الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شاعر إسرائيلي: تصوروا أننا نقتل و خلاص! تصوروا أننا أشرار جدا!

نائل الطوخي

2006 / 6 / 18
القضية الفلسطينية


بني تسيبار*
ترجمة: نائل الطوخي

استنتاج: الصواريخ التي حولت سبعة من البشر يأكلون الذرة على شاطئ غزة إلى قطع من اللحم الدامي هبطت من السماء و لم يكن جيش الدفاع الإسرائيلي هو الذي قذفها. جيش الدفاع الإسرائيلي هو جيش إنساني جدا و محكوم و ليس قاسيا مثل الفلسطينيين الإرهابيين يلعنهم الله. و لا يحتمل ان يكون هو من فعل أمرا كهذا. الفلسطينيون قادرون على كل شيء. و ما ينبغي أن تحقق فيه لجنة التحقيق هو فحص إن كانت هذه العائلة التي ماتت بشكل متطرف قد تصنعت الموت و إن كان كل هذا العرض للطفلة التي جرت مثل المجنونة على الرمال لم يكن إلا عرضا يقدمه قسم الدراما بمدرستها بمناسبة نهاية العام الدراسي. فهذه الأشياء قد تكون موجودة عندهم، و أعني أن يكونوا قد قاموا بإخراج عرض الجنازة. الآن يمكنك إخراج أي شيء ثم إقناع العالم كله بأنه حقيقي.
استنتاج آخر "وصلت إليه بعد أن شاهدت عامير بيرتس بالأمس في بث مباشر من موقع القيادة الجنوبية": يمكن جدا أن لا يكون هذا الرجل الذي تحدث بالأمس في التليفزيون هو عامير بيرتس الحقيقي و إنما ممثل من بيت تسيفي قام بتقليده بشكل متقن، و استظهر ما ينبغي استظهاره في مصائب كتلك، حتى يستطيع بيرتس الحقيقي تخصيص عطلة نهاية الأسبوع على الأقل لوقت الراحة مع أسرته التي تحبه و التي تفتقده كثيرا على طول الأسبوع. كان واضحا بالنسبة لي أن هذا ليس هو بيرتس الحقيقي لأنه طول الوقت يكرر ثلاثة جمل متشابهة على هيئة إجابة لم يسألوها له. فهو مثلا كرر القول بأن جيش الدفاع الإسرائيلي يتنازل عن الكثير من وسائل العمل حتى لا يصيب المدنيين. و هو شخصيا يعتقد أنه أمر ليس جيدا أن تصيب المدنيين. تطلعوا كم أن شارب هذا الممثل الذي ادعى أنه بيرتس كان ملصوقا. لتسألوا كذلك المراسلة العسكرية كرميلا منشيه التي كانت قريبة منه عم إذا كان ما أقوله غير صائب.
و استنتاج آخر، أقوله هذه المرة بكل جدية: توقفت عن الاعتقاد بأن هناك شخصا ما أقل عدالة و شخصا ما أكثر عدالة، في قصة الصراع هذه. و كل ادعائنا بالعدالة و الخير لم يعد ينفع مع أي أحد غيرنا. عندئذ، و في المرحلة الأولى، تعالوا نتوقف عن الاستناد إلى الإجراءات الشكلية للجان التحقيق العسكرية، و بدلا من هذا لنعترف بأننا أشرار، أشرار جدا جداً و أن عدم نيتنا في أن نقوم بالشر لا تلغي حقيقة أننا نقوم بالشر، و نكرر نفس الشر كل يوم. و أن هذا ينبع في الأساس من أن وسائلنا المدمرة ليست لعب أطفال و إنما هي مخصصة للعمل على البشر: تقتل و تدمر و تنشر و تهرس، بالأساس مثلما تفعل أدوات الدمار لدى الغير، و عندما نستخدم نحن أدوات الدمار تلك فهي تقوم بعملها بالضرورة.
بعد أن نعترف بأننا أشرار، أشرار جدا جدا، سوف نكتشف فجأة أنه من ناحية الشر هذه فلدينا أفضلية هائلة على جيراننا الإرهابيين الأشرار. أفضلية شرنا على شرهم تكمن في أن شرنا محكوم, أما شرهم فبدائي. نحن دائما لا ننوي القتل، و لكننا، و مع كل هذا، فنحن نقتل. أما هم فينوون القتل، هم التنابل، و لا يخفون نواياهم. شرهم يأتي من البطن أما شرنا فيأتي من الرأس.
المشكلة هي أنه بسبب الهولوكست و كل هذه الأمور، فلا يمكننا تصديق أنه حتى في أحلامنا الكابوسية يوجد جندي يهودي يقتل و خلاص. المشكلة المترتبة على هذا هي أنه في كل مرة يتم فيها قتل شخص ما و خلاص فنحن نجد لهذا منطقا كأنما لم يحدث هذا و خلاص. لأنه ببساطة لا يدخل رأسنا أنه في شعبنا يوجد أناس معدومو الضمير أو لديهم ضمير أقل كثيرا من النموذج اليهودي الرحيم المعتاد، و هم قادرون على القيام بأشياء شريرة أو غبية. طورنا هذا الوهم الكبير و الآن نأكله و نتباهى بعدالتنا إلى درجة أن أحدا لا يؤمن بصدق نوايانا حتى إن كانت صادقة. تعالوا نعترف: أمر حقيقي هو أننا نقوم بالشر دوما. و لا يغير هذا إن كانت الظروف تضطرنا أن نكون أشرارا. الحقيقة هي أننا أشرار.
أمر آخر ينبغي الاعتراف به في النهاية. نحن أشرار بنفس الدرجة في اليسار و اليمين. و كفى أوهاما. وزير الدفاع يساري يتصرف بالضبط كما يتصرف وزير دفاع يميني و ليس هناك فارق بين اليسار و اليمين، و كل الانتخابات الأخيرة كانت تحصيل حاصل، و على العكس، فربما يتباهى الآن عامير بيرتس في أعماق قلبه بأن أداءه لم يقل عن وزراء دفاع سابقين و أنه يفعل في الفلسطينيين ما يستحقونه و يعلي من قيم الظمآنين للدم الموجودين بيننا، هذا جيد حتى يكون حزب العمل أكثر قوة و يعود للسلطة بشكل كامل عندما يحين الحين.
استنتاج نهائي، و لكن ليظل بيننا: ليس مرعبا أبدا أن هذه العائلة تم قتلها على شاطئ بحر غزة. فهي بموتها قد نفخت الروح في حزب العمل، حيث يمكنه الآن عرض نفسه باعتباره ذكرا، متعاطفا و صلبا كذلك عندما يتطلب الأمر، ينتمي إلى أفضل الإكليشيهات الإسرائيلية: "الجنود يطلقون النار و يبكون". اعترفوا: أليس عامير بيرتس رائعا عندما يمثل دور رجل الشعب ذي الضمير؟ كل الاحترام لك يا بيرتس. اطلق النار و ابك. نحن نحبك. أنت تثبت ببطء أنك جدير بنا، أنك شرير كما ينبغي. شرير مزود بغطاء أخلاقي كما ينبغي. شرير نظيف يعتقد أنه يمكن سحب الشر كقميص وسخ و رميه في غسالة تنظفه. لست مثل الفلسطينيين ذوي المظهر القذر، الذين يأكلون بأيديهم، في الرمل، بدون أدنى وعي صحي، و بعد هذا يندهشون لأنهم يموتون!

شاعر إسرائيلي
عن مدونة الشاعر بموقع صحيفة هاآرتس










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بلطجي الإسماعيلية-.. فيديو يُثير الجدل في #مصر.. ووزارة الد


.. جدل بشأن عدد قتلى الأطفال والنساء في قطاع غزة




.. أكسيوس: واشنطن أجرت محادثات غير مباشرة مع طهران لتجنب التصعي


.. مراسل الجزيرة: المقاومة تخوض معارك ضارية ضد قوات الاحتلال ال




.. جيش الاحتلال ينشر فيديو لمقاومين قاتلوا حتى الاستشهاد في جبا