الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاسلام السياسي ... بين اليمين السني واليسار الشيعي والتطرف التكفيري ...!!!!

زياد عبد الفتاح الاسدي

2020 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


يعيش المشرق العربي ولم يزل منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود حالة من الصراع والحروب والتآمر والانهيار الامني والعمالة والضياع والتمزق المذهبي والطائفي .. ولا سيما مع الصعود المُتزايد لمختلف تنظيمات الاسلام السياسي , سواء اليمينية منها (الاخوان المسلمين بكافة تسمياتهم) أو اليسارية المُقاومة كحزب الله في لبنان , أو التكفيرية المُتطرفة كما هو الحال في مُختلف التنظيمات القاعدية المُسلحة .
ومع حلول عام 2020 ونهاية العقد الثاني من هذا القرن نستطيع القول أن شعوبنا العربية والمشرقية وفي أغلبيتها الساحقة للاسف هي مُنهكة وضائعة ومُمزقة وتائهة ومسلوبة الكرامة والارادة وتعاني من القتل والذل والفقر والجوع والتشرد والنهب والفساد .. ولا يُمكن للاسف قراءة المُستقبل المجهول الذي ينتظرها مع استمرار الظروف والعوامل التي قادت المنطقة الى ما وصلنا اليه .
وهنا لا بد لنا أن نتطرق الى الخلفيات والظروف التي قادت بالاساس الى ظهور وصعود قوى الاسلام السياسي في المشرق العربي بكافة أجنحته منذ ثمانينات القرن الماضي ... ويأتي في مقدمتها بلا شك على المستوى الشعبي توالي الاخفاقات والهزائم والمُؤامرات التي تعرضت لها الاحزاب والانظمة الوطنية والقومية وحركة التحرر الوطني الفلسطينية , بالاضافة الى التراجع والانشقاقات التي أصابت مُختلف أحزاب اليسار القومي والماركسي ... حيث بدأ كل ذلك مع هزيمة حزيران في مصر وسوريا عام 1967 , ثم حداث أيلول في الاردن وسقوط الحكم القومي في مصر بوفاة عبد الناصر عام 1970, ليتلو ذلك اندلاع الحرب الاهلية الطائفية اللبنانية عام 1975 مع توريط عرفات للمقاومة الفلسطينية في تلك الحرب المُدمرة.. ثم خروج مصر من الصراع مع العدو الصهيوني بعد توجه السادات لزيارة الكيان الصهيوني عام 1977 وتوقيعه معاهدة السلام ثم تبادل السفراء مع هذا الكيان عام 1980 .. لتأتي بعدها أشد الضربات قساوةً على المسار القومي لحركة التحرر العربية في الاجتياح الاسرائيلي لجنوب لبنان وحصار بيروت عام 1982 الذي ترافق مع تواطؤ عرفات في السقوط السريع للجنوب اللبناني ثم الاستسلام الغير مُبررلحصار بيروت باخراج آلاف المقاتلين الفلسطينيين من لبنان عن طريق البحر من ميناء بيروت عام 1982 ثم من ميناء طرابلس عام 1983.
وقد مثلت تلك الاحداث وغيرها بمجموعها وتراكماتها نقطة تحول مفصلية في ظهور المناخ المُلائم لتوسع وانتشار مختلف تنظيمات الاسلام السياسي منذ النصف الاول من ثمانينات القرن الماضي .. ليس فقط على مستوى القبول الشعبي للتيار الاسلامي بعد إخفاق التيار الوطني التحرري والقومي الاشتراكي , بل أيضاً على مستوى التمويل والتآمر الرجعي السعودي والخليجي الذي كان له النصيب الاكبر في الظهور والدعم القوي لمختلف تيارات الاسلام السياسي السني وتمويل مختلف الجماعات التكفيرية والقاعدية بدءاً في أفغانستان ثم في العراق وبعد ذلك في سوريا وغيرها , وكذلك في دعم وتمويل جماعات الاخوان المسلمين التي بدأ تمويلها المُبكر منذ خمسينات القرن الماضي لمواجهة المد القومي اليساري وانتشار الاحزاب الاشتراكية والشيوعية التي شهدها المشرق العربي في أعقاب الحرب العالمية الثانية ولا سيما مع نجاح حركة الضباط الاحرار ببعدها القومي والاشتراكي بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عام 1952 والوحدة بين سوريا ومصر عام 1958, ليتبعها سقوط الحكم الملكي في العراق ثم تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي بدعم قومي عربي شامل عام 1962 ..الخ
وبعد مرور عدة عقود على نهاية مرحلة المد القومي والاشتراكي وانتشار تنظيمات الاسلام السياسي ودخول المنطقة على نطاق واسع في التخبط والانقسام والنزاعات والاقتتال والتمزق الطائفي والمذهبي وانتشار الدمار والاوضاع الامنية المُتردية والفقر والجوع والفساد والظروف المعيشية المُزرية ...الخ يمكننا أن نصل الى الاستنتاجات التالية :

1. الاسلام السياسي هو بلا شك القاسم المُشترك في كل مشاكل المنطقة وفي مقدمتها الجهل والتمزق الاجتماعي والطائفي والصراع المذهبي وتفشي القتل والصراعات المُسلحة والدمار الشامل والانهيار الامني والاقتصادي وتفشي الجوع الفقر والبطالة والنهب والفساد والعمالة على نطاق واسع .
2 . الاسلام السياسي ولا سيما الاخواني والتكفيري عمق وكرس الجهل والاوهام المذهبية والطائفية البغيضة التي وصلت الى كل أشكال الاتهامات بالتكفير والانحراف عن الدين وتشريع القتل باسم الدين .
3 . بيئة الاسلام السياسي ساهمت في تفشي التمويل والعمالة والخيانة وتشويه الدين والولاء للخارج الذي وصل الى درجة التحالف مع أعداء المنطقة وأنظمة الغرب الاستعماري والعدو الصهيوني واعتبار ايران هي العدو الرئيسي بدل الكيان الصهيوني .
4 . احزاب الاسلام السياسي بكل تمايزاتها دون استثناء تشترك في عدم فهمها لقضايا الصراع الطبقي والعدالة الاجتماعية ونصرة الفقراء والطبقة العاملة ولا تُمانع للاسف وجود الثراء الفاحش والتمايزات الطبقية الهائلة.
5 . فشلت مُختلف قوى الاسلام السياسي دون استثناء في مُحاربة الفساد والاثراء الغير مشروع وبعضها مارسته بلا تردد ولا سيما الكتل السياسية المذهبية في العراق (باستثناء حزب الله في لبنان) .
6 . كرس الاسلام السياسي عبادة رجال الدين والولاء المُطلق للقيادات الدينية سواء فيما يُعرف بولاية الفقيه والمرجعيات الدينية في الاسلام السياسي الشيعي أو بالفتاوي الدينية الحاقدة والتكفيرية والمُشوهة عند علماء المسلمين المُنافقين في الاسلام السياسي السني .. وهذا ما قاد الى الغاء العقل والديمقراطية والحكمة والفهم العقلاني للدين عند اتباع تنظيمات الاسلام السياسي في كلا المذهبين السني والشيعي .
7 . ساهمت ووافقت بلا تردد تنظيمات الاسلام السياسي الشيعي في العراق تحت رعاية الحاكم الامريكي بول بريمر أثناء الاحتلال الامريكي والبريطاني للعراق عام 2003 في تكريس نظام المُحاصصة الطائفية السياسية المُتخلف في مُؤسسات الدولة والذي لم يكتفي (أي بول بريمر) بحل حزب البعث العراقي, بل قام بحل حتى المؤسسة العسكرية (الجيش) وكافة المُؤسسات الامنية وجميع مُؤسسات الدولة النفطية والاقتصادية والخدماتية .. وهذا ما أدخل العراق ليس فقط في دوامة التمزق الاجتماعي والصراعات المذهبية والطائفية, بل ساهم أيضاً في تكريس النهب والفساد في ظل نظام المُحاصصة الطائفية الذي باركته للاسف كتل وأحزاب الاسلام السياسي وجميع المرجعيات الدينية ولا سيما الشيعية منها .
8. تحول للاسف مفهوم المقاومة لدى تنظيمات الاسلام السياسي بسبب الصراع الطائفي والمذهبي في المنطقة الى حرب ومواجهات لا تنتهي بين اتباع الاسلام السياسي السني والتكفيري المدعومة من الغرب وتركيا ومشيخات الخليج وبين تنظيمات المقاومة الاسلامية الشيعية ولا سيما في العراق حيث يتواجد ما لا يقل عن ستين فصيلاً مُسلحاً من فصائل الحشد الشعبي الشيعي التي تتبع المرجعية الدينية ورجال دين وشيوخ وقيادات مذهبية شيعية عديدة والتي تعتبر نفسها جزءاً من محور المقاومة في المنطقة رغم تورطها حتى بقمع الآلاف وقتل المئات من الجماهير الشيعية في العراق التي تمردت على الفقر والغلاء والبطالة والظروف المعيشية المُزرية في أواخر صيف 2019 وحتى الشهور الاولى من عام 2020 .. حيث وصل الامر بالجماهير الشيعية الغاضبة الى مُهاجمة مقار الحشد الشعبي وحرق القنصلية الايرانية في النجف .
أجمل التحيات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الصين تحذّر واشنطن من تزايد وتراكم العوامل السلبية في العلاق


.. شيعة البحرين.. أغلبية في العدد وأقلية في الحقوق؟




.. طلبنا الحوار فأرسلوا لنا الشرطة.. طالب جامعي داعم للقضية الف


.. غزة: تحركات الجامعات الأميركية تحدٍ انتخابي لبايدن وتذكير بح




.. مفاوضات التهدئة.. وفد مصري في تل أبيب وحديث عن مرونة إسرائيل