الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميشيل كولون : الصحفي الذي ناهض الحروب الامبريالية

انغير بوبكر
كاتب وباحث مغربي مهتم بشؤون الديموقراطيةوحقوق الانسان

2020 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


ينحدر الصحفي البلجيكي ميشيل كولون المولود سنة 1946 من عائلة برجوازية كاثوليكية، لكنه تأثر بالافكار اليسارية الماركسية منذ شبابه وخصوصا الكتابات العمالية الماركسية التي تتخذ من مفاهيم الصراع الطبقي و البروليتارية مفاهيم ومفردات نظرية مؤسسة . عمل في احدى المعامل لمدة 6 سنوات حيث احتك بالعمل النقابي والحركة العمالية قبل ان يلتحق بالاتحاد الشيوعي الماركسي اللينيني ببلجيكا الى غاية نهاية السبعينات ثم تحول فيما بعد الى عضو في حزب العمل البلجيكي الذي عمل كصحفي في اسبوعيته صوليدير . ابتعد عن العمل السياسي بعدما انتقد التفرقة والتشتت الذي يعاني منه العمل اليساري البلجيكي والاوروبي عموما وانخرط في العمل الصحفي مناضلا ومدافعا عن القيم الانسانية المثلى التي تستلهم من روح القيم اليسارية. واجه الصحفي الملتزم بقضايا السلم العالمي وحقوق الشعوب في تحقيق مصائرها مواجهة علنية واخرى خفية من طرف ارباب الصحف وكبريات الشركات العالمية التي تسيطر على الاعلام وتنشر الاعلام الكاذب الموجه لتدجين الراي العام العالمي و تهيئه لقبول الحروب الامبريالية ، لذلك نرى كتابات ميشيل كولون تركز على دحض الحملات الاعلامية الكاذبة التي يسميها mediamensonge ويعتبر ميشيل كولون محقا في قوله بان جميع الحروب العسكرية تبدأ بحروب اعلامية تسبقها وتهيئ لها الارضية النفسية واللوجيستيكية و تواكبها حملات من شيطنة الخصوم وتبرير الهجوم عليهم.
حقق الكتاب الاول الذي اصدره ميشيل كولون تحت عنوان Attention, médias ! Médiamensonges du Golfe نجاح منقطع النظير حيث استطاع من خلاله تفكيك مجموعة من الاكاذيب المضللة التي برر بها البيت الابيض هجومه على العراق و قتل الملايين من النساء والاطفال بمبررات مشكوك في امرها من بينها وجود اسلحة الدمار الشامل في العراق ومنها تورط النظام العراقي في دعم تنظيم القاعدة الى غيرها من المبررات التي اقنعت بها الالة الاعلامية الغربية المجتمعات الغربية لقبول منطق الحرب على العراق .
بنفس المنهجية النقدية عارض الصحفي ميشيل كولون حروب الاطلسي على يوغوسلافيا ودحض مبرراتها التي تتخذ دائما من الغطاء الانساني مبررا لشن هجمات على الخصوم ، كما شارك الصحفي والكاتب ميشيل كولون في تحقيق تجريه مؤسسته الاعلامية الناشئة investig action اثناء الهجوم الاطلسي على ليبيا وخرج بخلاصة مفادها ان هدف الغربيين وساركوزي على وجه الخصوص من القضاء على نظام القذافي ، ليس هو دمقرطة نظام ليبيا او نشر حقوق الانسان في البلد الذي عاث فيه القذافي فسادا وقتلا لمدة 40 سنة انما الهدف الحقيقي من انهاء القذافي هو الحصول على ثروات العقيد الليبي في الخارج التي تتجاوز 30 مليار دولار كسندات و ذهب مستودعة في الابناك الغربية وهذا ما وقع بالفعل ، حيث بعد سقوط نظام العقيد معمر القذافي تم الاستيلاء على ثرواته التي هي في الاصل ثروات مسروقة من الشعب الليبي ولم يتم استردادها لخزائن ليبيا الى اليوم . كما ان تخطيط القذافي لانشاء عملة افريقية موحدة اثار حفيظة الغربيين ، ففي الوقت الذي تدعي فيه القوى الغربية مساندتها لتطلعات الشعوب في ليبيا ودول اخرى في الديموقراطية والتعددية السياسية والتداول السلمي على السلطة ، تقوم الاستخبارات الفرنسية بالانقلاب في مالي وتنصيب ديكتاتور دموي بدل رئيس منتخب ديموقراطيا ليحكم مالي لاكثر من عشرين سنة وتتراجع فيها مؤشرات التنمية البشرية في وقت تعتبر فيه مالي من الدول الغنية من حيث المعادن وخاصة الذهب . . فحسب ميشيل كولون فالولايات المتحدة الامريكية وحلفائها يمارسون سياسات انتهازية و تضليلية لم تعد خافية على احد ، ففي الوقت الذين يدعون فيه حرصهم على اطفال العراق من ديكتاتورية صدام حسين ، يساعدون فيه الدول البترولية كالسعودية والبحرين والامارات على قصف اليمن وتدميره و قتل الملايين من الاطفال اليمنيين ، يحاصرون دول مستقلة في قرارتها السياسية كفنزويلا والاكواتور ويحاولون بكل الوسائل قلب انظمة الحكم فيها .. ويدعون اي الغربيين دعمهم للديموقراطية وحقوق الانسان في العالم .
عن اي ديموقراطية يتحدثون عنها وشعب مالي فقير بسبب سياسات تفقيرية متبعة من نظام لا ديموقراطي مسلط عليهم باشراف ودعم غربي في بلد غني بالذهب ؟ عن اي حقوق يتحدث عنها الغربيون و شعب النيجر يموت جوعا في وقت تزخر فيه اراضيه بالاورانيوم وبثروات معدنية هامة ؟ هذه بعض الاسئلة التي يطرحها ميشيل كولون في لقاءاته الصحفية والاعلامية ويسعى من خلالها الى تنوير الراي رالعام الدولي بالتناقضات الخطيرة التي تعتري خطاب الدول الغربية ويفضح نفاقها السياسي و ازدواجية معاييرها . انتقاد اسرائيل التي يعتبرها ميشيل كولون بانها اكبر دولة عنصرية في العالم جلب عليه سخط قطاع واسع من الشركات الاعلامية ومن الشخصيات المتعاطفة مع اسرائيل ، واتهم بمعاداة السامية ورفعت ضده دعوى قضائية وحوصر اعلاميا وماليا .
يعتبر ميشيل كولون من الكتاب والصحفيين الذين يجهرون بمواقفهم المعادية للحروب الامبريالية التي تشن باسم قيم انسانية وهي في الحقيقة حروب تخفي ورائها مصالح و منافع لذلك نراه ينخرط بكل وعي والتزام في الحملات المعادية للحروب و يواظب على كتابة كتب تحليلية حول نوايا الغرب و استراتيجية الدعاية للحروب التي تقوم بها الانظمة لتسهيل عملية تدجين الشعوب وتنويمها.
بوبكر
باحث في قضايا التنمية والديموقراطية وحقوق الانسان
حاصل على دبلوم السلك العالي في التدبير الاداري من المدرسة الوطنية للادارة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا