الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إقتصاد سياسي جائحة فيروس كورونا المستجد

بندر نوري
كاتب وباحث من السودان

(Bandar Noory)

2020 / 5 / 8
ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية


ساهمت جائحة كورونا المستجد في إلقاء مزيد من الأضواء الكاشفة للتناقضات الداخلية للنظام الراسمالي والطريقة التي يعمل بها هذا النظام – كنظام يتمركز حول تعظيم الربح- (1). فمن المتوقع أن يدخل هذا النظام في ركود عميق يتجاوز ذلك الذي حدث عقب أزمة 2007-2008 وليمتد ليضاهي أزمة الثلانينات من القرن المنصرم 1930 (1).
رغم محاولات الأجهزة الأيدولوجية (أجهزة إعلام، دور نشر وإنتاج المعرفة) فصل جائحة كورونا المستجد من أزمات النظام الراسمالي، الا أن هنالك صلة وثيقة بينهما وذلك ما سنحاول توضيحه في هذا المقال.
يميل النظام الراسمالي بسبب أنه نظام متمركز حول الربح نحو فيض الإنتاج بمعني أن الإنتاج غير مرتبط بالحوجة الإجتماعية ويعتبر ذلك من المصادر الأساسية للأزمات التي يمر بها النظام الراسمالي بشكل دوري (2)، مما يؤدي الى إستهلاك الموارد البيئية وبالتالي أنظمة التوازن البيئي (Ecosystem) وما يستتبع ذلك من توفير الوسط البيئي الملائم لإمكانية حدوث طفرات بمعدل مختلف عن المعتاد في تطور مختلف أنواع الكائنات المسببة للأمراض وفي مقدمتها الفيروسات (3،4). بعد سيطرة الليبرالية الجديدة كنظام إقتصادي، سياسي وإجتماعي مهيمن منذ السبعينات من القرن المنصرم، مما يعني سيطرة قطاع الخدمات (القطاع المالي، العقاري) علي مفاصل الإقتصاد، وبالتالي سيطرة نمط من النشاط الإقتصاي يسمي بالنشاط الإقتصادي الإستخراجي في دول الجنوب بالأخص الذي يعتمد علي إستخراج المعادن الثمينة عن طريق القطاع غير المنظم بعد إنسحاب الدولة من إدارة النشاط الإقتصادي ونهاية سيطرتها الإحتكارية علي ما كان يعرف بالقطاعات السيادية مما يؤدي إلي إختلال التوازن البيئي بشكل أكبر من أي وقت مضي (3)، في السودان يعمل أكثر من ستة ملايين من العامليين في قطاع التعدين الذي يعتبر من أنواع الإستغلال الجديد حيث يلبي هذا القطاع الحوجة العالمية من المواد الخام بأبخث الأثمان.
تأثيرات عدم إرتباط الإنتاج بالحوجة الإجتماعية إمتدت لتظهر بشكل مباشر في مقاومة فيروس كورونا المستجد علي الأرض حيث شهد العالم نقص كبير في وسائل الحماية الخاصة بالكوادر الصحية، وفي أعداد الكمامات والمعقمات، ....الخ وبما أن الحوجة الإجتماعية واضحة مع جائحة كورونا وهي تصنيع المزيد من وسائل الحماية لتغطية العجز العالمي الا أن المؤسسات الإنتاجية داخل البلاد وعلي المستوي العالمي أحجمت عن ذلك لكون الطلب علي هذه الوسائل سيكون مؤقتا ولن يمتد لما بعد الجائحة.
يعتمد فيض الإنتاج علي سيطرة النزعة الإستهلاكية كوسيلة للتراكم الراسمالي حيث يوفر الإستهلاك حوالي 70-80% من التراكم الراسمالي (3) ومع السياسات الحمائية المصاحبة لجائحة كورونا والتي أدت لإغلاق المطارات، والفنادق، والمنتجعات وكل الإستثمارات الضخمة التي قامت من أجل زيادة وتيرة الإستهلاك، كما أن إنقطاع سلاسل الإمداد الغذائي أدي لتوقف حوالي 70% من التصنيع الغذائي (2) مما يزيد إمكانية دخول الإقتصاد الراسمالي في كساد عميق. حيث أشار الى ان 60%- 70% من المشاركين الأمريكين في إستطلاع منشور في الفايننشيال تايميز عدم رغبتهم في السفر لقضاء الإجازة حتي بعد إنجلاء الجائحة لاسباب إقتصادية وصحية (1).
لاشك أن تحول الوباء في ظرف قياسي إلي جائحة (Pandemic)، يعبر عن إحدي الإشكالات التي أفرزتها العولمة الراسمالية حيث تتبع الفيروس الطفرة التي حدثت في الطرق السريعة، والمطارات الفارهة والتطور المذهل في وسائل النقل في التنقل من دولة إلي أخري عبر مسارات تحرير التجارة مما يعبر عن ربما كونية الأمراض المعدية خاصة التي تمتلك أمكانية إنتشار عالية مثل فيروس كورونا المستجد (3). ويضيف جيجك أنه ربما لو لم تحدث التحولات التي حدثت في الصين وأدت إلي إندماجها التام في الإقتصادي العالمي المعولم لم نكن لنسمع بهذا المرض علي الإطلاق (5).
من القوانين الأساسية التي تتحكم في حركة النظام الراسمالي هو التناقض بين الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج وبالتالي إنتزاع الفوائض وبين التنظيم الإجتماعي للعمل، حيث صاحب التحول نحو النيولبرالية تحولات أساسية في أنماط التوظف وتحديدا التاكل المستمر للوظائف الدائمة وإحلالها بالوظائف المؤقتة، حيث يعتبر التنازل من الحقوق الأساسية التي إنتزعها العمال بعد نضالات طويلة ومريرة من وظائف دائمة وحقوق ما بعد الخدمة من معاشات تقاعدية،...الخ وذلك ما درج علي تسميته بالتراكم المرن هو من المصادر الأساسية للتراكم الراسمالي والربح. وسر المرونة يكمن في سهولة التخلص من العمالة في حالة حدوث أزمات راسمالية، سواء كانت أزمات تراكم راسمالي، أو أزمات إفراط التراكم ((Over accumulation.
رغم الكتابات الكثيرة عن ديمقراطية فيروس كورونا المستجد وخاصة من كتاب يساريين مثل سلافوي جيجك (كورونا ضربة للراسمالية)، بمعني أن الفيروس لا يميز بين الطبقات البرجوازية والكادحة ولا بين الإثنيات المختلفة في الإصابة وذلك صحيح إلي حد ما، ولكن إذا تمعنا في سيل الأخبار المتواترة علي المستوي العالمي والمحلي يتكشف عدم دقة هذه الكتابات، فبرجوازية أمريكا علي سبيل المثال ظلت تتنقل بالهيلكوبترات بين الولايات الأمريكية هروبا من الولايات التي يظهر فيها الوباء بشكل كثيف (3،6)، كما ينفقون أموال طائلة لشراء أجهزة تنقية الهواء (6). بالإضافة إلي ذلك تتمتع الطبقات البرجوازية، الوسطي، العليا والإدارات التنفيذية بخيارات أكبر في العمل من المنزل والحفاظ علي دخلهم، حيث كشف إستطلاع أجراه مركز يسمي Pew أن غالبية الأشخاص الذين يكسبون أكثر من 100 ألف دولار متأكدون من محافظتهم علي دخلهم في حالة فقدهم للعمل بسبب فيروس كورونا المستجد، بينما فقط 30% من العاملين الذين يكسبون أقل من 30 ألف دولار متاكدون من محافظتهم علي دخلهم (3، 6). لجأت بعض الشركات في إعادة تنظيم العمل وذلك باعطاء إجازات حيث يعتمد إحتمالية الحصول علي إجازة مدفوعة أيضا علي الموقع الطبقي، حيث أن إمكانية حصول العاملين من ذوي الدخل المنخفض علي إجازات مدفوعة القيمة تبلغ 31%، بمعني أن فقط 31% من العاملين أصحاب الدخول المنخفضة بامكانهم الحصول علي إجازات مدفوعة القيمة بسبب فيروس كورونا المستجد، مقابل 94% من أصحاب الدخول العالية (6). أوردت صحيفة التلغراف اللندنية أن إحتمالية وفاة المصاب بفيروس كورونا المستجد ترتفع إلي 4 اضعاف وسط الطبقات الكادحة من البريطانيين ذوي أصول أفريقية أكثر من غيرهم حسب تقديرات ONS (23). في الولايات المتحدة الأمريكية تنتشر الإصابة وسط الطبقات الكادحة من الأمريكيين ذوي أصول أفريقية بشكل أكبر حيث نجد في مدينة إلينوي رغم أن الأمريكيين ذوي أصول أفريقية يشكلون فقط 14% من سكان المدينة الإ أنهم يمثلون 42% من المصابين، في شيكاغو أكثر من 72% من الوفيات من الأمريكيين ذوي أصول أفريقية رغم انهم يشكلون فقط ثلث سكان المدينة، نفس الأمر في نيو أورليانز يمثلون 33% من السكان و70% من الوفيات (23).
زاد إعتماد الراسمالية في طورها النيولبرالي علي النقود (هوس طباعة النقود ليس محليا فقط علي كل حال كما يفهم إقتصادي اليسار في السودان)، فتضخم المعروض من الكتلة النقدية وخلق الديون واحدة من أهم اليات النيولبرالية في إعادة الإنتاج، حيث يقدر حجم الدين العالمي بحوالي 250 تريليون دولار، أي ما يعادل 320% من إجمالي الناتج العالمي الخام. لذا نفهم في هذا السياق أن يكون أول رد فعل أمريكي وأوربي علي جائحة كورنا وتقليص أسعار الفائدة إلي 0.5% في حالة البنك المركزي الأوربي (2) حتي لا تتوقف عملية سداد الديون من قبل الشركات. لكن كل ذلك لن يجدي نفعا ولن ينقذ الإقتصاد العالمي من الدخول في موجة كساد عظيمة أخري رغم الإستلاف من المستقبل (الديون، الدمار البيئي) الذي أصبح الألية الأساسية لاعادة إنتاج النيولبرالية كما يذهب لذلك سلافوي جيجك وموريسيو لازاراتو. ما يمكن توقعه هو موجات إفلاس عارمة رغم محالات الإنقاذ المعتادة وبالتالي تسريح واسع للعمالة وإندماجات للشركات المتوسطة حتي تقوي علي المنافسة. من الأثار الإيجابية بمنطق الراسمالية أن الوفيات العالية للاسف الشديد وسط الفئات العمرية الكبيرة سيقلل من الضغط علي نظام الرعاية الإجتماعية والذي أتوقع أن يتواصل في التاكل المستمرإلي ان يتم التراجع التام عنه، كما أن التباعد الإجتماعي رغم أهميته الكبيرة في مقاومة الجائحة من المتوقع مع طول المدة أن يؤدي إلي تحولات ثقافية كما اشار لها هارفي خاصة في دول الجنوب مع مخاوف تعزيز الفردانية.
كما أن مع الإعتماد الكبير علي الديون أصبح الحديث عن الديمقراطية حتي في طورها الذي أصبح مجرد حرية إختيار قسرية (Forced free choices)حيث تحدد الديون حياة الأفراد وخططهم لسنين طويلة دون أن يتمكنوا من التزحزح منها يمينا أو يسارا.
سيطرة القطاع المالي علي مفاصل الإقتصاد يقتصي سيادة وسائل الإحتيال والفساد كاليات للتراكم الراسمالي كما ذهب لذلك كارل ماركس (البنوك والإقتراض أصبحا أقوي وسيلة لدفع الإنتاج الراسمالي إلي ما وراء حدوده وأحد أكثر الأدوات فعالية لخلق الأزمات وعملية الإحتيال) (2، 7). لذا لابد من تحولات علي مستوي البنية الفوقية والأخلاق تستوعب هذه المتغيرات ويتم التعبير عن ذلك إجتماعيا بان تصبح السرقة شفتنة وتفتيحة والإستقامة المالية والأخلاقية مزمة.
في السودان بعد أن إفراغ ثورة قامت علي أعقاب 30 عام من سياسات التقشف المدمرة التي سببت الإفقار الممنهج للطبقات الكادحة ومركزت الثروة في يد الطبقات البرجوازية وتحالفاتها في الريف والحضر من محتواها وتحويلها إلي تغيير سياسي متفق حوله يهدف إلي بناء جهاز دولة برجوازي (دولة مدنية ديمقراطية) المتجسد في إعلان الحرية والتغيير الذي لم يتحقق هو الأخر علي أرض الواقع بسبب التسوية السياسية التي قطعت طريق التغيير الجذري. بالتالي حافظت البرجوازية علي طبيعة تنظيم جهاز الدولة المضمحل (النيولبرالي) الذي يعيد إنتاج مصالحها الإجتماعية، وتظهر هذه الحقائق علي مستوي الممارسة السياسية اليومية بشكل جلي حيث يعبر البرنامج الحكومي في التعامل مع جائحة كورونا عن طبيعتها الطبقية المنحازة للراسمالية حيث تم تخيير الكوادر الإدارية والموظفين العاملين في القطاعات الإنتاجية مثل مصنع JTI للسجائر في العمل من المنزل، في نفس الوقت الذي لم يتغير فيه شئ في تنظيم العمل لكي يتماشي مع موجهات الحماية، حيث ما زال أكثر من 56-100 من العاملين يتجمعون في دوام عمل واحد، بل وتمت زيادة ساعات العمل من 8 ساعات إلي 12 ساعة. وواجهت الإدارة محاولات العمال المختلفة لتغيير تنظيم العمل وتقليل ساعات العمل، وتوفير أدوات الحماية اللازمة بالرفض (8)، وإضطر عمال النظافة بمحلية الخرطوم حسب نفس المصدر لإشهار سلاح الإضراب حتي يضغطوا علي المحلية والدولة لتقوم بتوفير وسائل الحماية الإساسية من كمامات، معقمات وغيرها. بالإضافة إلي ذلك تلقي العاملون بمصانع شامبيون حسب التقرير الصحفي المنشور بصحيفة الحداثة بتاريخ 5 مايو تهديدات بالفصل بدون مستحقات إذا طالبوا بحقوق رصفائهم من العاملين، وهو نفس المصير الذي تعرض له العاملون بماكدونالز بالولايات المتحدة حيث تم التاكيد أن الحقوق التي حازت عليها الطبقة العاملة هي ممنوحة من الراسمالية وليست بسبب أي شكل من أشكال النضال المنظم.
تمتد الأزمة عمقا في السوادن فالغالبية من العاملين في السودان (65%) في القطاع الهامشي الذين لا يحصلون علي ضروريات المعيشة الا عبر بيع قوة عملهم بشكل يومي (عمال يوميات)، حيث كل ما يفعله النخبة حيالهم هو استنكارهم لعدم تنفيذهم لتوصيات وزارة الصحة والحكومة الإنتقالية الخاصة بمكافحة كورونا، دون أن يكلفوا انفسهم مجرد التمعن بالأسباب الهيكلية التي تجعل حياتهم متوقفة علي الخروج اليومي من المنزل والبحث عن لقمة العيش، حيث تفتقر هذا القطاع أدني معينات الحماية الإجتماعية والإقتصادية والنقابية. في مسح القوي العاملة لعام 2011 فان 12% فقط من العمالة في القطاع غير المنظم تشملهم تغطية التامين الإجتماعي. بينما أشار 74% منهم بعدم وجود تامين صحي. بالإضافة إلي ذلك أشار 80% من العمالة بعدم وجود نقابات تدافع عن حقوقهم. وفي دراسة أجريت وسط بائعات الشاي بولاية الخرطوم وجدت أن 57.% يسددن رسوم للمحلية, بينما 71.2% يتعرضن للكشة رغم تسديد رسوم المحلية 86.5% يمتلكن تأمين صحي و 92% ليس لهن تنظيم نقابي أو جمعية تعاونية (9).
ميل الراسمالية لتحميل العاملين تبعات أزمات الراسمالية وتناقضاتها الداخلية ظهر بشكل واضح في إستغناء مستشفي الفؤاد في الخرطوم عن ما يقارب من 30 طبيب بسبب قلة الطلب المربح علي الخدمات الصحية، وهو نفس السبب الذي يجعل نصف العاملين في الولايات المتحدة معرضين لفقدان وظائفهم (6)، وتشير بعض التقارير إلي وصول عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة إلي ما يقارب 20 مليون! منذ شهر أبريل لترتفع نسبة البطالة إلي 14.7% (10)، وهذا هو الإتجاه العالمي المتوقع كما يذهب لذلك ديفيد هارفي فقدان المزيد من الوظائف علي المستوي العالمي وفي السودان أيضا ، نتيجة الكساد العظيم الذي سيضرب الإقتصاد العالمي والذ يضاهي كساد 1930، حيث تشير تقديرات المفوضية الأوربية إلي ركود عميق في الإقتصادات الأوربية بمعدل 7.7%، والذي يتراوح من 9.5، 9.4% في أيطاليا وإسبانيا إلي 8.2% و6.5% في فرنسا وألمانيا علي الترتيب (10) (عدم عدالة حتي في الإنكماش الإقتصادي). كما أن تنظيم العمل مستقبلا سيعتمد علي أعداد أقل من العاملين (إنهيار النموذج الفوردي لتنظيم العمل)، مما يعني تكثيف العمل وزيادة حدة الإستغلال وزيادة الإعتماد علي تكنولوجيا الذكاء الصناعي حتي يكون عمق تأثر عملية الإنتاج والتراكم الراسمالي أقل وتيرة من الأزمة الحالية (3).
من وسائل الأيدولوجية لإعادة إنتاج النموذج النيولبرالي التي ظهرت بشكل فاضح في بدايات إنتشار جائحة كورونا المستجد، حيث سيطرت الأيدولوجية الدينية علي معظم الكتابات في وسائل التواصل الإجتماعي التي ترجع إنتشار فيروس كورونا المستجد إلي العقاب الإلهي علي الصينين بسبب معاملتهم لمسلمي الإيغور، حيث إنصرف التفكير من أزمة النظام الراسمالي إلي القوي الغيبية، مما يعتبر النموذج الحي للأيدولوجية في مخاضها العملي لاعادة إنتاج الراسمالية.
لاشك أن أربعين عاما من سيطرة النيولبرالية كنموذج إقتصادي واجتماعي مهيمن كان له تاثيرات بالغة في تنظيم الأنظمة الصحية باعتبارها تنظيمات إجتماعية مكرسة لتقديم الخدمات الصحية إذا كانت علاجية أم وقائية (12)، إلا أن النموذج النيولبرالي للنظام الصحي هو نموذج قائم علي تعظيم الربح لذلك يركز علي الطب العلاجي وليس الوقائي (في السودان تم تحويل إدارة الطب الوقائي من كونها من أكبر الإدارات بالصحة الإتحادية إلي فرع صغير بمكافحة الإمراض بالرعاية الصحية الأولية)، كما أن الشركات الراسمالية المستثمرة في الصحة تفضل أن تستثمر في أبحاث الصحة العلاجية أكثر من الصحة الوقائية أو طرق الإستعداد لمكافحة وباءات محتملة لان الطلب علي هذه المنتجات مرتبط بالجائحة فقط، ولا يوجد عليها طلب مستديم (3)، وهو نفس السبب الذي يجعل شركات الأدوية الكبيرة تفضل الإستثمار في بحوث أدوية الأمراض المزمنة (الطلب عيها طوال العمر) من الإستثمار في لقحات كورونا المستجد أو حتي المضادات الحيوية بما فيها مضادات الفيروسات رغم أن الأرقام تقول أن حوالي 99 ألف حالة وفاة تحدث في الولايات المتحدة سنويا بسبب أمراض مكتسبة في المستشفيات (13).
وإذا علمنا أنه كانت هنالك تحذيرات بخصوص مقدرات فيروس كورونا علي التطور عبر الطفرات خاصة بعد وباء ميرز (MERS) وذلك فى عام 2002م، هذه التحذيرات تم إطلاقها عبر عدد من المختصين منهم علي سبيل المثال بروفيسور متخصص في الأمراض المعدية والصحة الدولية بجامعة لندن وذلك في ورقة علمية منشورة حيث نبه إلي خطورة فيروس كورونا وقدراته علي التطور عبر الطفرات مما يجعل وباء ميرز فرصة ذهبية للاستعداد لاحتمالية حدوث وباء اخر في المستقبل عبر العمل علي إنتاج مضادات فيروسات خاصة بفيروس كورونا (20)، الا أن محاولاته باءت بالفشل حيث عللت شركات الأدوية عدم حماسها للإستثمار في إنتاج مضاد الفيروسات والإستعداد للوباء المحتمل لقلة عدد المصابين بالوباء في ذلك الوقت وبالتالي ضعف الأرباح بمنطق السوق، بالإضافة إلي إنحصار الوباء علي الشرق الأوسط ، وأيضا إرتباط الطلب علي المنتجات بالوباء أو الإصابة الفيروسية مما يعني أن العائد سيكون أقل من الإستثمار في علاجات الأمراض المزمنة! (13). نفس الإتجاه ذهب إليه نعوم تشومسكي في تحليله لضعف تعامل الدول العظمي مع الجائحة بان الضعف هيكلي يتعلق بعدم ربحية الإستثمار في الإستعداد للوباء الذي كان متوقعا (14).
كما أن سيطرة النموذج النيولبرالي للنظام الصحي تجلي في النقص المريع في البنية التحتية الخاصة بالمؤسسات الصحية حتي في أعتي الدول الراسمالية، فقد عانت الولايات المتحدة من نقص في الكوادر الصحية، وفي الأسرة وأجهزة التنفس الصناعي مقابل عدد السكان (14)، فمثلا نجد معدل عدد أسرة العناية المركزة والوسيطة لعدد السكان يتراوح من 11.6 لكل 100 الف في فرنسا، إلي 12.5 في أيطاليا، 6.6 في بريطانيا (21). تقليص ميزانيات الصحة والخدمات الإجتماعية وتحديدا تقليص ميزانيات مركز مكافحة الأمراض، وحل فريق العمل المتخصص في الأوبئة في مجلس الأمن القومي، وتقليص ميزانيات البحث العلمي، كما هو الحال في إيطاليا وإسبانيا وبقية دول العالم. وهنا يضيف ديفيد هارفي ملاحظة مهمة أن الدول التي تعتبر أقل حدة في التحولات النيولبرالية إستطاعت أن تتعامل مع الجائحة بفاعلية أكبر بإستثناء إيران (3). عادة تبرر الدول الراسمالية تبني النموذج النيولبرالي للنظام الصحي بقلة الموارد وفعالية النموذج المقترح من ناحية إعطاء نتائج جيدة وإستهلاك موارد قليلة الا أن نتائج البحوث تنفي هذا الإدعاء وتحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث تقول نتائج إحدي البحوث بأن التحول لنظام صحي قومي سوف يوفر علي خزينة الدولة 13% من الموازنة المرصودة للصحة، أي ما يعادل 450 مليون دولار سنويا، كما يمكن أن ينقذ حياة 68 ألف مواطن، ويضيف 1.73 مليون سنة عمرية لأعمار المواطنين الأمريكيين (14).
في السودان يعاني النظام الصحي من تحولات هيكلية عميقة في إتجاه تبني النموذج النيولبرالي منذ عام 1992 مما إنعكس بشكل واضح في أداء مختلف الأعمدة المكونة للنظام الصحي. من المعروف أن النظام الصحي في السودان يتكون من ثلاثة مستويات:
• المستوي الإتحادي
• المستوي الولائي
• المستوي المحلي
في كل مستوي من المستويات توجد ست أعمدة أساسية مكونة للنظام الصحي وهي: تقديم الخدمات الصحية، الموارد البشرية الصحية، تمويل النظام الصحي، نظام المعلومات الصحية، المنتجات الطبية والتكنولوجيا، والحاكمية أو القيادة في النظام الصحي. هذه الأعمدة تم إعادة تشكيلها وتنظيمها بالشكل الذي يخدم أجندة السوق من تعظيم الربح والفوائض حيث أصبحت الدولة بما فيها النظام الصحي تقوم بأدوار جديدة وهي تهيئة الأجواء للإستثمار والتراكم الراسمالي للقطاع الخاص. بمعني أن تدهور بيئة العمل ومعينات العمل من أدوية منقذة للحياة وقطن وشاش،...الخ بالمؤسسات الصحية مما يؤدي إلي رداءة الخدمة الصحية المقدمة، كما أن تفريغ المؤسسات الصحية من الكادر الصحي المدرب عبر إبتلاعهم من القطاع الخاص هي ذاتها الأليات التي صممت من أجل إفقاد ثقة الجماهير في القطاع العام من أجل أن يزدهر القطاع الخاص. المعروف أن تقليصا كبيرا في عدد الكوادر الصحية تم تنفيذه كجزء من سياسات التكيف الهيكلي الذي يلزم الدولة بتقليص العمالة في القطاع الحكومي. حيث أن منظمة الصحية العالمية صنفت السودان من ضمن الدول التي تعاني من نقص كبير في عدد الكوادر الصحية أي بمعدل 23 كادر صحي مقابل كل 10000 من المواطنين (15). بينما يوجد 1.5 وحدة صحية أو مركز صحي في خدمة 10000 من السكان حسب موقع منظمة الصحة العالمية (24).
كما ان معظم الكوادر الصحية لا تمتلك وظائف دائمة كجزء من التحولات التي صاحبت صعود النيولبرالية من التحول من الوظائف الدائمة إلي التعاقدات المرنة، بالإضافة إلي أن التقليص المستمر في ميزانية الصحة والتدهور في وضع الكادر الصحي أدي إلي موجة هجرات جماعية وسط الكوادر الصحية حيث قدرت دراسة عام 2013 أن نصف عدد الأطباء البالغ عددهم 25 ألف المسجلين في ذلك الوقت في المجلس الطبي كانوا خارج البلاد، وإرتفع العدد إلي 20 ألف في عام 2017 (22)، مما أدي إلي إزدهار تجارة إستخدام الكوادر الصحية حيث تشير ذات الدراسة لزيادة عدد مكاتب الإستخدام التي توفر فرص عمل للكوادر الصحية بالخارج من 10 مكاتب في عام 2000 إلي 400 مكتب عام 2013 (15). ولان النيولبرالية تستهدف تسليع كل مناحي الحياة فقد تم تسليع تدريب الكوادر الصحية حيث يدفع نواب الإختصاصيين حوالي 50 ألف جنيه سنويا لمجلس التخصصات الطبية بغرض التدرب. يعاني توزيع الكوادر الصحية كجزء من الموارد الصحية بشكل عام من عدم عدالة بشكل فاضح نتيجة المضي في طريق التنمية الراسمالية حيث يتفاوت عدد الأطباء مقابل السكان من 29.7 طبيب لكل 100000 من السكان في ولاية الخرطوم، إلي 5 أطباء في شرق دارفور، بالإضافة إلي التفاوت الكبير في توزيع الإختصاصيين من 9.5 أخصائي لكل 100 ألف من السكان في ولاية الخرطوم إلي 5 في شرق دارفور، 1 في جنوب دارفور (15). كما أن توزيع الزائرات الصحيات يعاني من نفس الإشكال حيث توجد 82، 5، لكل 100 ألف من السكان في الخرطوم، شرق، وسط وغرب دارفور وجنوب كردفان على التوالى.
تعرض تمويل النظام الصحي للتقليص المستمر كشرط من الشروط الهيكلية الواجبة النفاذ لإحداث سياسات التكيف الهيكلي، رغم الزيادة في الصرف علي الصحة من 3 مليار و600 في 2019 إلي 7 مليار و200 في 2020 (100%) (موازنة 2020). لكن هذا الصرف القومي علي الصحة يعادل 1.17% من جملة الإيرادات والمنح و 2.5% من جملة الإيرادات و 0.35% من الناتج الإجمالي المحلي لعام 2020 (17). بالإضافة إلي زيادة نسبة التمويل من جيوب المواطنين (Out of pocket)، حيث تقدر نسبة الميزانية التي تأتي من جيوب المواطنين من الميزانية الكلية بحوالي76.5 %. أي بمعني أن من جملة المبالغ التي يتم رصدها للصرف علي الصحة فإن 76.5% من هذا المبلغ أتي من تجميع حصيلة المبالغ التي دفعها المواطنون المغلوبون علي أمرهم في المؤسسات الصحية عند إستهلاكهم للخدمات الصحية.
جدول (1): نسبة الميزانية التي تمول من جيوب المواطنين من إجمالي ميزانية الصحة
الدول
الفترة الزمنية #
الجزائر
% المدفوع من جيوب المواطنين مصر
% المدفوع من جيوب المواطنين الإمارات
% المدفوع من جيوب المواطنين السودان
% المدفوع من جيوب المواطنين
96.8% 93.4% 69.9% 92.8% 1995 – 1998 1
96.4% 97.6% 71.1% 91.6% 1999 – 2002 2
95.2% 98.4% 73% 92.1% 2003 – 2006 3
96.6% 97.8% 68.9% 95.5% 2007 – 2010 4
97.2% 97.7% 63.2% 95.9% 2011 - 2013 5
*المصدر: (18)
ما أردت التاكيد عليه من الجدول أعلاه هو أن النسبة المدفوعة من جيوب المواطنين من جملة ميزانية الصحة في السودان تتراوح ما بين (91%- 96%) بمعني أن الدولة المضمحلة تدفع فعلا ما يتراوح من 4%-9% فقط من جملة ميزانية الصحة، بالإضافة إلي ذلك فان النسبة العالية للمدفوع من جيوب المواطينين هي ظاهرة إقليمية ولا يرجع سببه اكما هو واضح في الجدول أعلاه للسياقات المحلية الخاصة بكل دولة فقط، وإنما لقاسم مشترك بين معظم الدول هو تنفيذ سياسات التكيف الهيكلي.
نظام الإمداد الدوائي الذي يعمل في نظامنا الصحي يسمي Cash and carry system ولعل الاسم ومدلوله يغنينا الكثير من التوضيح بمعني أن النظام مبني في الأساس علي إستخلاص الفوائض التي تترواح من 125% في حالة البيع بالجملة من الإمدادات الطبية التي بدورها شهدت تحولات بعد تحولها إلي صندوق يتاجر في الدواء بمساعدة الاليات الإحتكارية التي توفرها الدولة في بعض الأدوية وذلك في طريق خصخصتها المرسوم كما رصيفاتها من أجهزة الدولة التي شهدت تجارب خصخصة ناجحة كما إدعي عراب السوق الحر في قطاع الأدوية د. جمال خلف الله. نسبة الربح تتضاعف في حالة الدواء الدائري لتصل 240% مع فعالية ضعيفة جدا حيث أن نسبة توفر الأدوية لا تتراوح 47.2% للأدوية المصنعة محليا، و14% للمستوردة في القطاع العام، و63.9% للمصنعة محليا، و23.5% للمستوردة في القطاع الخاص (25).
