الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاظمي والمراجعة الأميركية : هل تتغير المعادلة؟

تيم صباح

2020 / 5 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ربما هيَ الأزمة السياسية الأَشدُ عقدةً بعد عام 2003م في العراق ، لكنها أخيرًا قد أَنتَجت السيد مصطفى الكاظمي رئيسًا لمجلس الوزراء ، والمُراقب للحراك السياسي العراقي ، قد لاحظ أَن النتاج هذا ليس كسابقهِ ، فالكاظمي جاء وهو غير مُنتَمٍ للنخبة السياسية التي احتكرت العمل المؤسساتي والحزبي طيلة السبعة عشر عام السالفة ، وفي هذا دلالةٌ على أَن "الزعامات السياسية" بشقيها الإسلامي والقومي لم تعد قادرةً على الإستمرار بذات القواعد والتقاليد والعادات التي أُسِسَتْ عام 2003م بعد التغيير ، وحالة عدم المقدرة هذه جاء بعد "الصحوة التشرينية" التي أفرزتها الإحتجاجات العراقية -أستمرت لسبع أشهر- على خارطة العملية السياسية ، وعاملان ساهما بتغيير الخارطة هذهِ :
•إنفصال الزعامات السياسية المُقَيدة لِأرادات أعضاء مجلس النواب عن الواقع الشعبي تمامًا ، فمشاريعَهم تستهدف البحث عن المكاسب الشخصية والحزبية ، مُريدين تنفيذ الإرادات الخارجية لا غير.
•تعامل تلكَ الزعامات مع الدولة العراقية بأَنَها مصدرًا للكسب ، وضمانٍ أقتصادي ، جعل قطاع الخدمات العامة يندثر في غبار الفساد ، ليَطيّل ذلك المستوى المعيشي للشعب ، وهذا فقط الذي أدى لِأنتاج الإحتجاجات العراقية ، والتي امتازت بشعاراتٍ مُتطرفة في التعامل مع النظام السياسي العراقي ، هيَ نتيجة السخط الشعبي إتجاه ذلك النظام ، أبرزها مطالبتهم بأسقاط النظام ، وحظر الأحزاب والشخصيات المشاركة في العملية السياسية منذ 2003م وحتى اليوم من العمل السياسي.
وكما هو متوقع منذ بداية تكليف الكاظمي ، حاولت بعض القوى السياسية نقض الإجماع السياسي ، والعمل على عرقلة تمرير الكابينة الوزارية لِأبقاء رئيس مجلس الوزراء السابق عادل عبد المهدي ، إستشعارًا منها بداية نهاية مُستَقَبَلِهم السياسي ، لكن هذه المحاولات لم تنجح ، فالإرادة الخارجية كانت أشد تأثيرًا من التخبط الداخلي ، وبالحديث عن الإرادة الخارجية ، كانت هذهِ أولى المهمات الناجحة للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني ، بعد أَن أُسنِدَ أليهِ الملف العراقي بديلًا عن الحرس الثوري ، فالكاظمي يبدو أنهُ خيارًا لأعادة ترتيب واشنطن أوراقها في الشرق الأوسط ، وقد يكون بدايةً لأنفراجٍ دبلوماسي واقتصادي بين واشنطن وطهران ، فأيران الثورة لم يعد بأمكانها الإستمرار بذات نهجها في التعامل مع واشنطن ، حيث الإنهيار الإقتصادي بفعل العقوبات الأميركية ، وكارثة الصحة جراء تفشي فايروس كورونا في البلاد ، والعزلة شبه الدولية عن طهران ، جميعها أصبحت تُنهِك الدولة الإيرانية ومؤسساتها ، وقد تكون بدايةً لأسقاط نظام ولاية الفقيه ، فالتداعيات الإقتصادية السيئة مثلاً ، هيَ من أسقطت الشاه محمد رضا بهلوي عام 1979م ، ولهذا كان على إيران الدولة أن تراجع خياراتها في التعاطي مع إيران الثورة ، لِسَحب بعض الملفات من تحت إدارتها ، فخطاب المواجهة العسكرية والتطرف العقائدي ، وعنجهية السياسات ، لابد لها في أي حال أن تقف عند حدٍ ، ثم تفشل ، والحديث عن قدرات الكاظمي وتقييم عمل حكومتهِ في هذا الوقت سيحمل الكثير من المغالطة ، لكننا نستطيع أَن نستعرض أهم التحديات ، والتي يجب أن يراها أزمات ، تسويف حلَّها يعني بقائنا في دوامة الفشل ، التحدي الأول هوَ تحمل تركة الفشل السياسي وسوء الإدارة ومعالجتها ، وسيترتب على ذلك مواجهة الجماعات المُسلحة الخارجة عن القانون ، المدافع الأول عن مافيات الفساد المالي والإداري ، أما التحدي الثاني يرتبط بأبعاد السلطة التنفيذية عن مخالب الإرادات الخارجية والداخلية الحزبية ، والتحدي الثالث يتعلق بكبح جماح الجماعات المُسيسة للجيش العراقي ، والتي حولت المؤسسة العسكرية ولاسيما الجيش ، إلى هيئاتٍ اقتصادية فاسدة يعتاش أصحابها على العقود الوهمية ، التحدي الرابع في الإستجابة لمتطلبات الشارع ، والتي عجزت المنظومة السياسية والخدمية خلال السبعة عشر أعوام ، عن تحقيق الحد الأدنى منها ، فوظيفة تلك المنظومتان كانت ترتبط بالتخادم المصالحي فيما بين القوى السياسية من خلال تقاسم الثروات عليها ، وتبقى مهمة الكاظمي الرئيسية هيَ إيقاف انحدار الدولة نحو الفشل ، والعمل بسياساتٍ مغايرة عن تلك التي اتبعها المُقال ، والتي عززت من تراكم الفساد أكثر.
-إعادة تقييم :
خلال لقائهِ الأول بسفير الولايات المتحدة الأميركية ماثيو تولر ، أَكد رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي "ضرورة التعاون والتنسيق بين البلدين ، في المجالات الإقتصادية والأمنية ومواجهة الأرهاب ، والتحضير للحوار الإستراتيجي بين البلدين" ، موقف كهذا يؤكد لا نية الكاظمي بالعمل على أخراج قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن من العراق بل على العكس من ذلك ، إنهُ يعزز أهمية وجودها ، ولا يبدو حتى الآن أَن العلاقات الأميركية-العراقية الهجينة تتجه نحو مسار التهدئة والخروج من إطار انتقائية الحكومة العراقية في التعاطي معها ، حيث ومع الترحيب الإقليمي والدولي للكاظمي ، لا يمكن القول أننا نسير في مرحلةٍ جديدة مع واشنطن ، حتى الإجابة عن سؤال : "ما هو موقف أذرع طهران العسكرية والسياسية من هذا الحوار"؟
والتوترات بين الجماعات المسلحة الشيعية الموالية لطهران وقوات التحالف الدولي قد بلغت أوجَها بعد الغارة الجوية الأَميركية في 3 يناير الماضي التي قَتَلتْ قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني ، وبعد يومين من هذا الإستهداف أصدر البرلمان العراقي قانونًا قد قد تعطل تشريعه لأشهر من إقراره ، يقتضي أخراج قوات التحالف من العراق -على الرغم من أَن 170 نائبًا شيعيًا فقط قاموا بالتصويت على القرار من أصل 329 نائبًا في مجلس النواب العراقي- ، ومع أَن القانون هذا غير ملزم ، إلا أَن الكيانات السياسية الموالية لأيران تتخذه ورقة ضغط تواجه بها الحكومة العراقية ، والحكومة العراقية مهما اختلفت توجهاتها وماهية من يترأسها ، تُدرك أَن العراق لا يملك رفاهية الإستغناء عن الولايات المتحدة في ظل أزمةٍ اقتصادية تتمثل بزئبقية أسعار النفط ، وصحية في انتشار فايروس كورونا ، وأمنية التي تظهر في إعادة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" قدراتهِ بشكلٍ ملحوظ بعد هجماتٍ في شمال وغرب العراق قام بها التنظيم بالضد من القوات العراقية النظامية
في يونيو سيبدأ العراق والولايات المتحدة حورًا استراتيجيًا سيعالج المشاكل الثنائية ، وحواراتٍ كهذه لا تنجح إلا بعد أن يتحقق وجود المكاشفة والشفافية بين الطرفان ، والصدق في نية تغيير شيءٍ ما ، أولى محاور هذا الحوار يجب أن ترتكز على إنهاء حالة التذبذب في العلاقات الأميركية-العراقية ، فنتائج الإدارة الإيرانية لمراكز صناعة القرار في العراق كانت إنحدار إقتصادي ، واختلال في العلاقات الدولية والإقليمية ، وعلى كل من واشنطن وبغداد إعادة تقيم العلاقات فيما بينهما -فالوقت أصبحَ مناسبًا لأعادة التقييم أكثر من غيره- وأَن تُفرض على العراق شروطًا مُلزِمة ، تتضمن حماية الوجود المدني والعسكري الأميركي في العراق ، وتقويض نفوذ جماعات طهران المسلحة في مؤسسات الدولة العراقية ، على أن لا تخرج هذه الشروط من الواقعية ، فبغداد لا تملك قدرة القضاء على تلك الجماعات ، أو إيقاف نشاطها الأقتصادي الغير قانوني ، لذا المطلوب منها هو معالجة المخاوف الأميركية بخطواتٍ عملية وأَن تعلم أن الولايات المتحدة الأميركية تساهم بتدريب وتجهيز قوات مكافحة الإرهاب ، وقوات الرد السريع ، وتوفير المعلومات الاستخبارية ومراقبة تحركات فلول داعش وإستهدافهم جوًا ، إلى جانب المنح التي تجاوزت الخمسة مليار دولار ، وهذه جميعًا وأكثر مساهمات لا غنى للعراق عنها ، ويشجع وجود قوات التحالف المستثمرين الأجانب ، ويعزز حصول العراق على المساعدات والمنح الدولية من البنك الدولي ، كما أنه يطمأن حلفاء الولايات المتحدة في العراق -الكرد والسُنة- ، وهذا ما يساعد حفاظ العراق على وحدة أراضيهِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع