الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصالح خانم _ الجزء الثامن قبل ألأخير .!

ميشيل زهرة

2020 / 5 / 8
الادب والفن


اجتاحت السيدة الحسناء يقظة الذكور ، و أحلامهم ..! و لم تقف عن هذا الحد فقط ..بل تسربت إلى نوم النساء على هيئة كوابيس ..ليس غيرة على الذكور المسبيين خلف جمال كأنه منحوت في مشغل نحات من عصر النهضة الغربية ، بل غيرة منها أيضا ، عندما يندفعن للمقارنة بين جمالها و جمالهن ..! لم يكن ذلك في الجهة الشرقية فقط ، بل في الغربية أيضا ..! حتى أن النساء من الطبقة الأرستوقراطية ، رحن ينشرن الدعايات حول هذه المتمردة على كل الخطوط الحمراء المرسومة على أرض الواقع الأخلاقي ، و التي سُمح لها بالقفز فوق الخطوط الممنوعة على مرأى كل من يتنطح بأخلاقياته ، لباقي النسوة على ضفتي الشارع الملتهب بالقذائف ، و الرصا ص ، و الانفجارات ..!
من ضمن الشائعات التي انتشرت على ألسنة النساء : إن هذه السيدة نفخت شفتيها و صدرها عند طبيب تجميل خارج البلاد ..! و منهن من قالت : لا أظن أن الطبيب اشتغل بغير الصدر المعبأ بالسيليكون ..! و هناك من أكدن : إن الأرداف التي تبدو للذكور مثيرة للغاية , و قد سبت عقولهم ، حتى أنهم صاروا يلهجون باسمها في أحلامهم مع ابتسامات ترفرف على وجوههم ..! ما كان يُفرح قلوب الزوجات ، و العشيقات ، أنها كانت ، عندما تركب البيك آب مع أمراء
الحرب ، كانت تزرع في قلوب الذكور خنجرا من غيرة عمياء ، عليها من هؤلاء الأمراء الغامضين الذين يمضون بها إلى جهات غير معلومة ، سواء في الجهة الشرقية أو الغربية للمدينة ، و كأنهم متفقون بين بعضهم رغم الصراع القائم على ضفتي الشارع الذي يشق المدينة .
ذات صباح شوهدت على شرفة مصالح خانم بكامل بهائها ..و قد ألقت على رأسها ، بغير اهتمام ، منديلا أزرق شفافا يُظهر كل شعرها بلا خوف من أحد أن يُلهب جلد ظهرها بالسياط . من يمرّ بقربها ، يشعر بأن قلبه يوشك أن يتوقف بسبب غمامة الررغبة العارمة التي أوشكت أن تطيح بوعيه المتبقي ..!
هذه السيدة التي جاءت إلى المدينة ، كأنها خرجت من شرنقة مصالح خانم ..لكنها ، ربما ، ليست هي ..إنما الدودة ( اليرقة ) التي تحولت إلى فراشة بقدرة قادر ..!
كل من في المدينة يعرف أن البيك آب الواقف أمام باب مصالح خانم هو ملك السيدة الحسناء ، أو أهدي لها..لأنها تقلب مفتاحه بيدها ، مستخدمة ( الريمولت كنترول ) في تشغيل محركه ، أو قفل الأبواب أو فتحها ..! إن الحرية في الحركة التي تتمتع بها السيدة ، و خاصة تلك الحرية في اجتياز كل حواجز الخنادق المتصارعة ، في شرق الشارع الكبير ، و غربه . ما أوقد شمعة ضعيفة الضوء ، سرعان ما تنطفيء في الوعي ، لمجرد هبوب أنفاس أصحاب اللحى من الجانبين ..فتعود الظلمة إلى الجمجمة لتضغط الأصابع على الزناد ، ليس إلا للكتابة باللون الأحمر القاني من دم الآخر الشريك في المكان و الزمان..!
من عادة السيدة عندما تجتاز الحواجز أن تضع على المقعد المجاور لمقعد القيادة ، الممتليء بأردافها التي يسيل لها لعاب العساكر الواقفين على الحواجز، و قادتهم ، بلا استثناء ، رزمة ، أو اثنتين من النقود ..و بعض علب الحبوب المنشطة الفارغة ..و تراقب عيني جندي الحاجز الذي تعبره بسيارتها التي تقودها ببراعة ، و سرعة تزيد في شبق الذكور ، أيا كانت مراتبهم ، و مواقعهم ، في اللحاق بها ..! غير أن لأصوات إطلاق النار ، و الانفجارات المتتالية التي تحدث على خطوط التماس ، كما أسماها العسكر المتربصين على التخم الغربي للشارع الكبير المليء بحطام السيارات ، وقطع الاسمنت الكبيرة التي تقطع الشارع ، قد ضخمت الشعور عند الناس :
إن هذا الشارع لن يعود كما كان بعد الآن . أما العسكر المتربصين في الجهة الشرقية للشارع الكبير ، قد أطلقوا على خنادقهم اسم الثغور.. تيمنا بالفتوحات الاسلامية ..! و لكن ما يجعلك تتساءل ، دون أن تعرف جوابا .. أو ربما لا تريد أن تعرف ، لأن التسليم أسهل على الوعي من إعادة صيانته ، و تشغيله ، لمعرفة حقيقة مصالح خانم ، و السيدة الفاتنة قريبتها ، و التي ذُكرت سيرتها ، عندما عبرت الشارع للضفة الأخرى ، مع الرجال في البيك آب ، لكن هناك تتعاظم الرغبة ، لدى جنود طرفي الشارع ، وأمرائهم ، في الوصال بهذه الفاتنة .. و ثمة من رغب في لمس يدها فقط ..هذا الشيء الوحيد الذي يجتمع عليه الخندقين في المدينة المقسمة إلى شرقية و غربية .! و لكن هناك ، في ضفتي الشارع ، من تشكلت لديه شكوك راحت تكبر كفراخ العفاريت في المخيلة : ما الذي يحدث ..كيف لهذه الحسناء أن تكشف وجهها في حضرة قانون السماء ..؟؟ من هؤلاء الرجال في التويوتا معها..؟؟ و ناورت في ذهن بعضهم الأفكار التي تجعل هذه السيدة الحسناء تتربع على صدور الأمراء ، و أقفيتهم ، لتمتطيهم إلى حيث تريد ..!
هكذا تساءل كل من في المدينة بشرقها و غربها ..! فهل يكبر الشك عند العامة ..؟ سنرى ما الذي سوف يحصل .
في الشارع المحطم ، و المليء بأكوام الإسمنت المدمّر ، و السيارات المحطّمة ، ينشط أولئك اللصوص الذين يدخلون البيوت المدمرة ، و بمعرفة الحواجز التي تأخذ حصتها ، على التخوم ، ليسلبوها ما بقي فيها من شبابيك , أبواب ، و برادات ، و غسالات . و ما احتوته تلك البيوت من اشياء قابلة للبيع ، أو المقايضة ..! هذا الفعل روتين يومي ..اعتاده العابرون للشارع الكبير، رغم الألم الذي يحزّ في قلوب المارة الذين لا حول لهم و لا قوة ، و لم يحملوا السلاح يوما ..إنما سبّحوا ، و صلوّا لآلهتهم ، على اختلافها ، و اختلافهم ، أن تفرّج الهمّ ، و تستقر الأحوال ، و تهدأ النفوس ..!!
لكن الشيء الذي شغل تفكير الناس ، الذين يعبرون الحواجز يوميا ، بكلا الاتجاهين ، و أثار حيرتهم ، و لم يعرفوا تفسير الظاهرة التي رؤوها ، و هم يتعرضون إلى أقسى أنواع التفتيش ، و التدقيق ، و الاتهامات ..أقول : الشيء الذي لم يجدوا له تفسيرا ..هو مشهد امرأة تأتي من أحد طرفي الشارع و قد رفعت ثوبها الداخلي الأبيض على عصى مكنسة إشارة السلام خوفا من قناصة الحواجز..و رجل آخر يرفع سرواله الأبيض أيضا ، على غصن يابس إشارة للسلام أيضا..!
لم يشبع فضول العابرين المعرفي ، عندما كانت الحواجز الشرقية و الغربية ، على السواء ، تقول : إنهما مجنون ومجنونة ، لا يعرفان ما هما فاعلين ..!
و بعضهم قال : يتصنعان الجنون لدخول البيوت و سرقة ما فيها مما خف و غلا ..! لذلك نطلق عليهما النار لإخافتهما ، لا لقتلهما ..! هذا التقرير الأخير صدر عن الضفتين ..!!!!
( فهل ثمة رأفة في قلوب دمرت كل شيء ..؟؟ و ما قصة رَفْع الرجل و المرأة لإشارات السلام لعبور تخوم الموت ..؟؟ ) سنرى في الجزء الأخير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????