الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد كمامات كورونا الحكومة المغربية تمرر قانون لتكميم الأفواه في مؤامرة لإخراس الأصوات الحرة.

محمد الرضاوي

2020 / 5 / 4
الصحافة والاعلام


سيسجل التاريخ، أنه عندما كان المغاربة يواجهون جائحة فيروس كورونا التي حصدت أرواح عدد منهم، وأصابت الآلاف، اختار السياسيون تصفية الحسابات بينهم سعيا لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية، وكأن شيئا لم يكن!! حيث تمت مناقشة تمرير مشروع قانون يمكن القول أنه أخطر من الجائحة نفسها ، جائحة ثانية تتمثل في المؤامرة بطريقة لا تعرف حدا تقف عنده ألا وهي ."
اللجوء لسياسة التكميم ومصادرة ما تبقى من الحرية ، مشروع يضيق مساحات الحرية في فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي ويعري عورة الدولة في تعاملها مع حرية المواطن في التعبير عن رأيه .

إبان انتشار وباء كورونا سبق للعديد من الهيئات والمنظمات الدولية الكبرى كالأمم المتحدة قد دعت الدول إلى عدم استغلال وضعية الطوارئ الصحية في البلدان و عدم قمع الصحفيين والمعارضين مشددة في ذلك على احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير التي تكفلها القوانين الدولية.
لكن الحكومة المغربية سقطت في امتحانين آخرين؛ يتعلق الأول باحترام الدستور والقانون ، أما الثاني فيرتبط بالتواصل مع الرأي العام.
ففي امتحان الدستور ؛ الحكومة لم تحترم الفصل الـ 27 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات الذي ينص في فقرته الأولى أن "للمواطنات والمواطنين حق الحصول على المعلومات..."
أما في القانون فإنها لم تفعل التشريع المنبثق من هذا الفصل، والذي يحمل رقم 31.13وخاصة مادته الـ 10 التي تلزم المؤسسات والهيآت بما فيها الحكومة بأن تنشر... مشاريع القوانين. فالحكومة المغربية قامت بتمرير قانون لتكميم الأفواه وقمع كل احتجاج أو دعوة لمقاطعة منتوج معين ويتضمن القانون فصول تعرض كل من يعارض أو يدعو إلى مقاطعة منتوجات معينة إلى العقوبة السجنية ويعرف هذا القانون بقانون20.22 والذي تم انعقاد رسمي بشأنه بتاريخ 12 مارس بين قيادتي كل من حزبي التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
ويتضمن في طياته إجراءات قمعية تنتهك حرية التعبير وحرية الصحافة والرأي.
وجاء هذا القانون في ظرف استثنائي يشهده العالم تزامنا مع ظرفية وباء كورونا وما يصاحبها من إجراءات للطوارئ .
- جدول أعمال هذا اللقاء، تضمن نقطة واحدة تمحورت حول مشاريع القوانين المعدة من طرف وزارة العدل وكيفية تمريرها.
- وزير العدل، محمد بنعبد القادر، حضر أشغال هذا اللقاء، وهو من بين الذين كانوا سببا في "جعل مقتضيات الإثراء غير المشروع مجرد سراب".
- تحت غطاء "تسريع وتيرة إصلاح منظومة العدالة"، كان على الوزير الاتحادي الإسراع بتمرير ما تبقى من ترسانة قانونية معينة، الخاصة بحزمة مشاريع القوانين المتبقية التي تصب في مصالح جهات معينة وذلك بوضعها على سكة مسطرة إقرارها.
- مجرد أسبوع فقط بعد ذلك، وبدون سابق إنذار أو برمجة معلنة، حيث عرف قانون 22.20 طريقه إلى المجلس الحكومي خفية، دون أن يكون مسجلا ضمن جدول أعماله من قبل، وتم إدراجه فجأة من طرف الأمانة العامة للحكومة عشية اجتماع مجلسها، وهو المشروع الذي لم يلق أي معارضة من طرف كل ممثلي الأحزاب المكونين للحكومة.
- رئيس الفريق الاتحادي، في تعقيب له عن فضيحة قانون "تكميم الأفواه"، يقول بأن "الحكومة يجب أن تتواصل ولا تسمح لمن يشوشون لتوجيه المسار في اتجاهات أخرى"، وأضاف: "عندنا قيم ومشروع لمصلحة المواطن، وأي أمر يخالف القيم لا يمكن إلا أن نكون ضده"، هكذا أصبح الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يتخذ مسافة بين القول والفعل..
كل هذا يدفع بنا إلى طرح تساؤل كبير!! كلنا نتذكر عندما رفض رئيس الحكومة المعفي من منصبه، عبد الإله بنكيران، تمثيل الاتحاد الاشتراكي ضمن حكومته.. وكلنا نتذكر الضغوطات التي تمت ممارستها من طرف رئيس حزب الأحرار وآخرين على إقحام الاتحاد الاشتراكي ضمن الحكومة المسيرة لشؤون البلاد..
بكل بساطة، الأمور اتضحت الآن بكل تجالياتها، الآن يتم تنفيذ بنود الصفقة كما سبق الاتفاق عليه.. البارحة، الأحرار يعينون الاتحاد داخل الحكومة، واليوم الاتحاد، حزب اليسار ذو الحمولة النضالية الثقيلة، ينفذ خطط الباطرونا ويسعى إلى ضمان مصالح وامتيازات الطبقات المتحكمة في مسار البلاد، ولم يكن تعيين بنعبد القادر وزيرا للعدل عبثا، بل كان مدروسا لغرض في نفس يعقوب، بدأت معالمه تظهر للعيان، وخطته في التنفيذ، وهذا جزء من خيوط شبكة الكلمات المتقاطعة بدأت تجد حلا وتفسيرا لها..
فالدولة المغربية بعدما كانت تضيق ذرعا بالمناشير السياسية على محدودية انتشارها وتأثيرها في الناس، فتطارد من يروجها وتنكل بهم وتلقي بهم في غياهب المعتقلات لسنوات طوال كما في سنوات الجمر والرصاص سيئة الذكر، والتي أخمدت جل الأصوات المشاكسة في الساحة النقابية والحزبية والجمعوية كما أعدمت الصحافة الورقية الحرة بوسائلها الردعية والإغرائية كذلك حتى أدخلت غالبيتها إلى بيت الطاعة، وقفت حائرة في وجه هذا الوافد الجديد الذي نسف كل جهودها في ضبط المشهد الإعلامي أمام تداول الآلاف من المنشورات الإلكترونية في المواقع الإخبارية ومنصات التفاعل الاجتماعي التي توثق لتجاوزات المسؤولين وتشكك في رواية السلطة وتقدم رواية مضادة لها أكثر تماسكا وإقناعا ، ماجعلها فإن لم تيأس، حيث اعتبرت أن قضية تأميم مواقع التواصل الاجتماعي مسألة حياة أو موت بالنسبة لها بعد ما لمست تأثيرها الكبير الذي أضحى يشكل خطرا على نفوذها، فاستغلت الردة الحقوقية الأخيرة المتناغمة مع الثورة المضادة على عموم المنطقة والدعم الغربي لها لإطلاق يدها بحملات اعتقالات بالجملة بسبب آراء معبر عليها في تدوينات على الفضاء الأزرق وعلى غيره، وهو ما جعل استراتيجية المخزن تحقق بعض النجاحات، فالملاحظ أن السقف تراجع إن قارناه بما كان عليه في 20 فبراير وما قبلها، الشيء الذي حفز المخزن على التمادي في نهجه وصولا إلى طفرته الأخيرة مع أجواء كورونا. لذلك لم تبق الدولة مكتوفة الأيدي أمام هذا الوضع الجديد الذي لم تقبل التعايش معه، حيث استهدفت عددا من المدونين بالاعتقال كما حجبت مواقع المعارضة في أكثر من مرة، لكن هذا لم يكن كافيا لاستئصال الظاهرة الناشئة التي بدأت تتسع بوتيرة سريعة، فكانت من أهم أدوات حركة 20 فبراير زمن الربيع العربي التي استخدمت في الترويج الواسع لها ولحركات احتجاجية فئوية أخرى وكذلك الحال مع حراك الريف وصولا للمقاطعة الشعبية غير المسبوقة لبعض الشركات الاقتصادية النافذة.
لأجل ذلك وجب مايلي :
1》 إن مشروع هذا القانون هو قانون ضار بالحقوق الفردية والجماعية ويمس بسيادة القانون ودولة المؤسسات.

2》 إن حرية التعبير ونشر الأخبار والآراء مضمونة أصلا و منصوص عليها في الدستور في الفصل25 الذي جاء فيه :" حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها. و كذا الفصل 28 جاء فيه :" للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد، عدا ما ينص عليه القانون صراحة".وجاء في الفصل 33 :" توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد"

3》 المطالبة إلغاء هذا المشروع القانون من أساسه وعدم إحالته على البرلمان في زمن كورونا أو ما بعده لأنه يحد من حرية التعبير والإبداع وهو ما يعتبر منافيا لما ورد في الدستور من الفصول السالفة الذكر وأيضا مماجاء في تصدير الدستور بأن المغرب يلتزم بحماية منظومة حقوق الانسان حيث جاء في الفصل 19 من الإعلان العالمي لحقوق الانسان :" لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود.

وأرى أنه من المعقول أن تتجاوب الدولة ومعها الحكومة
لمطالب الشعب المغربي في هذا الاقتراح على مشاريع عديدة عوض مشروع قانون 20.22 وهي كالتالي:

قانون التصريح بالممتلكات
قانون الإثراء الغير المشروع
قانون إلغاء تقاعد الوزراء والنواب
قانون إلغاء امتيازات الوزراء والنواب
قانون محاربة الريع السياسي
قانون ربط المسؤولية بالمحاسبة
إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي حرية الرأي والتعبير بالمغرب.

* محمد الرضاوي صحفي مغربي رئيس منظمة المتوسط لتنمية الثقافات بإسبانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الهدف وراء الضربة الإسرائيلية المحدودة في إيران؟|#عاجل


.. مصادر: إسرائيل أخطرت أميركا بالرد على إيران قبلها بثلاثة أيا




.. قبيل الضربة على إيران إسرائيل تستهدف كتيبة الرادارات بجنوب س


.. لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟




.. هل وصلت رسالة إسرائيل بأنها قادرة على استهداف الداخل الإيران