الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سقوط النظرية التقليدية

إبراهيم اليوسف

2020 / 5 / 4
الادب والفن


ماذا أفعل؟
هكذا سألني صديق، كانت لديه مناسبة عزاء، بعد أن اتصلت به معزياً، فراح يشرح لي ماحدث له ليلة أمس، ناسياً فقيده، ثم قال:
اتصل بي أحد الأقرباء عبرالهاتف، وراح يقول: نحن قادمون لنعزيكم في البيت، برحيل شقيقك الكبير، فماكان مني إلا أن أقول له، بلاتردد:
أهلاً وسهلاً
بعد ساعة من مكالمته الهاتفية جاء هو وزوجته وشقيقه، ومعهما أطفالهما، قدموا لنا العزاء، وبينما نقدم لهما القهوة المرة، كما تقتضي الأصول، وبعض"الضيافة" التقليدية، وإذ بجرس الباب الداخلي يرن، نهضت وتوجهت لأستطلع وأعرف من القادم إلينا لتقديم العزاء، من دون إعلامنا مسبقاً، بالرغم من أننا أعلنا:
نكتفي بتلقي العزاء عبرالهاتف و وسائل التواصل الاجتماعي
لكن ماحدث هو أنني ما إن فتحت الباب، حتى وجدت أن حوالي خمسة من رجال ونساء البوليس وراء الباب:
قلت لهم:
تفضلوا على الرحب والسعة!
فرد علي أحدهم وربما كان رئيس الدورية:
من عندكم في البيت؟
خيل إلي أن ضيفيَّ قد ارتكبا مخالفة ما. مخالفة مرورية، مثلاً، وجاءت الدورية تلاحقهما، فقلت مرتبكاً:
إنهم بعض أقربائي.....
ردَّ علي أحدعناصرالدورية:
ألا تعلمون أننا في- فترة الحجرالصحي- ولابد من التباعد الاجتماعي، وقد تم منع الزيارات
ثم قال:
مادرجة القربى بينك و ضيوفك؟
قلت له: ابن خالتي وزوجته وأطفاله

قهقه مني، وهويقول:
هاتوا أسماءكم جميعاً؟
التفتُّ إلى الوراء وإذ بضيفي يقترب مني طالباً مني أن أفسح له المجال ليكلمهم بكل ثقة وكبرياء وأنفة:
لدينا مناسبة عزاء، ثم فتح صفحتي الفيس بوكية ليريهم صورة شقيقي الذي توفي في تركيا يوم أمس، وأنهم جاؤوا كي يعزوا به
لم يلتفت رجل البوليس إلى حديثه، وقال:
لطفاً، إنني أطلب بطاقاتكم الشخصية!
لم أسألك عن المناسبة..!

أخرج بطاقته الشخصية وأملى عليه اسم زوجته وأسماء أطفالهما وعنوان البيت، ثم سألني عن اسمي واسم زوجتي وأسماء أبنائي وبناتي، ففعلت ذلك على وجه السرعة
مانوع المخالفة؟
سألتهم
ردت علي البوليسة التي ترافقهم:
مائتا يورو عن كل شخص...
قلت له:
كان عليك أن تعتذر من ابن خالتك. أنا لم أقدم لك العزاء في بيتك حرصاً عليك وعلى أسرتك
هل تتوقع أنهم سيغرِّموننا حقاً؟
قلت له: أجل.....إنهم جادون ولا استسهال في هذا الأمر الذي يتعلق بأمن وسلامة ومستقبل البلاد
توقف برهة، ولم يردني صوته عبرالهاتف، ثم قال محشرجاً
هل من الممكن أن يحبسونا؟
قلت: مادمتم غيرمصابين بعدوى الفيروس التاجي فلا أتصورأنهم يعملون على عزلكم
علق على ماأقول بعد طوال صمت:
زوجتي نبهتني على أننا نخالف التعليمات ولكنني قلت لها:
لاتقلقي سيراعون ظرفنا الإنساني، ثم لا أحد سيعلم في هذا الليل
رددت عليه:
صحيح كيف عرفوا أن هناك ضيوفاً في بيتكم
أجابني: الجيران، لم أكن لأتصور أن يحدث لنا ماحدث. لقد حبسنا أنفسنا في البيت خمسين يوماً، ولكن في اليوم الحادي والخمسين حصل ما لم يكن في الحسبان؟!
استودعني بحزن، وانقطع صوته، وأغلقت هاتفي وأنا أقول:
ثمة نظرية تقليدية لاتزال تعيش في دمائنا وأدمغتنا، ونحن في بلد له قوانينه ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع