الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسلسل اولاد آدم : ما لا يلزم للّاجىء السوري !

الحسام محيي الدين

2020 / 5 / 10
الادب والفن


صحيح اننا جميعا اولاد آدم لكننا لسنا جميعا في مركب واحد اخلاقي . اذ هناك الخيّر والشرّير ، او الآدمي والازعر وابن الحلال وابن الحرام . في مسلسل " اولاد آدم " للمخرج السوري " الليث حجو " أراد الأخير ابراز فحولة الرجل السوري وقوة شخصيته من خلال وقوع الأنثى اللبنانية بهواه وفي حباله بطريقة او بأخرى على رغم انه انسان مسالم وعادي جداً ، لكن ذلك انعكس على " حجو " للأسف فوقع في فخ درامي على غير ما أراد فظهر الرجل السوري في تسلسل الاحداث وأقلُّه حتى أحداث اليوم كإبن حرام يسطو على الفتاة ابنة البيت البريئة لا لشيء الا ليرضي رغبته ويقضي شهوته معها كغيرها من " اللبنانيات الجميلات !
ليس المسلسل اهانة للبنانيين في مجتمعهم وعاداتهم وتقاليدهم واخلاقهم فحسب بل هو في الاصل اهانة للرجل السوري نفسه بقصد او دون قصد . فالسوري ليس الشاب " الشلمسطي " او " الازعر " اللاجىء في لبنان لأجل مناكحة هذه الفتاة او تلك المرأة كما يظهره المسلسل ، بل هو الانسان الملتزم بقضايا وطنه وعروبته . هو الآدمي الذي يحافظ على شرفه ومروءته أكان لاجئا او في بلده . لا طوباوية فيما أقوله لأني زرت سابقا دمشق وتربطني بكثر من السوريين علاقات محترمة أدبية واجتماعية طبيعية حيث لا مكان لهكذا نماذج مما يندرج في شخصيات هذا المسلسل . كما أنَّ محاولة تصوير المرأة اللبنانية الغارقة في الفساد والدعارة وعلى هيأة هذا النموذج المنحط اللااخلاقي في هكذا مسلسل انما هو اهانة لمنتجيه ومن وراءه اولا ، وهو تزييف للواقع اللبناني الحقيقي : اذ صحيح ان الوضع الاقتصادي سيء في لبنان ، وانَّ هناك فسادا هنا او هناك ، لكن ذلك لم يصل أبدا الى ما اراد هذا المسلسل قوله ، ولم تحصل هكذا علاقات بين المجتمعين اللبناني والسوري على هذا النحو الا في بعض الحالات الاستثنائية التي لا تشكل قاعدة لتأسيس عمل درامي يخرج على الناس بهذا الشكل السيء ويحاول التأثير سلبا في لا وعيهم . فالمرأة اللبنانية ليست أبدا سيئة بهذا الشكل المهين ، ولا الرجل السوري كذلك . ثم أنه ألم يجد هذا المسلسل ومن وراءه شيئا يقولونه عن السوري اللاجىء سوى هذا الغرض او الفكرة السيئة التي تجعله استغلالياً و " ابن حرام " كما وردت في المسلسل ؟
ألم يجد الليث حجو شيئا من معاناة السوري في لجوئه خارج بلاده الا فكرة الجنس والفحولة مع النساء هنا وهناك ؟! هل هذه قضية السوري اللاجىء ؟!
أليست فكرة المسلسل هذه اهانة بحد ذاتها للسوريين اللاجئين هنا وهناك وفي لبنان تحديدا؟! لا يستطيع " حجو" حشرنا وتحت شعار " العنصرية " في عدم الحديث عن خصوصية المجتمعات العربية التي تقوم على استقلالية كل بيئة وطنية بحد ذاتها عن الاخرى في اطار الوطن القومي العربي الكبير والذي هو بحد ذاته غنى لكل تلك البيئات . متناسياً أنه هو نفسه انطلق عنصرياً في عمله هذا سواء علمَ بذلك أم لم يعلم . فهو انطلق من " أفيش " المسلسل بحد ذاته من صورة معبّرة عن رجلين سوريين وامرأتين لبنانيتين جميلتين للايحاء منذ البداية بأن الفكرة هي بين قوي وضعيف ، وليست بين جلاد وضحية ابدا ! أو أأنها بين فحولة رجال وضعف إناث وليست بين استغلال رخيص ومشاعر انسانية ! . الفكرة تنطلق من منطق عصابات اي " الشاطر بشطارتو" وتوحي للمشاهد ان هذا منطق سليم ومنطق سائد وطبيعي ويجب التعايش معه !! هذه الفكرة في هكذا مسلسل هي عار وعيب في تاريخ الرجل السوري اللاجىء سواء في لبنان او غيره من البلدان ، وهي ضرب للمفهوم الانساني الذي يوائم بين لاجىء مغلوب على أمره وبين مجتمع احتضنه وساعده بكل انسانية . يريد هذا " الحجو" إفهامنا انَّ اللاجىء السوري لم يعد لاجئاً خلوقاً طيباً يسعى الى الستر ومواجهة الحياة الصعبة حتى عودته الى بلاده ! بل أصبح ذلك " الجنتل " الذي تعشقه اللبنانيات " ثيبات وأبكارا " ! والذي لا هم له الا النساء او الجنس ، وأنه لأجل ذلك يستطيع فض بكارة فتاة بريئة ( في أحد احداث المسلسل ) بكل اريحية وسلاسة على قاعدة أن هذا شيء طبيعي ويحدث دائماً في مجتمع لبلد مجاور - كلبنان - هذا هو مستواه الاخلاقي الوضيع ! ودائما في استغلال رخيص للتعاطف الذي يلقاه السوريون كلاجئين في لبنان والتأسيس على أن لا احدا سيعارض بث هكذا أحداث والا سيتهم بالعنصرية ! لم افهم ولا اعرف ولم اسمع عن " جنتل " سوري لاجىء في لبنان بهذا الحجم من الجاذبية والفحولة التي خضعت لها تلك الجميلات اللبنانيات ! قد يحدث الامر ولكن ليس ابدا بهذه الصورة التي قدمها المسلسل ، وانما في اطار الاستثناء في العلاقات الحسنة النوايا بين المجتمعين اللبناني الاصيل في بلده والآخر السوري اللاجىء في هذا البلد وعلى أرضه ، والتي قد تفضي الى اخطاء اخلاقية من الطرفين وهذا ليس كلاما عنصريا ، انما هو واقع نعيشه وتعيشه المجتمعات العربية الاخرى التي فيها لاجئون . كان " حجو" بالغنى عن الدخول بالسوري في فكرة الرجل الجنتل او الفحل في ممارسته الجنس مع لبنانيات " عاشقات وهائمات فيه " في مسلسله هذا ، وأن يتعمد التعميم في ذلك ، بل كان الاجدى أن ينصرف الى ما هو أهم ومفيد لكل لاجىء يعيش المأساة اليومية في مأكله ومشربه وكرامته .
ماذا يريد هذا المخرج قوله للناس في مسلسله ؟! ما الرسالة التي يريد ايصالها ؟! لننتظر نهاية الشهر الفضيل ، فربما لا نقول له على الطريقة السورية : تضرب !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??