الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الإنتظارية للقيادة الفلسطينية ستقودنا نحوالكارثة

راسم عبيدات

2020 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


يقول المأثور الشعبي " اللي بجرب المجرب عقله مخرب"...وانا لا أعرف ما الذي تنتظر حدوثه القيادة الفلسطينية،لكي تقتنع بأن مخطط الضم وفق صفقة القرن الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية بكل ركائزها وأبعادها،اصبح واقعاً على الأرض،وزمن المعجزات والتعاويذ والبخور لوقف تنفيذ ذلك قد ولى الى غير رجعة،فهذه القيادة لم تترك في قاموس اللغة من عبارات تهديد ووعيد وتصريحات نارية وخطابات تاريخية إلا وأطلقتها وإستعملتها،وهددت بالقيام بها إذا ما أقدمت أمريكا على نقل سفارتها من تل أبيب الى القدس والإعتراف بها عاصمة لدولة الإحتلال،وامريكا نفذت عملية النقل والإعتراف،ولم نسمع عن أي تنفيذ لقرارات المجلسين المركزي والوطني،بالتحلل من إلتزامات أوسلو الأمنية والإقتصادية والسياسية،بل أدخلتنا تلك القيادة في دائرة الدوران حول الذات،في مسألة تنفيذ القرارات للمجلسين المركزي والوطني،عبر اللجان المشكلة وسياسة الإحالات من هيئة لهيئة ومن لجنة الى أخرى،ولكي يكون حاصل التنفيذ صفر مئوي.....اليوم الصورة باتت أكثر جلية ووضوحاً،وهي كفيلة بإزالة كل أشكال الغبش وحتى العمى عن عيون البعض من القيادة الفلسطينية،فلا لجنة التواصل والحوار مع المجتمع الإسرائيلي ولا ما يسمى بالبرلمان الفلسطيني- الإسرائيلي المشترك،ولا "الإشتباك" السياسي في هرتسليا،قادت الى تغير طفيف في الموقف الإسرائيلي من قضية شعبنا وحقوقه الوطنية ،بل الإنتخابات الإسرائيلية المعادة للمرة الثالثة،أثبتت بأن المجتمع الإسرائيلي اكثر يمينية وتطرفاً من قيادته،ووجود ما يسمى باليسار الصهيوني،ليس أكثر من وهم يعشعش في رؤوس بعض فريق القيادة الفلسطينية والقائمة العربية المشتركة،التي راهنت على الجنرال غانتيس،لكي يسقط نهج اليمين والتطرف بقيادة نتنياهو،وليأتي تحالف نتنياهو وغانتس،لكي يوجه لها صفعة قوية،لعلها تفيد في مراجعة سياساتها ومواقفها،ولكي يقول لها غانتس " الكلب ما بعض أخوه"،وانا ونتنياهو كلانا صهيونيان حتى النخاع،ولا نقبل بحكومة مدعومة من العرب او بمشاركتهم.
اليوم الحديث عن صفقة القرن وترجماتها العملية على أرض الواقع،لم تعد قضية نظرية أو مجرد تهديدات ووعود فارغة من ترامب لصديقه نتنياهو،بل جرى الإعلان عن هذه الصفقة في واشنطن في 28/1/2020 بحضور ترامب ونتنياهو،وفيها جرى الحديث عن ضم الأغوار وشمال البحر الميت وما لا يقل عن 30% من اراضي الضفة الغربية المقامة عليها المستوطنات.
الردود على اعلان الصفقة كان باهتاً على المستوى الرسمي ولم تتعد نفس الكلشهية المكررة من التهديدات الفارغة والإسطوانة المشروخة بالحديث عن الردود المزلزلة والمجلجلة.أما الردود الشعبية والفصائلية فكانت قاصرة ودون المستوى،وهي تعبير عن حالة يأس وإحباط وفقدان ثقة بالسلطة ونهجها وخياراتها.
اسرائيل وأمريكا لم تلتفتا الى تلك التهديدات الفارغة،وشكلتا لجنة مشتركة من أجل اعداد خرائط الضم ...ونتنياهو في صلب برنامجه كان قضية الضم،واخضع وطوع شريكه في الحكومة غانتس لكي يكون هناك بند من بنود حكومتهما المشتركة،اعلان السيادة على اجزاء حيوية من الضفة الغربية وضم الأغوار،وحدد في برنامج الحكومة بداية تموز لتنفيذ مخططات الضم...والإدارة الأمريكية قالت بشكل واضح بأن قيام اسرائيل بعمليات الضم هي مسألة داخلية واسرائيلية بحته،وهي تدعم حق اسرائيل في عملية الضم،ولتصل الوقاحة بالمتصهين فريدمان السفير الأمريكي في القدس للقول بأنه من غير المنطق الطلب من اسرائيل ان تتنازل عن مستعمرة بيت ايل القريبة من رام الله ،او مدينة الخليل،ارض اسرائيل القديمة و" الوعد التوراتي لليهود"،فهو يعتبر بأن اسرائيل ستتنازل عن حق من حقوقها ،وليس ارضَ تحتلها ستعيدها الى اصحابها....وبومبيو وزير الخارجية الأمريكي ردد نفس الحديث،وهو سيأتي غدأً الى دولة الإحتلال،في زيارة ظاهرها تهنئة نتنياهو وتابعه غانتس بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة،ولكن قضية الضم ستكون في صلب محادثاته مع نتنياهو.
كل هذه المعطيات والتصريحات وما أعلنه وزير جيش الإحتلال بينت عن مصادرة اراضي فلسطينية بالقرب من مستعمرة "إفرات" جنوب غرب بيت لحم،من أجل اقامة(7000) ألآلاف وحدة استيطانية،والقيام بمصادرة اراضي وعقارات وقفية،بالقرب من الحرم الإبراهيمي الشريف،من أجل إقامة مصعد ضخم للمستوطنين من أجل تسهيل وصولهم واقتحاماتهم للحرم الإبراهيمي،وكذلك نزع الحق من بلدية الخليل باصدار الرخص للبناء،ونقل مسؤولية التخطيط الى المجلس الإسرائيلي للتخطيط،في عملية ضم وتهويد للمنطقة،هذا الضم المتدرج وبخطوات عملية،وكل المعطيات التي ذكرت،لم تخرج لا اللجنة التنفيذية ولا السلطة الفلسطينية ولا صناع القرار فلسطينياً هنا وفي القطاع،للخروج من حالة الغيبوبة والشلل السياسية،وكأن قدر شعبنا هذه القيادات المتسلحة بسياسة انتظارية،لا تدرك بأن التطورات والمتغيرات الحاصلة جداً خطيرة،ولكن يبدو بأن هذه القيادة ،أصبح ما يميزها العجز وفقدان الإرادة وكذلك عدم إمتلاك الجرأة،لإتخاذ خطوات جريئة تكسر الحواجز التي تقيمها دولة الإحتلال،والوقائع التي تبنيها.وتظهر وكأنها مستسلمة للواقع،وأقصى ما تمخض عن اجتماع اللجنتين التنفيذية للمنظمة والمركزية لحركة فتح،تشكيل لجنة جديدة من التنفيذية،تكون مسوؤلة عن رسم الخطوات المطلوب اتخاذها بعد صدور القرار الإسرائيلي بالضم،لا يعدو كونه تزويراً للواقع والحقائق،وعودة للتجارب السابقة الفاشلة في تشكيل اللجان والإحالات من لجنة الى أخرى،للنظر في تطبيق قرارات المجلسين المركزي والوطني فيما يتعلق بالتحلل من الإلتزامات الأمنية والإقتصادية والسياسية الخاصة بإتفاق أوسلو.
السياسة الإنتظارية التي تتبعها قيادة السلطة والدوران في الفراغ والمراوحة في المكان،وعدم إمتلاك القدرة على اتخاذ قرارات جريئة،تخرج القيادة من غيبوبتها السياسية،سيجعل حالة الإحباط واليأس وعدم الثقة بهذه القيادة عند الجماهير تتعمق،وكذلك ستدفع بنا نحو كارثة محققة،والمسألة لم تعد بحاجة الى تشكيل لجان للدجل والكذب واللف والدوران واختلاق الحج والذرائع،فقرارات المجلسين المركزي والوطني واضحة ويعوزها التنفيذ والتطبيق .
والزمن، كما تؤكد الوقائع، ليس في صالح السياسات الانتظارية المدمرة ،فلا بديل عن اتخاذ خطوات عملية جريئة ترتقي الى مستوى التحدي والأخطار المحدقة بقضيتنا ومشروعنا الوطني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة