الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدل عاشقان

هبة فارس

2020 / 5 / 10
الادب والفن


استيقظ الحبيب من نومه فلم يجد حبيبته بجانبه. فظن أنها استيقظت تواً أو من وقت طال أو قصر وتقوم بإنجاز بعض الأعمال المنزلية حتى يستيقظ هو. بعد سهرته التي قضاها متعباً منهكاً متألماً لما كان به من حمى أيقظته وإياها معظم الليل. فقام متحاملاً على نفسه متجهاً لدورة المياه حتى يستفيق. وأثناء تواجده بها نظر لصورته بالمرآة فإذا بها مزرية حقاً. شعرٌ أشعث، ذقنٌ طويلة لم يقدر على حلا قتها منذ بداية مرضه. أسنان صفراء بفعل التدخين المفرط، عينان متورمتان. شعر بنفسه وكأن العمر قد تقدم به عشرة أعوام في عدة أيام. فقرر طلب المعونة من حبيبته حتى يعيد تهذيب مظهره. فنادى عليها حتى تعاونه بالحمام؛ فلم تجيب. أعاد النداء فربما لم تسمعه لكونها بالشرفة مثلاً. لم تجب أيضاً. أين أنتِ حبيبتي؟ هل يعقل كونها قد خرجت. تحامل على نفسه باحثاً عنها بالبيت كله فلم يجدها. أين ذهبت؟ وكيف تتركني وحيداً؟ ألغى ما كان ينوي فعله وعاد إلى فراشه. أمسك هاتفه النقال وهاتفها: حبيبتي أين أنتِ؟
حبيبي، لقد استيقظت مبكراً عنما توقعت. فقد ظننتك ستنام طويلاً عوضاً عن سهر ليلة البارحة. عذراً حبيبي، لم أتوقع أبداً استيقاظك قبل عودتي. سأوافيك في أقل من نصف الساعة.
لم تخبريني؛ أين أنتِ؟
حبيبي أنا في صالون التجميل.
ماذا صالون التجميل!!!! ظننت أن الأمر هام حتى تتركينني مريضاً وتخرجين.
هو بالفعل ليس هاماً؛ بل هو في غاية الأهمية. لم تعجبني هيئتي فقررت ألا تراني هكذا. وأنه لابد وإصلاح هذا كله حتى تتحسن حالتك النفسية حين تراني جميلة. هل في الكون كله ما هو أكثر أهمية من تحسن نفسيتك حبيبي؟
حبيبتي أنتِ جميلة بالفعل. لكني أحتاجك إلى جواري الآن أكثر مما أحتاجك جميلة.
أنا إلى جوارك بالفعل. وها قد انتهيت. مسافة الطريق فقط وأكون إلى جوارك حبيبي. عذراً، دقائق معدودة فقط.
عادت الحبيبة في أبهى هيئة لها لتجد حبيبها المريض جالساً على سريره سانداً ظهره على مسنده الوثير. فانحنت عليه مقبلة جبهته قائلة: ما هذا الجمال. أنت اليوم أفضل حالاً من البارحة. حمداً لله على سلامتك حبيبي. لقد خفتُ عليك.
جمال!!!!!! إن شكلي مرعب. لقد رأيت صورتي بالمرآة. وأنتِ تتزينين وتهندمين شعركِ، وتزيلين زغب شعيرات وجهكِ الناعمة. أي ظلم هذا؟
ضحكت قائلة: أولاً، انت جميل في كل أحوالك. مريض، معافى، حليق الذقن، طويلها، منتفخ العينين، مرتاحها، مهندم الشعر، أشعثه. أنت أنت حبيبي الجميل. لا ليس الجميل. بل الأجمل على الإطلاق. ثانياً، إذا كنتُ حريصةً على أن تراني جميلة في أحوالك العادية. فحرصي واجبٌ لأن أكون في منتهى الجمال حين تكون متعباً نفسياً وجسدياً.
لكن هذا ليس عدلاً. فعلى الأقل يجب أن أكون بنفس مستواكِ من الجمال والألق.
لا، لا تُحسب هكذا؛ لكنها تُحسب من منا يستطيع اراحة الآخر في هذه اللحظة. الآن أنت المُتعَب وأنا القادرة. فأصبح لزاماً عليّ أن أُريحك بقدرتي هذه. وإلا لَما استحققت حبك. أنت الآن منهك نفسياً وجسدياً فلا يمكن أن أزيد انهاكك بشكلي المذري من التعب والسهر. لابد وتستيقظ لتراني في أبهى صوري. فتبتسم ابتسامة رضا. تتحسن بها حالتك ولو قليلاً. فتحسنك قليلاً يعنى ليّ الكثير. لأنه وقتها سيتطور القليل ليصبح الكثير وتشفى تماماً.
لكنك تكابدين. فأنتِ الأخرى متعبة. تسهرين على راحتي. تعتنين بي. لا تتركيني لحظة. فطبيعي جداً أن يصبح مظهركِ منهكاً. لستُ وحدي من تراني حبيبتي جميلاً أو الأجمل في كل أحوالي. بل أنا أيضاً أراها الأجمل دائماً. فلا ترهقين نفسكِ بأحمال زائدة. فأنا أحبك كما أنتِ. كان الأجدر بكِ أن تحصلين على قسط أوفر من الراحة قبل أن تواصلي عناء رعايتي في وعكتي هذه.
أنا بالفعل أنال الكثير من الراحة حين أفعل ما يريحك. أنا أرعاك كما ترعى الأم وليدها. هل صادفت يوماً أُماً يصيبها الإرهاق بفعل رعاية أبنائها. وحتى لو أصابني الإرهاق. فالنظرة في عيونك تعيد ليّ الحيوية والطاقة. حبيبي كوني أراك بعينيّ فقط يُعدُ أكبر وأعظم المنح التي يجب أن أُؤدي صلاة شكرٍ عليها. فما بالك بقربي منك ولمسك وضمك وتقبيلك. قالتها وهي تدنوا بجسدها منه وتؤدي حركة كل فعل عند ذكر اسمه أمامه. حتى وصلت لحركة التقبيل فمنعها واضعاً كفه مفروداً كحائلٍ ما بين فيه وأنفه وشفتيها حتى لا تُقَبِّله مباشرةً.
حبيبتي، لا يجب أن تُقَبليني ستنتقل العدوى لكِ حينها. أنت الآن قليلة المناعة بحكم تعبكِ وسهركِ معي. أنا أساساً غير قادرٍ على مسامحة نفسي أني أرهقتِك معي طوال الفترة الماضية. يكفي كونك لا تنامين منذ تعبت.
لماذا لا تسامح نفسك؟ ليس لك دخل بقلة نومي. أنا لا أنام لأني ببساطة غير قادرة على النوم.
غير قادرة على النوم بسببي. كفاكِ مغالطة. وتلك هي المسؤولية الكبرى التي يجب أن انتبه لها معكِ دائماً. فأنتِ كما ذكرتِ أُمي حين أمرض. وبالفعل يصيبكِ ما يصيب كل أُم من أرق نتاج قلقها على وليدها المريض. لذلك يجب عليّ الانتباه حتى لا أمرض وإذا حدث ومرضت أنتبه كي لا ارهقك هكذا بالسهر والتعب من أجلي. لست مريضاً لهذه الدرجة. ماذا لو نكن سوياً؟ من كان سيرعاني؟ كنت أنا من سيرعى نفسي. فلقد قضيت حياتي جلها بمفردي. لا يرعاني أحد. أمرض بمفردي. وأُشفى بمفردي أيضاً.
هذا كان في السابق. قبل أن يجمعك العشق بي. ونختار سوياً استكمال حياتنا معاً. هل تعلم حبيبي كم مرة ذكرت كلمة انتبه في حديثك هذا؟ ما كل هذا القدر من الانتباه وأنت معي؟ كيف تنتبه لكل شيء مع شطرك الآخر؟ هذا ليس حباً. فالحب ليس به انتباه. الحب تلقائية، عفوية، الحب أن تُحِبَ وأنت مُطلق يديك. لو كبلتها فالحب في خطر. وأنا لن أترك حبي يكبلك يوماً. لا تحسب حساباً لكل هذه الانتباهات معي أبداً. فما عشقتني لتنتبه وتُقيد. لقد عشت حراً طليقاً طوال حياتك. والتطور الطبيعي لذلك حين تعشق أن تزداد حرية وانطلاقاً لا أن تُكَّبل بأغلال الانتباه. عش حراً معي واطلق يديك أكثر وأكثر.
بالعكس حبيبتي، حريتي معك ليس لها حدود. عشقك هو الحرية ذاتها. وأنا معكِ مُطلق اليدين والروح أيضاً. لكن عطاؤك هذا يشعرني بالتقصير ناحيتك. لأني أركِ تعطينني أكثر مما تأخذين مني. فأشعر بالدونية جانبكِ. أشعر بكوني أنانياً أنانية ليس بعدها أنانية.
أنانية!!!! أنت آخر انسان يتكلم عن الانانية. فأنت من عشت وتكبدت كل آلام الحياة من أجلنا. شقاء وتعب واغتراب ووحدة وقلق من أجل الجميع. كنت وحيداً ليس معك حسيب أو رقيب إلا ضميرك وفقط. وما اقساه من رقيب. لقد عمل ضميرك في اتجاه واحد فقط. اتجاه محاسبتك انت من اجل الجميع. اسمح لي لقد كان ضميرك أعوج يحثك على العطاء دونما أخذ ونجح وبكل جبروت أن يقنعك بأن هذا هو الطبيعي والمفروض. لذلك فأنت غير متقبل لعطائي الآن فلقد عودت نفسك أن تعطي دون مقابل. حبيبي احساسك بالمسؤولية تجاه الجميع لا يعني البتة قتل رغباتك. لقد كنت تقدر على العطاء والأخذ معاً. لكنك قررت ونفذت وأرجأت كل متطلباتك ورغباتك حتى كدت تقتلها. والآن تريد تكرار ما اعتدت على فعله دائماً. لكنني لن أسمح لك بذلك. فأنا الآن مرتاحة باستعادة بعضٌ من رغباتك التي عَمدت إلى قتلها مع الأيام. أنا مرتاحة فقط لكوني أراك مرتاحاً. مهما حاولت اثنائي عما افعل فلن تستطع. فأنا الان هنا حتى ترتاح أنت. لقد حان وقت راحتك. وفي وسط راحتك أجد راحتي. في تربيتة شكر على ظهري. في ضمة عشقٍ ألقاها بحضنك الحنون. في نظرة رضا من عمق صفاء عينيك. ألم تقل إني أمك؟ هل تُعد أماً من تتعب حين تريح أبنائها؟ على العكس حبيبي فراحتها لا تتواجد إلا من خلال راحتهم. لذا فلا تسألن أبداً عن راحتي إن لم تكن أنت مرتاحاً. لا تحاول فلن أخضع لرأيك هذه المرة؛ وضحكت قائلة: على ما يبدوا فقد الكثير من تأثيرك عليّ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس


.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه




.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة


.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى




.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية