الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغنوشي، عبير والمرقش الأكبر

مراد حاجي

2020 / 5 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في مصارع العشاق قصة المرقش الأكبر الذي عشق ابنة عمه فطلب عمه مهرا كبيرا فخرج في طلبه غير ان العم حين وجد ثريا يزوجه ابنته تاجر بها وحرمها من حبيبها. وحين عاد المرقش اروه قبرا وهميا وقالوا انه قبر أسماء. وحين اكتشف كذبتهم خرج في طلبها مع خادمين له فلما اعتل تركاه وعادا مدعين موته. حتى مات الرجل عشقا.
تحضرني هذه الحكاية كلما رايت الصراع بين عبير والغنوشي لانه في جوهره صراع على ارث التجمع. فبعد الثورة مباشرة احتفى انصار الغنوشي بقبر التجمع ولطالما تغنى شيخهم بسقوط المنظومة القديمة وبشر الانصار بقانون في العزل السياسي لكنه سرعان ما كان اول الرافضين لهذا القانون. ثم انه لم يكتف بذلك وإنما استقبل عتاة التجمعيين من الغرياني إلى الزواري وهم امناء عامون سابقون للحزب الذي اراهم قبره.
وليزيدهم طمأنة اعلن قبل انتخابات 2014 انه لن يتحالف مع النداء واتهمه بانه سرطان وخطر على تونس ولكنه تماما كعم المرقش باعهم الى الباجي وتعانق معه وشكلا معا حكومة. كان الشيخ يتعلل في كل مرة بالواقعية والبراغماتية وهو يوهمهم ان القبر قائم لذا لا خوف من العودة إلى الوراء. وهو تماما كعم المرقش ظن ان القبر الاجوف سيكفيه مؤنة الازعاج من الانصار وان لا يشتعل الشوق من جديد. غير ان الأيام اثبتت للانصار ان ما في القبر الموهوم ليس ارث خصمهم وإنما احلامهم.
لقد بدا الغنوشي تاجرا مميزا كعم المرقش مستعدا لبيع كل شيء من أجل أن يبقى في السلطة في حزبه وفي البلاد. لذا تحول الشيخ في عقليته الى تبني عقلية تجمعية بامتياز فيها تلك الخلطة العجيبة بين مقولات متنافرة. وهي مقولات لا تقنع قائلها قبل من تلقى عليهم ولكن الجميع يتواطأون على السماع والتظاهر بالاقتناع. لقد وضع الغنوشي حزبه في خدمة فئات ما من هذا الشعب استطاع استمالتها وهي تدخل معه في شراكة السلطة والمال تماما كما هو حال التجمع من قبل. إن هذا الارث هو محل التنافس الحقيقي والصراع وليس فعلا مقولات الحداثة والعلمانية فقد اثبتت عبير اكثر من مرة انها لا تقل محافظة عن الغنوشي كما هو الحال في مبادرات لجنة المساواة والحريات.
غير ان المرقش الأكبر فعلا في هذا الصراع هو الشعب التونسي الذي يتوهم قسم منه انه الغنوشي يحميه من تغول عبير وعودتها ويتوهم الشق الاخر ان الانتصار على الغنوشي يكون بمساندة عبير. فكلاهما تماما كما فعل خدم المرقش سيتخلون عنه في اقرب فرصة يرون فيها مصلحة لهم. ويتحول المرقش الآكبر الى المغفل الأكبر.
لقد باع عم المرقش أسماء حبييبة الشاعر فباع حلمه واوهمه بقبر يعلن سطوة الموت القاهر الذي يجبر الجميع على الاستسلام لسطوته. حتى لا يعترف بأنه خان العهد الذي قطعه لابن اخيه. وهو نفس السلاح القاهر الجالب للتعاطف يشهره علينا المتصارعان من خلال الادعاء انهما مهددان بالاغتيال.
تقول سردية المرقش انه حين تخلى عنه الجميع القى خاتمه في اناء لتعرفه اسماء اما في حالتنا فإن الصراع بين شقي العقلية التجميعة سيستمر لأن كل واحد يريد الخاتم له وحده. وسيتواصل البيع والتجارة بكل شيء مادام هناك ذاك القبر الذي يمثل النجاة. فكلاهما يدعو بالموت للخصم ويعلن الكراهية ولكنها كراهية تضارب المصالح التي قد تصبح محبة اللقاء على المصالح. يقول بعض المختصين في صراع الثقافات والايديولوجيات ان الصراع بين المتشابهين يكون اشد ولذلك نرى شدة الضجيج في صراع ورثة التجمع وهم يوهمون أنصارهم بقبور خاوية.
ليس التجمع والنهضة نقيضين انهما جناحا العقلية الانتهازية التي توظف كل شيء للبقاء في السلطة ولا يذهبن في ذهن البعض ان التجمع براء من توظيف الدين فذاك من مستلزمات الخلطة العجيبة. سيظل الصراع محتدما لان الشقين يتصارعان على ارث يظنان انه يحفظ السلطة والمال والجاه وسيظل الأمر كذلك طالما لم يعرف المرقض الأكبر طبيعة القبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف


.. ناشطون يستبدلون أسماء شوارع فرنسية بأخرى تخص مقاومين فلسطيني




.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل