الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيجو .. حياته..أعمالة

رحيم العراقي

2006 / 6 / 16
الادب والفن


مؤلف كتاب: ( فيكتور هيغو حياته وأعماله) ناقد أ.ف.دافيد سون الذي كرس حياته كلها لدراسة الآداب الفرنسية وتعريف الجمهور الانغلو ـ ساكسوني بها، ويعتبر كتابه هذا بمثابة مدخل متكامل إلى حياة وأعمال أشهر شخصية في تاريخ الآداب الفرنسية. ومنذ البداية يقول المؤلف بما معناه: ولد فيكتور هيغو عام 1802، أي في مطلع القرن التاسع عشر في مدينة بيزانسون الصغيرة الواقعة بالقرب من الحدود السويسرية، وكان والده ليوبولد هيغو أحد جنرالات نابليون بونابرت،
ولذلك فإنه جر عائلته معه على كل دروب فرنسا وأوروبا طبقاً لنزوات الامبراطور الكبير وحروبه التي لا تنتهي إلا لكي تبدأ من جديد. وفي عام 1802 انفصلت أمه عن أبيه بعد أن اختلفا على الأمور الحياتية والعائلية، وعادت الزوجة مع أطفالها إلى باريس من مدريد، حيث كان يقيم زوجها بصفته مسؤولاً كبيراً هناك. وكانت أمه حنونة جداً وليبرالية، ولذلك تربّى فيكتور هيغو في أجواء سعيدة وحرة بفضل هذه الأم الاستثنائية التي لن ينساها لاحقاً.
ثم يردف المؤلف قائلاً: ومنذ عام 1816، أي عندما كان عمره أربعة عشر عاماً فقط راح فيكتور هيغو يهتم بالأدب شعراً ونثراً، وعندئذ قال جملته الشهيرة: أريد أن أكون شاتوبريان أو لا شيء! ومعلوم أن شاتوبريان كان أكبر أديب فرنسي في ذلك الوقت. وكان كاتباً من الطراز الأول، والبعض يعتبره أكبر شاعر في النثر الفرسي
وقد فاجأ فيكتور هيغو عائلته عندما قال لهم بأنه سيصبح أهم من شاتو بريان أو في مستواه على الأقل. ولم يصدقه أحد. ولكن المستقبل لم يكذب نبوءته. فقد استطاع أن يصل إلى مستوى شاتو بريان من خلال أشعاره الخالدة ورواياته التي لا تقل خلوداً وبخاصة: رواية «البؤساء» ومعلوم أنها ترجمت إلى جميع لغات العالم وأخرجت سينمائياً ومسرحياً مئات المرات.
لكن لنعد إلى فيكتور هيغو الشاب أو المراهق من حيث قطعناه، نفي عام 1817 كاد أن ينال جائزة الأكاديمية الفرنسية بفضل فصاحته وبلاغته في الكتابة. وهكذا تفتحت مواهبه مبكراً. وفي عام 1819 يخطب فتاة تدعى آديل فوشيه، وكانت رفيقة طفولته. وفي العام التالي ينال راتباً سنوياً من ملك فرنسا لويس الثامن عشر بعد أن نشر إحدى قصائده التي أعجبت الملك. وهكذا أمن حياته منذ البداية وأصبح أحد شعراء البلاط..
ثم يردف المؤلف قائلاً: وبين عامي 1822 ـ 1850 ابتدأ صعود فيكتور هيغو نحو المجد. ولكن هناك قصة مأساوية نادراً ما ينتبه إليها أحد ألا وهي: أن أخاه الشقيق كان يحب الفتاة نفسها التي خطبها أخوه! وعندما تزوجها هذا الاخير أصيب بالصرع، ثم بالجنون. ولذلك فقد سجنوه في المصح العقلي. والسؤال المطروح هو التالي: هل أثرت هذه القصة العائلية، أو هذه الفجيعة بالأحرى، على شخصية فيكتور هيغو؟ ألم تجعله يشعر بالخطيئة والذنب؟ ولو أنه تخلى لمحبوبته لأخيه الذي كان مولهاً بها أما كان قد أنقذه من الجنون؟ أسئلة عديدة لا نجد جواباً شافياً عليها.
وفي عام 1825 أسس فيكتور هيغو أول حلقة رومانطيقية في فرنسا ومعلوم ان الرومانطيقية كانت قد ظهرت في ألمانيا أولا ثم في انكلترا قبل ان تنتقل إلى فرنسا وراح يكتب المسرحيات والأشعار التي تمشي في هذا الاتجاه وتبتعد عن المدرسة الكلاسيكية في الأدب والتعبير وفي مقدمة مسرحيته التي اتخذت عنوان «كرومويل» كتب فيكتور هيغو أول مانيفست للأدب الرومانطيقي في اللغة الفرنسية.
وفي عام 1830 أصبح فيكتور هيغو الزعيم المتوج للحركة الأدبية الجديدة بعد ان حصلت معركة كبيرة أمام المسرح الفرنسي بين اتباع الكلاسيكية واتباع الرومانطيقية وانتصر التيار الثاني الذي كان يمثل الشبيبة والتجديد وروح العصر وحركة التاريخ وقد اشتهرت هذه المعركة في تاريخ الآداب الفرنسية باسم «معركة هيرناني»: أي المعركة التي دارت حول المسرحية التي كتبها فيكتور هيغو تحت هذا الاسم، وهكذا بدا هذا الشاعر وكأنه حامل لواء التجديد في وجه خصومه من المحافظين والرجعيين من الناحية الأدبية.
ثم يردف المؤلف قائلاً: في عام 1831 أي في التاسعة والعشرين من عمره، نشر فيكتور هيغو أول رواية تاريخية له باسم: نوتردام باريس، أي كاتدرائية باريس وفي ذات العام نشر أيضا مجموعة شعرية بعنوان: أوراق الخريف، وهو عنوان رومانطيقي بامتياز وكان لامارتين قد استخدمه كثيراً أيضا في اشعاره وهو من مجايلي فيكتور هيغو او أكبر منه بقليل ومعلوم ان سقوط أوراق الشجر في الخريف يثير أحزان الشعراء ويلهبهم حماسة لكتابة القصائد الشجية وبالتالي فالحزين رومانطيقي رقابة مسرحيته «الملك تيسلي» عام 1832 غضب الشاعر كثيراً وألقى خطاباً مهماً عن حرية التعبير أمام جمهور غفير. وقد صفقوا له طويلاً. وكانت تلك بداية نضاله من أجل نيل حرية التعبير والتفكير في فرنسا. وسوف يكون الطريق إليها طويلاً.
وفي عام 1833 حصل له لقاء مع امرأة تدعى: جولييت دورويه. وسوف تصبح عشيقته بل وأقرب إليه من امرأته الشرعية. وقد رافقته طيلة حياته كلها ولعبت دوراً كبيراً في حمايته والدفاع عنه والتأثير عليه. وكانت ممثلة على خشبة المسرح. ولكنها تخلت عن فنها ومهنتها وكل مشاريعها لكي تكرس نفسها له، وله وحده.
وعرفت منذ البداية بأنه عبقري وانه بحاجة إلى امرأة من نوعيتها لكي تتفتح عبقريته. وقد كتب لها آلاف الرسائل على مدار خمسين سنة من حياتهما المشتركة. ثم نشرت هذه الرسائل في مجلدات. وكتبت له هي أيضاً آلاف الرسائل.. ونشرت هي الأخرى أيضاً.
ثم يردف المؤلف قائلاً: وفي عام 1836 رشح فيكتور هيغو نفسه للأكاديمية الفرنسية ولكنها رفضته وفضلت عليه كاتباً يدعى «دوباتي»، ثم كاتباً آخر يدعى «مينيه». فهل سمع أحد بهذين الاسمين يا ترى؟ ولكننا نعلم أن الاكاديمية الفرنسية رفضت أيضاً شارل بودلير، وبلزاك، وفلوبير، وعشرات الكتاب الآخرين الذين أصبحوا مجد فرنساالأدبي لاحقاً. وبالتالي فلا ينبغي أن يحزن فيكتور هيغو كثيراً لهذا الرفض.
نقول ذلك وبخاصة أنها عادت وقبلته لاحقاً بعد ان فشل ثلاث مرات في الدخول إليها. وكان ذلك عام 1840. ولكنها عادت فقبلته أخيراً مع المحاولة الرابعة عام 1841. وفي عام 1848 دخل شاعر فرنسا الكبير معترك السياسة لأول مرة حيث انتخبوه نائبا عن باريس، وألقى أول خطاب سياسي له في البرلمان الفرنسي داعما ترشيح نابليون الثالث الى رئاسة الجمهورية الفرنسية، وهو دعم سوف يندم عليه لاحقاً أشد الندم.
ثم بعد ذلك بعام واحد حصل تحول خطير في حياة فيكتور هيغو فقد انتقل من جهة السلطة الى جهة المعارضة أو من جهة اليمين البورجوازي إلى جهة اليسار العمالي. ففي السابق كان دائما مدللا من قبل السلطة، وكان يحظى بالرواتب الملكية والأوسمة والهدايا،
واما الآن فقد انتقل إلى جهة الشعب بعد ان شاهد أحوال المصانع والعمال البؤساء في الشمال الفرنسي، وصعقه الأمر لأنه لم يكن يعرف حقيقة الوضع قبل ذلك، كان يعيش في الأجواء المترفة والقصور، ولهذا السبب غير موقفه من زعيم اليمين الفرنسي نابليون الثالث، ابن أخ نابليون الحقيقي ووقف في وجهة مصرحا بأنه طاغية، لشيء الذي اضطره الى الهرب إلى بلجيكا لفترة قصيرة.
وهكذا أثبت فيكتور هيغو أنه ليس شاعراً ذاتيا أو رمانطيقيا فقط، وإنما رجل سياسي منخرط في هموم عصره وقضاياه، انه مفكر بقدر ما هو شاعر، ونظري بقدر ما هو عملي. بدءا من تلك اللحظة سوف تتشكل شخصية فيكتور هيغو التي تعرفها: أي شخصية رجل التنوير الأول في عصره الشخصية الرجل المدافع عن قضايا الشعب وضرورة تثقيفه وتعليمه ورفع مستواه.
وهذا ما يشكل عظمته لاحقا حيث جمع المجد من كل أطرافه: مجد التجديد الأدبي والشعري ومجد النضال السياسي والفكري، ومجد النضال من أجل الحريات الحديثة وحقوق الانسان، ولهذا السبب احتل مكانة في تاريخ فرنسا لم يمثلها أي أديب أو شاعر آخر. وفي عام 1850 ألقى خطاباً شهيراً في الجمعية الوطنية الفرنسية (أي البرلمان) على حرية التعليم، وحرية الصحافة، وضرورة إعطاء حرية التصويت للشعب ككل وليس فقط للأعيان والنخب القائدة والطبقة البورجوازية. وراح يدافع عن الشعب في كل مكان.
وفي عام 1851 عندما عرف أن الديكتاتورية سوف تنتصر في فرنسا وأنها سوف تتجسد في شخص نابليون الثالث الذي قام بانقلابه الشهير على النظام الجمهوري علن العصيان ونزل إلى الشارع لمقاومة الانقلاب.
وكاد أن يُقتل في إحدى المرات لولا أن بعض أصدقائه المخلصين كانوا يسهرون عليه فهرَّبوه سراً إلى خارج البلاد لكي لا يحصل له مكروه. وكان ذلك بواسطة جواز سفر مزور.
وهكذا، ابتدأت حياة المنفى لفيكتور هيغو، وهي حياة سوف تستمر حوالي العشرين سنة. وفي أثنائها كتب أجمل قصائده ومؤلفاته. وفيها أيضاً أنجز روايته الخالدة عن «البؤساء». وبالتالي فلم يكن منفاه عقيماً ولا سلبياً، على العكس.
ولكن بعد سقوط الأمبراطور الديكتاتور عاد فيكتور هيغو إلى فرنسا عودة الأبطال، حيث استقبل بشكل جماهيري وشعبي في العاصمة الفرنسية. وكانت تلك بداية أسطورته. ولكن القدر الذي خلع عليه، كل هذه الأمجاد وجه له أيضاً ضربات موجعة أيضاً. فقد مات ابنه في عز الشباب، وأصيبت ابنته الثانية بالجنون، وماتت ابنته الأولى في عز الشباب أيضاً. وكل هذه الجراحات سوف تنعكس في أشعاره اللاحقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب