الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأبعاد التاريخية والسياسية للطائفية في العراق

علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)

2020 / 5 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


يمكن تشخيص مشكلة الطائفية في العراق من خلال عزوها إلى ثلاثة أسباب ؛ الأول : يتمثل في تعلقنا بالتاريخ على علاته دون أن نحاول مجاوزة ما يتضمنه من معوقات التعايش السلمي فمازلنا إلى الآن نكرر خطاب السلف بالتركيز على قضايا الخلاف القديمة ونرسخ الخطاب الطائفي بالإمعان في ترديد حوادث القرون الأولى وكأننا نحن من صنعها .
والسبب الثاني : فيتمثل في كون الخطاب السياسي عندنا ينعكس بسلبياته كلها على الواقع الاجتماعي فيطبعه بطابعه وهذا شيء غريب حقا فالمفروض أن يحصل العكس , وهكذا نجد أن مشكلتنا ترتد إلى السياسة حين تتلفع بعباءة الطائفية وحين تتأثر القواعد الشعبية بها فهي سياسية بالقدر ذاته الذي تكون فيه دينية .
أما السبب الثالث : فإنه يتمثل في عدم فاعلية الخطاب الثقافي وضعف تأثيره في القواعد الجماهيرية وعجزه أمام الفعل السياسي ، فالخطاب السياسي رغم طائفيته أخذ يتوغل في العقلية الجماهيرية حين استسلمت الثقافة أمامه .
إن الثقافة الحرة يفترض أن تكون صاحبة الامتياز في قيادة الجماهير وتوعية القواعد الشعبية لا أن تتنازل لصالح السياسة .
ومما أمد الأسباب الثلاثة المتقدمة بنسغ من الديمومة ضعف السمة النقدية في الخطاب الثقافي وغياب أثره في قيادة الجماهير وفي التغيير السياسي والمجتمعي .
ويمكن رصد ملامح ضعف الخطاب الثقافي في أمور عدة أهمها التماهي مع خطاب السلطة أو خطاب الطائفة أو الانكفاء بعيدا عن الناس طلبا للسلامة وبذا أصبحنا نؤخذ بما تتحدث به السلطة وعينا ذلك أو لم نع .
وهكذا يمكن القول أنه لا يمكن إلقاء اللوم على جهة دون أخرى بحجة التطرف دون ممارسة الاجراء النقدي التشخيصي عن الأسباب .
وعليه يمكن القول أنه منذ القدم لم تحل المشكلة الطائفية بين السنة والشيعة حلا جذريا صحيح أنها قد تركن جانبا لفترات طويلة من الزمن لكنها سرعان ما تبرز للوجود عند حاجة السلطة لتوظيفها سياسيا وكمثال معاصر على ما مرّ نذكّر بقيام الثورة في ايران فقد قام بها رجال دين لذا كانت القضية الدينية من أولى اعتباراتها فيما كان النظام في العراقي يُحسب على الاتجاه العلماني وبذلك أخذ التحسس يزداد بين العراق الذي تنازل عن علمانيته ليتبنى دور السنة آنذاك وبين إيران الذي تبنت دور الشيعة وهكذا صار كل تصرف يصدر من إحدى الدولتين مصطبغا بالصبغة الطائفية حتى ليبدو أنه ردة فعل على ممارسة الدولة الأخرى .
لقد أصبح هذا الأمر يعبر عن توجه الدولتين بل يمثل هوية كل منهما أمام تشبث كل حكومة من حكومتي البلدين بموقفها .
ويمكن أن نوجز تطور المشكلة في مسارها التاريخي بما يأتي : القضية تاريخية وليدة مرحلة خاصة بدأت نتيجة خلاف ديني اجتهادي لكنها تحولت فيما بعد إلى قضية سياسية خلافية ثم تطورت بعد ذلك إلى ثقافة شعبية ضاغطة حينما انقسمت القاعدة الشعبية على قسمين بحسب توجهات السلطة التي تتبعها حتى أصبحت أغلب الأحداث التي جرت في البلدين أو في العالم الاسلامي عموما تمثل أفعال وردود أفعال فايران تحسب أن الحرب ضدها ردة فعل سنية ضد المد الشيعي فيما حسب السنة أن الفعل السياسي الإيراني وامتدادته في المنطقة موجها ضدهم.
أن غياب تأثير الخطاب الثقافي في المسار السياسي في كلا البلدين غذى شريان وجهتي النظر المتقدمتين إلى الحد الذي أصبح فيه كل الطرف لا يتصور حلا لمشاكل المنطقة مع وجود الطرف الثاني وهكذا أصبح الخطاب الراهن خطابا اجتثاثيا وليس تصحيحيا أو تسالميا والمشكلة الأكبر أن ذلك الخطاب تحول إلى ثقافة شعبية تؤمن به شرائح واسعة من الجماهير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح