الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرحلة جديدة للانتفاضة

جلال الصباغ

2020 / 5 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


انطلقت انتفاضة أكتوبر لتعلن بداية النضال الجماهيري للخلاص من النظام السياسي الطائفي والقومي، الذي اوغل في افقار وقتل وتهجير الناس طوال السبعة عشر سنة الماضية، وقد جاءت الانتفاضة في الأول من أكتوبر خالصة من اي تدخل لقوى السلطة وأحزابها ومليشياتها، بل انها كانت خالية حتى من القوى التي تدعي وقوفها مع قضايا الجماهير من إصلاحيين ومثقفين انتهازيين وأحزاب وقوى يسارية.

انطلقت الانتفاضة وعمودها الفقري يتشكل من العمال والمعطلين عن العمل والكادحين والطلبة والتحرريين وغيرهم من الفئات المستفيدة من إسقاط هذا النظام، وقد استمرت المرحلة الأولى لايام قليلة، قوبلت خلالها بقمع وإرهاب منقطع النظير، وكان مطلب الجماهير في هذه المرحلة هو إسقاط النظام، فلا حديث عن تغيير حكومة، أو قانون أحزاب، أو قانون انتخابات او غيرها من المطالبات التي جاءت مع المرحلة الثانية من الانتفاضة. 

في الخامس والعشرين من أكتوبر وبعد التحشيد الكبير للانتفاضة وبعد إدراك السلطة بان الجماهير عازمة على المواصلة حتى إسقاط النظام، بدأت باستراتيجية جديدة، وهي إدخال عناصرها ومليشياتها والقوى المحسوبة عليها والتي كانت تدعي انها مع الجماهير، أدخلت كل هذه القوى مع المنتفضين واخذت تبث عبر أعلامها ومجاميعها، طروحات تهدف لحرف مسار الانتفاضة مثل تشريع قوانين الانتخابات والاحزاب وتغيير الحكومة وحصر التغيير باختيار رئيس وزراء "غير جدلي" كما عملت بكل طاقتها على اشاعة مفاهيم العفوية وعدم التنظيم في صفوف المنتفضين، من أجل اضعاف الانتفاضة وخلوها من اي تصور سياسي ناضج يقود الجماهير، وهو ما حصل بالفعل في هذه المرحلة.

 

في المرحلة الثانية دخلت القوى الإصلاحية التي كانت قبل الانتفاضة واقفة بالضد منها بشكل صريح، وقد ساعدت هذه القوى من أحزاب ومثقفين، السلطة في تشويه وحرف مطالب المنتفضين  وحصرها بقضايا ثانوية واصلاحية، بعيدة كل البعد عن سعي الجماهير في إسقاط النظام وإقامة نظام جديد يمثل طموح الجماهير في الحياة الحرة التي تلبي احتياجاتهم في العمل والسكن والتعليم والصحة. 

في المرحلتين الأولى والثانية جندت السلطة كل أدوات القتل والإرهاب وارتكبت جرائم بشعة بحق المنتفضين، وسط التزام المنتفضين بالسلمية، فرغم خطف العشرات وقتل المئات وجرح الالاف من قبل أجهزة السلطة ومليشياتها، بقي خط المنتفضين ملتزما بعدم المواجهة مع السلطة وهو ما حصل ويحصل لغاية الان، لكن هل سيستمر هذا الوضع ؟ 


ان الانتفاضة اليوم على أعتاب مرحلة ثالثة فبعد كشف زيف القوى الإصلاحية وبعد الصراع الطويل وتراكم التجربة الثورية، أدركت القوى الرئيسية في الانتفاضة المتمثلة بالعمال والمعطلين عن العمل والطلبة والنساء والقوى التقدمية والتحررية، ان تنظيم الجماهير هو الخيار الوحيد لتحقيق الانتفاضة لاهدافها، وقد أدركت جميع هذه الفئات زيف وكذب الطرح الإصلاحي الهادف للاتفاف على الانتفاضة. 

تتطلب المرحلة الثالثة من الانتفاضة العمل السياسي الجاد، من أجل تحقيق مطالب المنتفضين في الخلاص من النظام الحالي وتأسيس حكم الجماهير، خصوصا مع فضح كل الأطراف الإصلاحية او المحسوبة على السلطة، التي حاولت سرقة الانتفاضة. 

ان التهيئة الصحيحة لهذه المرحلة ووضوح الرؤيا السياسية التي تقود الجماهير وتقرر استراتيجيات المواجهة مع السلطة أمر في غاية الأهمية، وبدونه تبقى الانتفاضة تدور في حلقة مفرغة، وأن لم تستطع قوى الانتفاضة الرئيسية من تنظيم نفسها، تبقى  كل الاحتمالات مفتوحة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني


.. The First Intifada - To Your Left: Palestine | الانتفاضة الأ




.. لماذا تشكل جباليا منطقة صعبة في الحرب بين الفصائل الفلسطينية