الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوحدة محظورة والتضامن ممنوع حتى لو رغبتم...فما العمل!

عادل سمارة

2003 / 4 / 18
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

رام الله المحتلة

حتى الامس القريب، كان البعض منا يلوم على عدم تضامن او تكامل سياسات الانظمة العربية الرسمية، على امل ان هذا يمكن ان يخلق واقعا عربيا جديدا يحمي الحدود الخارجية للأمة، على الاقل. ولكن كما يبدو فإن في حقبة العولمة من الترتيبات القسرية للعالم ما يسبق بكثير تلك الحركة البليدة للنظام العربي، ناهيك عن الحركة الارتدادية لهذا النظام.

لقد اعتاد الحكام العرب علىعلاقة الوكيل او المقاول مع المركز الامبريالي: اي دولة قطرية صغيرة او كبيرة (وما بينهما مدى هائل، البحرين 600 الف نسمة ومصر قرابة 70 مليون نسمة) تقوم كل واحدة بتنفيذ اجندة المركز الراسمالي الغربي علىارضها ولها على ذلك أجراً. وهي اجندة تبدأ من ثبات الحاكم وعدم مسائلته ولا تغييره، بل حتى تحويل الرئاسة الى (سلالة- وهي بالطبع غير محسَّنة) وممارسة حرب اهلية على الطبقات الشعبية من حيث إعاقة الحريات الفردية والجمعية، احتجاز التنمية، الغاء الاحزاب، والذهاب في ركاب جيش "الحلفاء" لاحتلال اراضي الاشقاء كما جرى علم 1991 ضد العراق.

لكن إعادة استعمار العراق قد وضعت هذه المرة اجندة جديدة في العلاقة بين المقاول او الملتزم وبين "الباب العالي الجديد". فلم يعد مسموح بتضامن عربي كلاسيكي في إطار جامعة الدول العربية كما كان الامر في القرن الماضي. لقد ذهب القرن الماضي بما حمل. فقد عجزت جامعة الدول العربية خلال العدوان على العراق عن شجب العدوان، ولم تجرؤ اية دولة على استدعاء سفيرها من واشنطن، ولا حتى شريكتها الصغيرة لندن. ولم يكن عدم اتخاذ اي موقف بناء على تعارض هذه الانظمة مع النظام العراقي من حيث ديكتاتورية الحزب والقائد. ففي هذا المستوى لا يختلف عنه أحداً. لا بل قد يرفع إسقاط هذا النظام  الستارة عن كافة الانظمة العربية المتخفية وراء الهجوم الذي كان منصبا عليه.

تؤكد التطورات الجديدة، ان الانظمة العربية الحالية، بعد استعمار العراق، لا تستطيع التضامن مع بعضها البعض. لا قيمة لعدد الحكام، وعدد الاقطار. ها قد حانت ساعة إعادة تقسيم الوطن العربي حسب مقتضيات العولمة أي ـ كما ذكرنا في غير مقالة في هذه النشرة ـ رفع سياسة "فرق تسد" الى سياسة "تركيز المركز وتذرير او تفكيك المحيط". فطبقا لهذه السياسة لا تكتفي امبراطورية العولمة بالخدمات التي قدمتها الدولة القطرية حتى لو كانت من طراز الهجوم على العراق عامي 1991 و 2003. فهذه الخدمات لا تشفع لمن قدمها بينما يقرر السيد ما يراه كسيد!.

وهكذا، حان وقت الملف السوري. وللقطر السوري تاريخ عتيق في المعاناة المبكرة من راسمالية المركز في حقبتي الاستعمار والامبريالية، فلماذا لا تفعل الراسمالية نفس الجريمة في حقبة العولمة. على سوريا ان تخرج من لبنان، وها هي الحكومة اللبنانية قد استقالت فوراً، وسنرى ان للامر صلة بتهديدات امريكا لسوريا، وعليها الاعتراف بالكيان الصهيوني.... وعليها وعليها ربما التحول الى فدرالية تضم كانتونات علوية، ودرزية، وسنية...الخ. فلو كنا كعرب نقرأ جيداً، لعرفنا كيف كان "علماء" الاجتماع في جامعات الغرب الراسمالي الذين تستخدمهم دولهم، يقرأون التركيب المجتمعي للوطن العربي وخاصة في سوريا والعراق منذ الاستقلالات الشكلية لهذه البلدان، حيث كانوا يطلقون على مجتمعاتها تسمية "مجتمعات فسيفسائية" بالمعاني الاثنية والدينية والقومية...الخ، وذلك كمقدمات لتبرير التقسيم على هذه التصنيفات.

والسؤال هو ما الذي ستفعله 21 دولة من أجل سوريا؟ لا شيئ! سوى الطاعة العمياء، ربما بعض التبرم والغنج لا أكثر. ها هو وزير خارجية بريطانيا يزور بلدان الخليج ومن عواصمها يهدد سوريا وكأنه في عاصمته. ألا يؤكد هذا ان العاصمة القُطرية كالدولة القطرية لا عاصمة ولا دولة؟.

وإذا كان التضامن العربي كما اتضح بلا محتوى، وبلا قدرة فعل وبلا نية فعل ولا حتى رغبة فعل، فما هو البديل؟

لا يوجد امام الانظمة العربية أي بديل. فهي لا تستطيع تنفيذ اي مشروع وحدوي، حتى لو كان شكلياً. فاليوم، ممنوع اية وحدة عربية. علينا، نحن غير الرسميين على الاقل الحديث بصراحة كي نساهم قدر الامكان في تقليل الاوهام بل نسفها. امريكا لن تسمح لوحدة مجلس التعاون الخليجي، ولا وحدة دول المغارب العربي ولا وحدة رجل وزوجته. انتهت هذه المعزوفة. فالمطلوب امريكيا اليوم، تقسيم كل شيء.

لم يعد مسموح لأي نظام حكم ان يقدم مرونات ديمقراطية لمحكوميه. فالمعركة مفتوحة على اشدها ضد الامة العربية. ما يمكن تنفيذه هو ما تراه الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة. كما ان الانظمة نفسها لا يمكنها العودة الى الشارع العربي لتكسبه. لا تستطيع الحديث بلغة الشارع ولا المشي على إيقاع خطاه. لا بل هي أعجز من التفكير في اللجوء الى الشارع. وأبعد من هذا، لا تجرؤ على الحديث الى الشارع خوفا منه وخوفاً من الولايات المتحدة ايضاً، فمن يخالف يُخلع.  ان ما يريده الشارع نقيض لما تفرضه الولايات المتحدة، ولا يمكن لنظام حكم ان يجمع الامرين.

لعل توضيح هذا الامر في غاية الاهمية، ليس لكشف أوراق الانظمة بل لتصحيح تفكير القوى المعارضة لانظمة الحكم، القوى القومية واليسارية والاسلامية التي تفكر في شيء جديد ما. فالمطلوب في هذه الحقبة من الزمن نمط جديد من الدفاع الشعبي عن الامة، او حرب الشعب. ان المدخل الوحيد، كما يبدو حالياً على الاقل ان يشتبك كل مواطن عربي مع جبهة العدو التي اتضح بأن النظام الحاكم ليس الطرف الوحيد فيها، فهو مجرد مقاول، ملتزم ووكيل لآخرين. ليس النظام الحاكم وكيل للراسمالية الغربية وحسب، بل وكيل للراسمالية المحلية التي تُغرق الاسواق العربية بمنتجات هؤلاء الاعداء. ووكيل للمثقفين العرب الذين اغرقوا العقل العربي بثقافة الاستهلاك واللبرالية الغربية التي تبرر الاستعمار والاستغلال ونفي اية ثقافة اخرى. التي تعتبر "الخيانة وجهة نظر".

اذن لا يستطيع النظام العربي الحاكم ان يشارك في المعركة الحالية، المعركة التي يجب زج كل مواطن عربي فيها، سواء بمقاطعة منتجات المركز المعولم، او التصدي لثقافته وتحليلاته ومثقفيه، او اقتلاع مصالحه وطرد مراكزه والمسوقين لها. صار لا بد من تطوير التنمية بالحماية الشعبية الى حماية الوطن والامة باسرها.

لا قيمة لتصريحات وشجب ونفي يقوم بها 21 حاكماً، هذا إن فعلوا. ولا قيمة لقيام مثقف او مناضل قديم بالتوجه للنظام الحاكم هنا او هناك بالتنبه لمخاطر حليفه او سيده الراسمالي الغربي. بل القيمة لقيام كل مواطن عربي بالمشاركة في حملة العصيان المدني الاقتصادي الاستهلاكي كدرجة أولى. لماذا لا نجفف مصادر الربح التي يستعمروننا من أجلها! لماذا لا نتوقف عن استهلاك منتجاتهم، وان يراقب كل شخص نفسه، وأن يتدرج هذا ليصل الى العصيان المدني الشامل لاسقاط الانظمة نفسها. اذن المطلوب، سير بطيء ولكنه سير يصل الهدف بحيث نصل من 22 دولة الى حراك شعبي شامل وموحد. وعندها، لتقم الولايات المتحدة باحتلال الوطن بأكمله.

 

********

كنعان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحلة مؤثرة تتهافت عليها شركات صناعة السيارات العالمية | عالم


.. عريس جزائري يثير الجدل على مواقع التواصل بعد إهداء زوجته -نج




.. أفوا هيرش لشبكتنا: -مستاءة- مما قاله نتنياهو عن احتجاجات الج


.. مصدر لسكاي نيوز عربية: قبول اتفاق غزة -بات وشيكا-




.. قصف إسرائيلي استهدف ساحة بلدة ميس الجبل وبلدة عيترون جنوبي ل