الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحب والغباء

علي دريوسي

2020 / 5 / 11
الادب والفن


شيئان لا يمكن معالجتهما بالأعشاب الطبية: الحب والغباء.
**

المرأة المسلمة في الذاكرة الجمعية مكتنزة، لا القامة الهيفاء تشبهها ولا سياقة الدرّاجة تليق بها.
**

الغباء لا يُقهر ولا يموت أبداً، أمه حُبلى دائماً.
**

الحرامي الذي وُلِدَ كبطريق لن يصير زرافة ولا بعد سنوات من العلاج الفيزيائي والكيميائي والنفسي.
**

لم يعد الشعب قادراً على التمييز بين القصة والواقع، بين الخيال والحقيقة، بين الكذب والصدق ولا حتى بين الحياة والموت.
**

لا يمكن ولا بحال من الأحوال إحدات تغييرات حضارية أساسية في مجتمعات البلدان الإسلامية.
**

حصل أحد الأصدقاء على منحة لدراسة اللغة والهندسة في ألمانيا.
بعد حوالي أربع سنوات - وكان طالباً مجتهداً - وبينما كان يتكلم مع أخوته بوساطة الهاتف، أمسك أبوه العجوز بالهاتف لأول مرة وراح يوبّخه لتأخره مطالباً إياه بالعودة في أسرع وقت.
قال الأب بلهجته الخاصة: يا ابني، أختك خلصت دراسة المعهد الزراعي في سنتين، وأنت صار لك أربع سنوات غائب وما خلصت دراستك، ضحّكت الناس علينا، ارجع إلى الضيعة يا ابني، يكفينا دراسة وعلم!
**

على مسافة خطوات من مكتبه تقبع غرفة بسقف واطء، أشبه بدورة مياه مهملة، علمت من السائق أن هذا هو سجن الحقل. على مقربة منه رأيت بضعة مُجنَّدين أغرار عراة إلا من سروايلهم الداخلية الموسَّخة، كانوا يُعاقبون تحت إشراف مُجنَّد قديم بلباسه النظامي، شاب طويل القدّ، واثق من نفسه، قوي الجسد، ذراعاه كمِحْراك النار في فرن ورشة للسَّبْك والصَّب، يحمل بإحدى يديه كرباجاً وبالأخرى خرطوم الماء، وجهه صحراوي قاس ساد لئيم متعطش للانتقام، شفتاه الغليظتان وشاربه الثخين وشعر رأسه الكثيف أعطوه عمراً أكبر بكثير من عمره الحقيقي.
**

على يمين المدخل ثمة غرفة متعددة الاستعمالات مع مصطبة نظيفة للجلوس وشهية لتعاطي الشاي أو مشروب المتّة، زُيِّنت جدران الغرفة بالرسومات الملوَّنة من أعلام وصور وشعارات، سمّوها قسم الانضباط، يرأسه المساعد قيسوم، رجل صحراوي، ضخم الجثة، بطيء الحركة، تحسبه يعرج من مفصل فخذه، حين رنوت إليه لوهلة بدت على وجهه الأسمر المُحفّر علائم الطيبة والمرض. نهض الرجل من قعدته على المصطبة متثاقلاً، كان موعد مناوبته في ظهيرة ذاك اليوم، مشى بخُطى بطيئة وكله فضول ليتعرّف على وجه القادم الجديد، وجهي، فقد وصله خبر إحضاري، وقف الرجل وحيّاني تحية عسكرية نظامية مرحِّباً بقدومي: أهلاً وسهلاً سيدي الملازم أحمد، تفضّل، نوَّرت الحقل، العريف تيسير سيوصلك إلى مكتبك.
**

حين تكتب شيئاً رمزياً عن المُستَبِد اللطيف أو الحرامي البطريق أو الزرافة الذكية أو الجَلاَّد الحنون أو الفول الأخضر أو عن معاناة الشعب، فأنت لا تقصد بذلك حتماً رئيس النظام ولا مساعديه ولا محبيه ولا أفراد عائلته من جهة الأب أو الأم، لأن الحياة ببساطة أرحب بما لا يُقاس من أن تضع نفسك في هذه البَوتَقة الضيقة، التي بالكاد يمكن لك رؤيتها بالمجهر العالمي. وإذا كنت تقصدهم فعلاً فهذا من حقك الطبيعي، لا تخف من شيء، أنت تعيش اليوم في القرن الحادي والعشرين، عصر الوعي والحريات الإلكترونية، عصر تفكيك الأيقونات والأنظمة السياسية والاقتصادية العتيقة.
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج