الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقابة المصرف المركزي على المصرف الإسلامي رقابة تقليدية

اخلاص باقر النجار

2020 / 5 / 12
الادارة و الاقتصاد


أ.د.إخــلاص بــاقــر هــــاشـــم الــنـجـار
جامعة البصرة / كلية الإدارة والاقتصاد
قسم العلوم المالية والمصرفية
يتجلى دور المصرف المركزي في الرقابة على المصرف الاسلامي وعلى الإئتمان بوصفه مسؤولا عن السياسة النقدية والإئتمانية للدولة، باستخدامه أدوات معينة للسيطرة على الإستثمارات والتسهيلات المصرفية التي تقوم بها المصارف وتوجيهها في ظل القوانين المعمول بها ، لتنظيم وتوجيه نشاط الجهاز المصرفي ورسم السياسة النقدية لتحقيق المصلحة العامة وضمان قدرة المصارف على إعادة أموال الودائع الى أصحابها عند الطلب ، ويتمثل دوره التمويلي للمعاملات فيما بينه وبين بقية المصارف لأنه الملاذ الأخير، وهذا ما يتعارض مع المصارف الإسلامية التي قد تتعرض إلى عجز في مواردها المالية ولا تستطيع الاستدانه منه بفائدة ، مما يستلزم إيجاد بديل يتناسب مع طبيعة عملها الاسلامي،ويصبح هذا الأمر يسيرا عندما يدعم المصرف المركزي المصارف الإسلامية ويقدم لها بعض البدائل التي تتفق وطبيعة عملها ، حيث تلزم البنوك المركزية المصارف التابعة لها بالإحتفاظ بنسبة من إجمالي الودائع لدى كل مصرف كإحتياطي نقدي قانوني, لتكون خط الدفاع الأول في حال تعرض المصرف لمشكلة السيولة ، بهدف التحكم في حجم الإئتمان الذي تستطيع أن تمنحه المصارف ومن ثم التأثير على قدرة خلقها للنقود ، ولكن المصرف الاسلامي يجابه في هذه المعاملة المتعلقة بالاحتياطي النقدي الإجباري مشكلة كبيرة , لأنه لا يتعامل بالفائدة ويعدها ربا ، ولأن الاحتياطي لا يمَكن المصرف الإسلامي من توظيف كل الأموال في المشروعات الاستثمارية ، ومن الجدير بالذكر ان البنك المركزي مؤسسة وضعية تخضع للقانون الوضعي تستمد تعليماتها من الحكومة ومن مقررات اتفاقية بازل للرقابة المصرفية ، وحتى لا يحدث التعارض فيما بينهما يجب تطويع القوانين التي تتلاءم والعمل الاسلامي وان لا يتعامل البنك المركزي بالفائدة مع المصرف الاسلامي لا اخذا ولا عطاءاً .
وتتمثل أنواع الرقابة بإعداد دليل مستقل للتفتيش للتأكد من سلامة النشاط المصرفي الإسلامي ، وإذا تبين ان المصرف لم يتبع النهج الاسلامي, يتخذ البنك المركزي تدابير التصحيح،وان تطلب الامر إلغاء ترخيص المصرف ووقف عمله، فضلاً عن أسلوب قوائم الإستبيان التي يرسلها البنك المركزي إلى المصارف الإسلامية لاستيفاء ما بها من بيانات ومعلومات عن المعاملات المالية، ويعتمد على نتيجة هذا الاستبيان في المراجعة والمراقبة وتقييم الأداء ، واعتماد أسلوب الإقناع مثل التصريحات والإجتماعات التي يعقدها مع المسؤولين ، ومن ثم الرقابة على السجلات للتأكد من ان المصرف الاسلامي مصرف تنموي وذا أبعاد اجتماعية واقتصادية تسهم في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية للدولة،أما الرقابة الداخلية فتتمثل في وظيفة وحدة المراجعة الداخلية بكشف الإخفاقات في التنفيذ والإبلاغ عنها وتقديم الحلول لتجنبها مستقبلا بهدف تقويم أعمال المصرف وتحسين كفاءته ، لذلك فإن مهامها تتمثل في التحقق من كفاءة المعلومات المالية والتشغيلية والالتزام بالسياسات والخطط وتقويم الأنشطة لكشف الاحتيال والتلاعب مع التأكيد على تطبيق نظام الجودة، وإبداء الرأي بدراسات المشاريع الجديدة، ويجب أن تتمتع وحدة المراجعة الداخلية بالاستقلال التام عن الوحدات التي تراجعها واعتماد السياسات الخاصة بالمراجعة الداخلية المتوافقة مع المعاير الدولية ، وبناءا على ذلك فإن أهداف التدقيق الداخلي تتمثل في إجراءات الضبط والرقابة من الناحية الفنية والشرعية المعمول بها في المصرف الإسلامي ، وتقييم هذه الإجراءات في ضوء المقاصد الشرعية بهدف ضمان الجودة في الأنظمة الداخلية وضمان عدم الوقوع في المخالفات الشرعية ، ويتفق هدف رقابة المصرف المركزي لحماية أموال المودعين من احتمال حدوث الخسائر ومخاطر الأعمال السوقية والبيئية مع مقاصد الشريعة الإسلامية،كما إن دور المصارف الاسلامية في التوسع النقدي أقل من المصارف التقليدية لأن معاملاتها تأخذ الطابع الاستثماري، ومقدرتها على اشتقاق الودائع والتوسع النقدي تكاد تكون معدومة، وان توجيه النشاط التمويلي للمصارف الإسلامية يتفق مع مقاصد الشريعة وترتيبها للمصالح الضرورية والتحسينية،ويستخدم البنك المركزي بعض الوسائل لتحقيقه مثل السقوف الائتمانية النوعية، والهوامش النقدية لكل نوع من القروض، وأنواع الضمانات وشروطها الافتراضية لتتلاءم مع صيغ التمويل الإسلامية، فضلا عن المحافظة على سلامة المراكز المالية للمصارف، وان أغلب الوسائل التي يستخدمها البنك المركزي صالحة للتطبيق على المصارف الإسلامية، مثل التحقق من نسبة السيولة ونسبة الاحتياطي القانوني ونسبة كفاية رأس المال .
ومما ورد أعلاه يتبين الدور الإقتصادي لهيئة الرقابة الشرعية الذي يتمثل بضرورة امتلاكها لرؤية مستمدة من القرآن الكريم ، تتحدد في ضوئها آليات العمل المصرفي الإسلامي برؤية توحيدية أخلاقية إعماريه حضارية علمية تسخيرية،تهدف إلى جعل عناصر الفطرة الإنسانية في ثورة الوعي الإنساني، ويستجيب الإنسان لذاته بوسطية واعتدال لحاجاته،وأن تنعكس هذه الرؤية في معالجة القضايا الإقتصادية والقانونية والاجتماعية والإدارية والمحاسبية للمجتمع ، مع ضرورة تميز أعضاء الهيئة الشرعية بالفقه المعاصر لتمتزج ثقافاتهم بمختلف التخصصات ليكمل بعضهم الاخر حتى يؤدي المصرف وظائفه بكفاءة عالية، فضلا عن اعتماد منهج علمي في إدراك آليات التنمية الحضارية،والتأكيد على التقويم الإقتصادي والاجتماعي والثقافي والأخلاقي،ويقف في مقدمة الجهد الإقتصادي لهيئة الرقابة تأصيل النظريات الإسلامية مثل نظرية الإدخار والإستثمار ودور المصارف الإسلامية في تنفيذها وعقود الخدمات ، ودراسات الجدوى والربحية ونظريات الضمان ونظرية القرض ، ليتبلور الدور الإجتماعي لهيئة الرقابة الشرعية في طرح رؤية حضارية للزكاة من أجل تفعيل مقاصدها ومضامينها الاجتماعية لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي ، وإدارة التبرعات للأغراض الإنسانية ودعم المشروعات الاجتماعية،وتحقيق تنمية ترتقي بالمجتمع من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية إلى أرقى ما يمكن لتجاوز خط الفقر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخبار الساعة | رئيس الصين يزور فرنسا وسط توترات اقتصادية وتج


.. الاقتصاد أولاً ثم السياسة .. مفتاح زيارة الرئيس الصيني الى ب




.. أسعار الذهب اليوم الأحد 05 مايو 2024


.. رئيس مجلس النواب الأميركي: سنطرح إلغاء الإعفاءات الضريبية عن




.. ملايين السياح في الشوارع ومحطات القطار .. هكذا بدا -الأسبوع