر يسلم الناس المتعلمين و الجهلاء لا فرق ، أمرهم لحاكم كاذب أو مُحتال.
استوقفتني طويلا ، في الظروف العجيبة التي نمر بها بسبب الوباء ، مسألة الحاكم الكاذب و الناس المكذوبَ عليهم ، عندما يكون الفاعل و المفعول يعلمان . فالرأي عندي أن الحاكم يستحق في هذه الحال أن يُنعت بأنه شخص لا يستحي كونه متهتكا في سلوكه غير محتشم بالإضافة إلى انه سافه بمعنى أنه مهين ، مستخف ، محتقِر للآخرين .
و من البديهي بصرف النظر عن الجانب الأخلاقي الذي يتكشف من خلال هذا السلوك أن الحاكم المتهتك المتعال لا يخاف الناس أو قل أن لديه القدرة على قمعهم و منعهم من الاعتراض على سياسته أو أنه يعرف أنهم لا يجتمعون على قواسم مشتركة ، و مهما يكن فإن " الأنانية " و " المجتمع الاستهلاكي " يـُضعفان إلى حد كبير الإرادة في الانخراط في النضال الوطني الإصلاحي او التغييري ، و لاشك في أنهما من العوامل التي جعلت الناس يرتضون نوعا من الديكتاتورية الناعمة و الشرعية!
اوصلتني مداورة ظاهرة التكاذب ، بين الحاكم الكاذب و الناس المكذوب عليهم إلى مسألة المجتمع الريعي ، أي حيث يشكل المحصول غير المُنْتَج بواسطة العمل نسبة ملحوظة في تمويل احتياجات الناس المعيشية الأساسية و الكمالية ، علما أنه يجري عادة في مثل هذا المجتمع توريع المحصول بطريقة غير عادلة أو استنسابية !
يحسن التوضيح تبسيطا للأمور أن المحصول الريعي يُستنتجُ من استعمار استغلالي أو منبع او منجم للمواد الأولية ، أو يُمنح هدية أو مكافأة أو إعانة أو أجرا إلى الحاكم أو الدولة ، مقابل موقف أو دور أو سياسة . ينبني عليه أن الريع يؤسس لعلاقة تبعية بين الحاكم وزبائنه من الناس ، تتميز بإطاعة الأخيرين لأمره توازيا مع استفادتهم منه طالما استمر في العطاء أما إذا شح مدخوله ابتعدوا عنه و انقلبوا عليه مجمل القول أن الدولة الريعية هي استبدادية بالقوة ، وبالتالي هي نقيض الدولة الوطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا