الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أموال العرب السائبة في دول الغرب وتداعيات كورونا

كاظم ناصر
(Kazem Naser)

2020 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


الجرائم الكبرى التي ارتكبها الحكام العرب بحق الشعب العربي متشعبة ومتعددة، ولم تتوقف منذ استقلال دولنا حتى الآن وتضمنت إقامتهم لأنظمة الطغيان والفساد والمخابرات التي أذلتنا وعلمتنا الجبن والنفاق واللامبالاة، وتآمرهم على الوحدة العربية والربيع العربي وإفشالهما، وتفريطهم بحقنا في فلسطين والمناطق العربية المحتلة الأخرى، وتجهيلهم المتعمد المنهجي للمواطنين، وكتم أنفاسهم ومصادرة حريتهم وحرمانهم من أبسط حقوقهم السياسية والتعليمية والصحية والثقافية، وإشعالهم الحروب البينية العربية، وارتمائهم في أحضان الغرب، ونهبهم لثروات الوطن العربي الهائلة، وايداعها في دول غربية، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا وبريطانيا وفرنسا.
وبما ان الدول العربية تتصدر قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم بحسب تقرير منظمة الشفافية العالمية لعام 2018، فإنه من غير الممكن معرفة حجم هذه الأموال وأسماء مودعيها، لكن بنك " دويتشه فيله " الألماني ذكر في تقرير له أن إجمالي المبالغ العربية المودعة والمستثمرة في الخارج قد يصل إلى .. تريليونين ..من الدولارات " 2000 " بليون.
فمن اين أتت تلك الأموال؟ ومن هم الذين نهبوها وأودعوها في دول الغرب؟ هذه الأموال هي ملك للشعب العربي، ودخلت خزائن دوله من منتجات نفطه وغازه وفسفاته وغيرها من مصادر دخله؛ أي إنها جزء من ثروات الأمة التي حصل عليها الملوك والأمراء والرؤساء وأفراد عوائلهم، وحاشيتهم من رؤساء وزارات ووزراء وقادة جيوش وكبار موظفين بطرق غير مشروعة على مدار عقود مضت، ومن ثم كان لا بد من نقلها خارج البلاد خشية من تغيير الأوضاع، والقسم الآخر من هذه الأموال المودعة في الغرب، جاء من ثروات رجال الأعمال الذين يهربون أموالهم للخارج خوفا من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في دولهم وتعرض ثرواتهم للمصادرة أو الابتزاز.
هذه الأموال السائبة استفاد منها الغرب عن طريق تحويلها إلى قروض لشركات ورجال أعمال استخدموها في بناء وتطوير صناعات وجامعات ومدارس ومستشفيات وبنية تحتية ومشاريع إسكان وفنادق ضخمة ومنتجعات سياحية وخلق وظائف جديدة ساهمت في تقوية اقتصادهم وشوكتهم، وزادت عدتهم وعتادهم وتأثيرهم السياسي والاقتصادي والثقافي على المستوى العالمي، وساهمت في تمكين شعوبهم من العيش بأمان اقتصادي ورغد وترف، بينما حرم منها أبناء الشعب العربي الذين يعانون من الفقر والحرمان والجوع؛ لو أن هذه الأموال صرفت لتطوير الوطن العربي علميا وصناعيا وزراعيا وتعليميا وثقافيا وبنية تحتية لكان الوطن العربي الآن من أكثر دول العالم تقدما، والشعب العربي بأسره من أكثر شعوب العالم أمنا اقتصاديا واستقرارا ورفاها وبعدا عن الفقر!
ولهذا فإننا عندما نصفها بالأموال السائبة نقول الحقيقة لأن الفوائد التي يجنيها منها المودعون منخفضة جدا ولا تتجاوز 1%، وإن محاولات بعض الدول لاسترجاعها خلال السنوات الماضية أثبت أن ذلك شبه مستحيل، لأن معظم هذه الأموال التي تودع في البنوك السويسرية والأمريكية والبريطانية والفرنسية وغيرها من بنوك الغرب غالبا ما تنتهي محجوزة أو مجمدة أو مسيطرا عليها في تلك الدول؛ ولهذا يوجد 600 مليون دولار في البنوك السويسرية فقط لا أحد يعرف من أودعها، ولا يطالب بها أحد لأن معظمها مسجلة بأسماء مستعارة، أو لأن أصحابها ماتوا، أو قتلوا، أو ما زالوا في السلطة.
وهنالك دلائل أخرى على ضياع تلك الأموال من ضمنها، على سبيل المثال لا الحصر، أن الرئيس الفليبيني فرديناند ماركوس، الذي تمت إزالته من الحكم في بداية عام 1986 كان قد أودع 60 مليار دولارا أمريكيا في دول الغرب، ولم تستطع الدولة الفلبينية من استعادة سوى 6 ملايين منها، وشكلت الحكومة المصرية لجانا للتباحث مع الحكومة السويسرية لاسترداد الأموال التي أودعها الرئيس المصري السابق حسني مبارك هناك، وبعد 8 سنوات على تجميد السلطات السويسرية لتلك المبالغ وجولات من المباحثات لم تحقق تلك اللجان أي نتيجة، وإن فنزويلا فشلت في استرداد 14 طنا من الذهب تقدر قيمته بنصف مليار دولار كانت الحكومات السابقة قد أودعته في بريطانيا، وتم تجميد 65 مليار دولار حجم أموال صندوق الثروة السيادي الليبي، وتجميد الودائع الإيرانية والعراقية في بنوك الغرب، وبدأت بريطانيا بمصادرة العقارات التي يعجز أصحابها عن إثبات مصدر الأموال التي استثمروها لشرائها، وأفادت الأنباء مؤخرا عن ضياع ما يزيد عن 10 مليارات دولار أمريكي من أصل الأموال الليبية المودعة في بلجيكا.
والمؤسف ان الحكام العرب لم يودعوا المبالغ الهائلة التي نهبوها فقط في بنوك تلك الدول وفي استثمارات فاشلة، بل إنهم خزّنوا احتياطات دولهم النقدية في سندات الولايات المتحدة الأمريكية؛ ففي عام 2018 وصلت ودائع احتياطيات السعودية النقدية المخزنة في السندات الأمريكية 169.5 مليار دولار، الامارات 59 مليار، الكويت 43.6 مليار، العراق 29.8 مليار، سلطنة عمان 11.4 مليار، المغرب 3.2 مليار، مصر 2.1 مليار، قطر 1.3 مليار، والبحرين 0.9 مليار، أي ما مجموعه 320.8 مليار دولار مودعة في السندات الأمريكية فقط؛ فكم سيكون عدد المليارات العربية السائبة في بنوك وشركات وعقارات وتجارة دول الغرب؟ لا يعلم ذلك إلا الله!
وباء كورونا ألحق ضررا بالغا بالاقتصاد العالمي ستكون له تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة قد تستمر لفترة زمنية طويلة؛ ولهذا فإن الدول العربية، وخاصة دول الخليج النفطية ستواجه ظروفا يصعب التنبؤ بمدى خطورتها واستحقاقاتها، والولايات المتحدة الأمريكية والدول الأخرى التي أودع الحكام العرب وعوائلهم وحاشيتهم هذه المبلغ الضخمة من الأموال فيها ستواجه أوضاعا اقتصادية في غاية الصعوبة، ولكي تقوم بإعادة تلك الأموال إلى مودعيها، فإنها ستكون مضطرة إلى أن تخفض كثيرا من مستوى حياة شعوبها لعقود عديدة قادمة، وهذا من المستحيل أن يحدث! مما يعني أن هذه الأموال العربية ضاعت إلى الأبد! وإن إيداعات واستثمارات " أولياء الأمر" العرب في الغرب تثبت أن الأغبياء وجدوا ليسعدوا الأذكياء!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي


.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة




.. مراسل الجزيرة يرصد التطورات الميدانية في قطاع غزة


.. الجيش الإسرائيلي يكثف هجماته على مخيمات وسط غزة ويستهدف مبنى




.. اعتداء عنيف من الشرطة الأمريكية على طالب متضامن مع غزة بجامع