في ظل هذا النظام الصحي المنهار كان لابد أن تكون مؤشرات الأداء بهذا السوء لدرجة أن وفيات الأمهات أثناء الولادة تعادل 216 وفاة في كل 100000 ولادة، ووفيات الأطفال دون الخامسة من العمر 68 وفاة من كل 10000 طفل، ووفيات الأطفال الرضع حوالي 52 طفل من كل 1000 طفل رضيع (16).
إنهيار النظام الصحي وتشظي أعمدته البنائية إنعكس بشكل مباشر في إستجابيته للجائحة (Responsiveness)، حيث شهدنا توقف الخدمة الصحية للحالات غير المتعلقة بالكوفيد-19 في فترات زمنية متفاوتة لأسباب متفاوتة من نقص معينات الحماية ومخالطة الكادر الصحي لحالات كورونا مؤكدة أو مشتبهة، عدم فعالية نظام الفرز والإحالة، ضيق الطاقة الإستيعابية للنظام المعملي، نظام تعقب المخالطين،،،الخ وغيره من الأسباب الهيكلية والتي لا يمكن فصلها من حالة اللا-دولة، أو الدولة المضمحلة لدرجة عدم مبالاة الجماهير بالتوجيهات الصارمة وإنفعالات وزير الصحة الإتحادي وكأن الجماهير ترد علي السلطة الإنتقالية بانهم ما عادوا يتلمسون وجود الدولة الا في مظاهر العسكرة وإنتشار مليشيات الدعم السريع المدججة بالأسلحة في الطرقات المختلفة.
تباينت التدخلات من دولة إلي أخري من تخفيض حجم الفائدة أمريكا وأوربا وتخصيص 2 تريليون دولار كميزانية خطة إنقاذ من قبل إدارة ترمب حسب إفادات نعوم تشومسكي مع أني أختلف مع قراياته بان الجماهير الكادحة تستفيد من خطة الإنقاذ والمالية المرصودة لانها مرصودة في راي لانقاذ المصارف والشركات التي تتعثر في سداد ديونها بمعني أنها مخصصة في الأساس لحماية النظام الذي يتداعي. ستكون هنالك خطة تدخل واسعة لانقاذ النظام المصرفي والشركات الراسمالية العابرة للحدود القومية في كل الدول الإمبريالية لكن ذلك لا يمكن تسميته بتحولات إشتراكية بدون تسميتها إشتراكية كما ذهب لذلك ديفيد هارفي (3) بل تظل تدخلات النظام الراسمالي المعتادة لانقاذ التراكم الراسمالي في فترات الكساد والأزمات عندما تكتشف الراسمالية بأن يد السوق الخفية لا تعمل كما إدعي ادم سميث.
التدخل النموذجي في رايى كان من ولاية كيرالا الشيوعية في الهند التي خصصت 270 مليون دولار كميزانية لخطة مجابهة جائحة كورونا المستجد وإعتمدت الخطة علي العمل علي مستوي المجتمع إعتمادا علي التنظيمات المجتمعية المتجذرة لزيادة الوعي حول المرض وكيفية الوقاية منه، مرورا بتوفير الغذاء والعلاج المجاني بمراكز العزل، دعومات مالية مباشرة للأسر عن طريق المنظومة النسائية التي توازي الإتحاد النسائي، تخصيص ميزانيات لزيادة دعم العاملين بالقري، مرتب شهرين من الرسوم التقاعدية لكبار السن، سلاسل إمداد غذائية مدعومة للمنازل، دفعت الولاية فواتير المياه والكهرباء وقامت بتعليق الفائدة كليا علي كل الديون التي تلقاها مواطنو الولاية (19).
إرتفعت الطموحات والأمال بشان تأثيرات الأزمة علي النظام الراسمالي حتي أن مفكرا مشهورا بحجم سلافوي جيجك أخذته الحماسة ليبشر بأن الأزمة ستعيد إختراع الشيوعية وبالتحديد ما يسميه نوع جديد من الشيوعية، ربما ياتي ذلك في سياق قراءاته لتدخلات الدولة في أسبانيا حيث قامت بتاميم المستشفيات الخاصة، وهو نفس إتجاه ولاية نيويورك، بالإضافة إلي أن الأزمة طرحت ضرورة مراجعة النظام الفيدرالي خاصة علي النموذج الأمريكي وعدم فعاليته في التعامل مع الأزمات، ويمكن أن أقول بكل شجاعة عدم فعالية النظام الرسمالي برمته، والنموذج النيولبرالي للنظام الصحي وبالتالي ضرورة النضال من أجل البديل الإشتراكي. لكن ما يجب توضيحه هو أن الأزمة عرت التناقضات الداخلية والقوانين التي تتحكم بحركة النظام الراسمالي، كما أدت لاحتدام الصراع الطبقي وتوسع مجاله ليشمل كل مناحي الحياة وبالتالي تنامي الوعي الطبقي بضرورة النضال من أجل بديل يلبي الحوجات الأنسانية للإنسان وينقذ البشرية من الدمار.
فهل ستكون الطبقة العاملة قدر الرهان وتعيد إبتداع الياتها التنظيمية الصارمة التي تواكب وتعبر عن الصراع الطبقي علي المستوي العالمي؟
المصادر:
1. After the lockdown: What will capitalism look like?. Adam Booth. Published at Marxist.com in 4th of May 2020.
2. النظام الراسمالي يتداعي مقال لروب سيويل نشر في موقع ماركسي .كوم بتاريخ 12 مارس 2020. ترجمة عاصم زين العابدين
3. السياسات المناهضة للراسمالية في زمن كوفيد -19 مقال لديفيد هارفي. ترجمة علاء بريك هنيدي. المقال الأصل نشر في مجلة جاكوبين بتاريخ 20 مارس 2020.
4. Covid-19 and Circuits of capital. Rob Wallace, Alex Liebman, Luis Fernando Chaves and Rodrick Wallace. Published at Jacobin in 1th of April 2020.
5. كورونا ضربة للراسمالية قد تعيد إختراع الشيوعية. مقال لسلافوي جيجك
6. كشف تفشي فيروس كورونا الفجوة الهائلة بين الأغنياء والفقراء في الوقت الذي تدخل فيه أمريكا في حرب طبقية. مقال ل كيت تايلور. ترجمة عاصم زين العابدين. نشر المقال الأصلي بموقع بزنس انسايدر الأمريكي.
7. Karl Marx. Capital volume (3), Page 593
8. تقرير صحفي بصحيفة الحداثة اليومية بتاريخ الأحد 3 مايو 2020 وموجود في موقع الصحيفة https://www.facebook.com/105281667717970/posts/143996070513196/.
9. (Hassan Ahmed& Ashraf Osman, 2016),
العمل غير المنظم في السودان. راصد الحقوق الإقتصادية والإجتماعية في البلدان العربية.
10. تقرير منشور في موقع الإتحاد الأوربي عن المفوضية الأوربية: التوقعات الإقتصادية لربيع 2020 ركود عميق وغير متكافئ، وإنتعاش غير معروف
https://ec.europa.eu/info/business-economy-euro/economic-performance-and-forecasts/economic-forecasts/spring-2020-economic-forecast-deep-and-uneven-recession-uncertain-recovery_en.
11. صحيفة فاينانشيال تايميز الأمريكية النسخة الألكترونية علي الرابط
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=10163524730380118&id=640375117.
12. Health systems: Improving performance, WHO report 2000.
13. The for-profit pharmaceutical industry is leaving us exposed to pandemics like corona virus. Nick French. Published at Jacobin in 17th of March 2020.
14. Ventilator Shortage Exposes the Cruelty of Neoliberal Capitalism (Interview with Noam Chomsky) by C.J. Polychroniou, published at Truthout in 1st of April 2020
15. Ayat Abuagla, (2016 Challenges to implementation of the WHO Global Code of Practice on International Recruitment of Health Personnel: the case of Sudan).
16. Annual health statistical report, FMOH, 2015.
17. من نقد الموازنة إلي نقد السياسات الإقتصادية والإجتماعية أو إحتدام الصراع الطبقي.. بندر نوري .. نشر في الحوار المتمدن بتاريخ 21 يناير 2020
18. Ebaidalla 2016, Determinants and impact of household out- of – pocket health expenditure in Sudan, evidence from Urban and rural areas.
19. Kerala is a model state in the Covid-19 fight, Subin Dennis and Vijay prashad.
20. The free market is not up to the corona virus challenge. Leigh Philips. Published at Jacobin in 4 February 2020.
21. The variability of critical care beds numbers in Europe. Patrick Ferdinande, Bertrand Guidet. Published at Intensive care medicine. July 2012.
22. الإقتصاد السياسي لإدارة أزمة الكورونا بقلم: أديسون جوزيف. منشور بموقع المطرقة علي الرابط
https://almaktraka.blogspot.com/2020/05/blog-post_7.html.
23. تقرير من جامعة جون هوبكنز الأمريكية منشور علي موقع إذاعة صوت ألمانيا
https://www.dw.com/ar/%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9-%D8%BA%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D9%83%D8%AB%D8%B1-
24. الإحصائيات ماخوذة من موقع منظمة الصحة العالمية يمكن الإطلاع عليها هنا
http://www.emro.who.int/sdn/sudan-infocus/access-to-key-medicine.html
25. Measuring availability and prices of locally produced and imported medicines in Sudan. Salah I. Khder, 2019. Published at Journal of medical informatics and decision making and available at: https://openaccesspub.org/jmid/article/1237.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشيف عمر.. طريقة أشهى ا?كلات يوم الجمعة من كبسة ومندي وبريا


.. المغرب.. تطبيق -المعقول- للزواج يثير جدلا واسعا




.. حزب الله ينفي تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي بالقضاء على نصف


.. بودكاست بداية الحكاية: قصة التوقيت الصيفي وحب الحشرات




.. وزارة الدفاع الأميركية تعلن بدء تشييد رصيف بحري قبالة قطاع غ