الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسلوب ما يجب أن يتغير راهناً

سعد كموني
كاتب وباحث

(Saad Kammouni)

2020 / 5 / 11
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات


لم يمرّ يومٌ كانت فيه الحاجة إلى التغيير ماسّةً إلى هذا الحد ، مثلما هي اليوم، مع التأكيد ‏أن التغيير لا يمكن أن يكون شكلياً، ولن ينجحَ ما لم يكن شاملاً كل آليات النظر والتفكير في ‏القضايا التي اقتضت التغيير.‏
ولن ندعَ هذه الملاحظةَ لتكون صرخةً استفزازية لأصحاب المصلحة بالتغيير، فهم يخافون ‏من كلمة "شاملا" لظنّهم أنَّ المقصود بذلك معتقداتهم وجملة القيم التي يحسبونها الأسمى في ‏تقديم هويتهم؛ فهذا الأمر له مجال للنقاش في غير سياق.‏
المقصودُ في مفردة "شاملاً" هو الأسلوب الذي نعاين به مشكلاتنا، فهو أسلوب خاضع ‏لجملة العناصر التي تكوّن عقولنا، ومنها ما هو موروثٌ، وليس كل موروثٍ معرقلاً للتغيير، ‏ومنها ما هو مستجلبٌ، وليس كلُّ مستجلبٍ مناقضاً للهوية.‏
فالأسلوب الذي نعاين به مشكلة الكورونا في بلدنا لبنان، إنما هو خاضعٌ في سيرورته لما ‏تحتويه عقولنا من مرجعيات قبَليَّةٍ صراعية، ترى الآخر علّةً لكلّ علّة، ولا يمكن أن يخطر في ‏البال إمكان تحميلِ الذات شيئاً من المسؤوليّة، فالقبيلة التي تنعم بما يأتيها من فساد قبيلةٍ أخرى ‏لا يمكن أن تراها علّةً لأيّ مشكلة، بل هي القبيلةُ المثلى. بينما القبيلة التي تنافس الأخرى على ‏فكرةٍ أو مغنم تراها علّةَ منطقيّة.‏
هل يمكن أن يتغيّر هذا الأسلوب، من دون تغيير محتوياتنا القبلية؟!‏
نعم، ممكن إذا سألنا أنفسنا سؤالاً واحداً :" ماذا نستفيد إذا حمَّلْنا الآخرَ مسؤولية انتشار ‏الوباء"؟؟ عندها يكون الأسلوب المعقولُ هو الذي نتوخى به التخلّصَ من الأخطار، وذاك بالتزام ‏التعاميم والتوجيهات الصادرة عن الجهات المعنيّة بغض النظر عن قربنا منهم أو بعدنا. صحيح ‏أنه دون ذلك معاناةٌ شديدة مع النفس التي ترسخت فيها العداوات المجانية، مرات نحن ضد الآخر ‏فقط لأنه آخر، ومرات لأسباب موروثة، ومرات لأننا نعارضه في توجهاته وخياراته؛ إلا أن ‏المرض أو الوباء لا يتطلبُ شيئاً من هذا لنكون جديين في التعامل معهما، بل يتطلب أسلوباً يثقُ ‏بالنظر إلى الواقع نظرةً موضوعيّة، ويتدخلُ بهدف التصويب أو الترشيد أو التعزيز، كما يثقُ ‏بالنظر إلى حجم الأخطار المتأتي من إهمال الموضوعية، ومحاولة تلافي ذلك ليست بالأمر ‏الهيّن إذا ما عاندنا التوجيهات والإرشادات. كما يثق بمصادر المعلومات إذا توافرت مصادر ‏مختصّة وتستحق الثقة، لأنّ المشكلةَ الآن هي في فقدان الثقة تماماً بهذه المصادر، وعندما تغيب ‏الثقةُ تكون الكارثةُ كبيرةً على الأسلوب وعلى الناضجين قبل سواهم.‏
إذن، التغيير ممكن، إذا ما قررنا أن نتعافى، أو قررنا أن نكون جادين متماسكين في ‏مواجهة هذه الجائحة. فالقادم إلى أهله من بلاد الاغتراب من حقه أن يأتي وإن كان مصابا، لأيّ ‏قبيلةٍ انتمى. ومن واجب الدولة أن توفر له هذا الحقّ، وهي ملزمةٌ بأن تحجره وأن تحول بينه ‏وبين أقاربه حتى يبرأ من إصابته، أو حتى لا تثبت الإصابة. وليس لي أن أحتسبه وأهله وبلدته ‏ومنطقته من الأعداء الذين غزوا بلادنا بهذه الجائحة البغيضة. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح