الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سجناء العراق وأسرى الكويت .. شرخ في ضمير العروبة !

داود البصري

2003 / 4 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                                                    

 
في ثلاثة أسابيع لاغير تهاوى الصنم البعثي في العراق وفي أسرع عملية في التاريخ لتحرير إرادة شعب تقاطعت عليه وعلى مستقبله كل ذئاب الأرض  ؟ ، وتداخلت في الدفاع عنه كل القوى المختلفة في كل شيء والمتفقة على دعمه!  وهي قوى وتيارات مختلفة تبدأ من التيار القومي العربي الذي تلاشى اليوم حد الجزع بفعل المراهنات الفاشلة والمواقف الخشبية غير المتناسبة وروح العصر ، مرورا بالتيارات الإسلامية والتي تسير في طريق الفشل الحقيقي بعد أن إستبدلت المنهج الرباني بالمنهج الذرائعي المصلحي ولم تراع مصلحة الإنسان المسحوق على هدير شعارات حماس جهادية تحمل الكثير من معاني الإرتزاق وليس الجهاد ؟ ولازلت مشدوها للحظة لسذاجة مواقف زعماء الإسلام السياسي وهم يراهنون على صدام المهزوم ويحرضون الشباب العراقي على الإنتحار من أجل إستمرارية سلطة القمع والإرهاب البعثية المتدثرة رياءا بمسوح الدين ؟ ولا أعتقد أن الذاكرة ستشطب مواقف وتصريحات الرنتيسي والشلح وياسين وبقية أهل الفتاوي النفطية في ( الجزيرة ) وأخواتها ؟ يضاف إليهم موقف السيد نصر الله وحزب الله والذي صمت اليوم وغيرت قناة المنار التلفزيونية إتجاهاتها وباتت نشيطة في تتبع وإظهار إنتهاكات نظام صدام البائد لحقوق الإنسان وتسليطها الأضواء على المعتقلات السرية والسجون الإرهابية وهي خطوة نشكرها كثيرا عليها رغم أنها متأخرة ولم تتحقق إلا بعد أن أنجز ( الشيطان الأميركي الأكبر ) مهمة تنفيذ حرية العراق ! ولكن أن تأتي متأخرا خير من أن لاتأتي أبدا ؟ ونتمنى على السيد نصر الله مراجعة مواقفه وعدم الإرتباط بعجلة المواقف الإيرانية والسورية أو أية مواقف رسمية عربية أخرى ، فمن يريد رضا الله لايربط مواقفه بأي مبررات حكومية ؟ وعلى كل حال وبعيدا عن تعقيدات الأزمة العراقية ووجوه حلها وإشكالاتها المستقبلية وطبيعة الصورة السياسية المستقبلية في العراق فإنني أشير هنا لملفات إنسانية بحتة لاعلاقة لها بأي صراعات سياسية ومصلحية ، فلقد أظهر إنهيار النظام العراقي البعثي البائد الدراماتيكي للمواطن العربي وللعالم حجم الهول الذي كان يعيشه المواطن العراقي ، وحجم الفقر المدقع الرهيب الذي أوصل النظام العراقيين إليه وهو فقر وعوز وفاقه لاعلاقة بالحصار الدولي به لأنه يتعلق بمنهج سلطة متسلطة وإرهابية تمارس كل صنوف اللصوصية ضد شعبها ، وتتفنن في شراء الذمم والأصوات الإعلامية وطلب الدعاية القومية ، ومن لاحظ طبيعة مناظر البؤس في مدينة البصرة ميناء العراق الوحيد وصاحبة الثروة البترولية سيتساءل لامحالة إن كانت تلك المناظر قد ألتقطت في خليج البنغال مثلا وليس في شمال الخليج العربي حيث الخير الوفير وكل مصادر الحياة الرغيدة ؟ وإذا كان للإحتلال الأميركي/ البريطاني من إيجابيات فإنه قد سلط الأضواء على طبيعة حياة ومعاناة العراقيين الرهيبة التي تمتد لعقود طويلة من القمع والظلم والحرمان والإفقار ؟ ، لقد نهب النظام البائد ثروات الشعب العراقي وبددها على سلاح خردة لم يستعمل إلا في الإستعراضات المتلفزة أو في قمع العراقيين بقسوة لانظير لها في التاريخ ، كما بددت عوائد البترول في مشاريع تسلح خيالية لم تحرر شبرا من فلسطين بل دمرت عرب الأحواز في إيران وشتت شمل إخوتنا في الكويت ودفعت بالفلسطينيين ذاتهم لذل أوسلو ومناخاتها المزعجة وأدت بالنظام الأمني والإستراتيجي العربي لحالة شاملة من التكسيح الممنهج ، ودفعت بالشعب العراقي للهجرة والهروب الكبير صوب المنافي مخاطرين بأرواحهم في بحار الدنيا من اجل الأمن والسلام ولقمة خبز مغمسة بعرق الحرية الإنسانية ، وتطول عملية شرح المعاناة العراقية وتتشعب أطرها ولكننني أناقش اليوم واحدا من أشد الملفات التي أهملها الإعلام العربي بل تواطأ بشكل مفضوح مع النظام العراقي البائد في التعمية عليها والتغطية على فجائعها والسمسرة على أوراقها وهي قضية السجون والمعتقلات الإرهابية التي تحدثت عنها أدبيات المعارضة الوطنية العراقية طويلا وبشكل تفصيلي ولكن للأسف لاأحد يسمع أو يصدق او يتعظ ؟ حتى وصلت دبابات الحلفاء لتفضح المستور أو جانبا منه ، وليتشجع عراقيو الداخل ويهبوا لإثارة هذا الملف المؤلم الذي فتح عيون الضمير العربي على فجائع المعتقلات السرية وأضطرت حتى قناة ( الجزيرة ) قلعة الإعلام الخارجي للنظام البائد للإعتراف بها وبأهوالها وكاميرتها تنقل بالصوت والصورة إقتحام العراقيين لقلاع الطغيان البعثية فيما النساء يحفرن الأرض بحثا عن السراديب السرية والزنازين الرهيبة والطريقة الخبيثة والإجرامية التي إعتمدتها سلطة الموت البعثية في التضليل على مداخل ومخارج المعتقلات ؟ وعلى القبور الجماعية تحت الأرض والنهر والمياه والفيافي ؟ ترى ماهو رأي عبد العزيز الرنتيسي فيما رأى وسمع وشاهد ؟ وماهو رأي شيخنا القرضاوي الذي عانى من السجن الحربي أيام المرحلة الناصرية وذلك السجن يعتبر روضة أطفال سعيدة مقارنة بسجون البعث المقبور ؟ ويطول الحديث في هذا الملف ؟.
أما الملف الخطير الآخر والذي فضح نفاق وتزلف ورياء الإعلام العربي فهو قضية الأسرى والمرتهنين من إخوتنا في الكويت وبقية الأشقاء العرب الذين خطفهم النظام المهزوم من الكويت وساقهم للعراق وأنكر على مدى إثنا عشر عاما وجودهم رغم كل التدخلات العربية والدولية وهاهي الصور والإعترافات والأقوال والبراهين تثبت صحة الإدعاءات الكويتية وتصم بالعار كل الأصوات التي وقفت ضد الموضوع وسفهت المعاناة الكويتية وإعتبرتها مجرد إدعاءات هدفها إحراج نظام البعث المقبور ! وهنا لن أنسى موقف قناة ( الجزيرة ) في تلك الحلقة من الإتجاه المعاكس والمخصصة للتصدير للعراق في العام الماضي حينما أنكر أحد مرتزقة النظام العراقي من المصريين وجود أي أسرى للكويت مستهزئا بهم بكونهم ليسوا ( علماء ذرة )!! في خطوة وتصرف هو القمة في الحماقة والنذالة وقلة الذوق والأدب؟ وقد كافيء النظام العراقي ذلك المرتزق بسهرة معتبرة في أحد فنادق دبي ؟ وكافيء فيصل القاسم بإعادة عرض الحلقة في الفضائية العراقية ؟ وبترتيب زيارة له ولمديره للقاء الدكتاتور البائد ؟... وللأسف هذا هو الضمير الإعلامي العربي والذي نتمنى ان يعتذر لشعبي العراق والكويت ولكل المظلومين الأحرار .
عموما إننا اليوم أمام مفترق طرق تاريخية فقد بانت الخطوط وتوضحت المواقف وأنتصرت أرادة الأحرار ونتمنى أن يطلق سراح من تبقى من سجناء العراق ، وأن يعود لإخوتنا في الكويت من بقي من أعزائهم المغيبيبن وأن تختتم ملفات المعاناة البشرية وأن يخرس المرتزقة الذين يزورون التاريخ العربي ويضللوا الشعوب ، فلقد إنتصر الدم على السيف ، وحانت مصارع الطغاة ، والحرية لمعتقلي العراق والكويت وكل المظلومين .. وإنها فرصة تاريخية للإعلام العربي لمراجعة أوراقه وتصحيح مساراته .. واللعنة على القتلة والمجرمين .
 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غموض يلف أسباب تحطم مروحية الرئيس الإيراني؟ • فرانس 24


.. التغير المناخي في الشرق الأوسط: إلى أي مدى مرتبط باستثمارات




.. كيف يسمح لمروحية الرئيس الإيراني بالإقلاع ضمن ظروف مناخية صع


.. تحقيق لـCNN يكشف هوية أشخاص هاجموا مخيما داعما للفلسطينيين ف




.. ردود الفعل تتوالى.. تعازى إقليمية ودولية على وفاة الرئيس الإ