الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المنصة الافتراضية في مواجهة حالة العزلة - مشروع الاتحاد العام أنموذجاً-

إبراهيم اليوسف

2020 / 5 / 14
الادب والفن


دأبنا، كمجموعة من المعنيين بالشان الثقافي- في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد في سوريا- أن نتواصل مع جمهور الثقافة، عبرندوات وأمسيات ومهرجانات ميدانية، أو فيزيائية، كما يقال عنها، إذ يكاد لا يمر شهر واحد إلا و كانت لنا فيه فعالياتنا التي يتابعها جمهور مميز، وكانت أنشطتنا تتراوح بين: أمسيات الشعر، أو القص، أو النقد، أو الفكر، أو السياسة- أحياناً- وكان البعض منها يتوثق- بدرجات متفاوتة تتراوح بين الصور وتوثيق مقاطع أو توثيق النشاط كاملاً- ويتم نشره أو بثه عبر شبكات التواصل الاجتماعي، أو من خلال بعض الفضائيات الكردية المعنية، ولعل آخر نشاط لنا- في ألمانيا- كان عبارة عن معرض للكتاب، أقيم في مدينة بوخم، حضره المئات من المعنيين بشؤون الكتاب والثقافة، ورافقته نشاطات أخرى: شعر- موسيقا- تشكيل، بالرغم من إن شبح فيروس كورونا مهدداً، إلا إن الجهات المعنية- في ألمانيا- لم تكن قد فرضت الحجر الصحي، ولا التباعد الاجتماعي، بعد، بالرغم من إن بعض المشاركين كان قد تخوف، واعتذر بعضهم عن المشاركة، طالباً منا تأجيل النشاط، أياماً، بل إن من بينهم من كان يعاني- الأنفلونزا- ونصحه الأطباء بعدم المشاركة.
ثمة خوف كبير عشته، بعد تنفيذ النشاط، وأنا أسأل نفسي: ترى ألم يكن خطأ مني، ومن بعض الزملاء الذين أصررنا على عدم تأجيل النشاط، بالرغم من وجود أصوات طالبت بتأجيله، فماذا لو كان أحد الذين حضروا، وأمضوا معنا يوماً كاملاً ملتقطاً لفيروس كورونا؟ هذه المخاوف أشغلتني طوال أربعة عشر يوماً، ليس خوفاً علي- فحسب- بل خوفاً على الجمهور. الأهل، بالرغم من أن لاأحد إلا ويهاب هذه الجائحة، إلا إن منا نستقوي به هو تصرف الألمان- في تلك الفترة- وكأن الجائحة ممنوعة الدخول إلى ألمانيا، أو إنها لاتجيد الألمانية، كما كتبت عن ذلك أكثر من مرة!
كان في انتظارنا نشاط ثقافي آخر، بعيد معرض الكتاب وما رافقه من فعاليات أقيمت في السابع من آذار2020، إلا إنني انضممت إلى من أطلقوا صوت العقل بضرورة تأجيله، إلى إشعار آخر، ولم أحضر، منذئذ، إلا مكرهاً، نشاطاً بجمهور جد قليل، في يوم الزي الكردي، وكنت جد حذر فيه، بل اضطررت حضور مجلس عزاء أحد المعارف، لألتزم بالحجر المنزلي الطوعي الذي بات يترسمن، بعد الأنباء التي انتشرت بسرعة كورونا. بسرعة البرق: الجائحة في ألمانيا. الجائحة في المقاطعة التي نسكنها. الجائحة في المدينة التي نقيم فيها.
مؤكد، أن الخبر جد مخيف، عندما يتحول خوف ما من وهم، على إنه عبارة عن أنفلونزا كانت في ولاية اسمها ووهان الصينية، وتتم السيطرة عليه، تدريجياً، إلى واقع. إلى خطر داهم: كورونا في بيتك، وترافق ذلك بأنباء عن تسلل كورونا إلى بلدان أخرى، وتم قرع أجراس الخطر، لأن وقاية وحماية العالم تبدأ من وقاية وحماية أي منا لنفسه، وأسرته، وجيرانه، والعمارة التي يقيم فيها. الشارع الذي يقيم فيه. الحي الذي يقيم فيه. المدينة التي يقيم فيها، ولعل حالنا كلاجئين أن لنا أكثر من وطن: وطن الإقامة الذي احتضننا، بلا تمييز، وأحسن في ذلك، والوطن الذي ولدنا فيه، بل والأوطان التي تناثرفيها أهلنا من جراء الحرب اللعينة، ناهيك عن الجذر الإنساني الذي يشرش في روح أي إنسان حقيقي وأصيل!
كتبت إلى الزملاء، في اليوم التالي لحفل معرض الكتاب: العالم في حجر صحي، ما رأيكم أن نقيم أنشطتنا عبرالبث الرقمي، الإلكتروني، أو الديجيتال، الأكثر سهولة، في هذا الزمن الذي يزاحم فيه الافتراضي الواقعي، ويكاد أن يكون بديلاً عنه، بل بات يوازيه، ويسجل لنفسه الخلود الذي طالما بحث عنه الإنسان، عبرالتاريخ، بعد عثوره على-عشبة الحياة- في نسخة مزورة! إجابات الزملاء جاءت جد سريعة، وسرعان ما تواصلت مع أحد المقربين الإعلاميين- أمين ملا أحمد- طالباً منه أن يخصص برنامجاً لأنشطتنا، لتجيء موافقته، بلا تفكير: نحن معاً، ولقد طالبتكم من سنتين بالتنسيق والتعاون، لنرى أن جمهورنا بات يتوسع، فبدلاً من العشرات الذين كانوا يستطيعون متابعة نشاط ما لنا، وهم يهدرون وقتهم: ذهاباً وإياباً، قادمين من أماكن بعيدة أو قريبة، في ظل- أزمات الطرق- وصعوبة الطبيعة، بات يحضرها، الآن، الألوف، كما إن مجال المتابعة لأي نشاط افتراضي متاح لمليارات الناس، حول العالم.
لم يكن الأمر مطروحاً، على الصعيد الكردي- في تصوري- في ما يتعلق بنقب النشاط الفيزيائي إلى افتراضي، وإن كانت عدوى الفعاليات الافتراضية قد انتشرت في المجتمع الكردي، على نحو واسع، لأن الكردي في ظل ظروف- اللادولة- ظل إلى وقت طويل من دون وسائل إعلام- ماخلا تجارب محددة- بل إن صوته كان مقموعاً، وأسئلته- الآن- هي أكثر، في ما يتعلق بالحرب الوجود، من لدن قوى الشرالتي تريد إزالته، من مسرح الحياة.
ندواتنا تعددت، في جوانب كثيرة، وغدت محفزة لجهات أخرى سعت لأن تقدم بدورها، بل إنه في هذه الفترة باتت المنصات الافتراضية تتكاثر، وتتنافس، ولقيت إقبالاً منقطع النظير، لتشمل عالم الثقافة، بعد أن كانت مخصصة- غالباً- لما هو سياسي، يومي، في مجتمعنا، وتكاد أسئلة الثقافة والإعلام تغيب عنه، لولا بعض الاستثناءات، ذات الطابع الشخصي، أو تلك التي كانت تعد من صميم برامج غيرثقافية.
ما طرحناه، في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الكرد، جاء في توقيته الضروري الملح، ولعله سجل السبق في التفاتته، إلى ضرورة أن تكون الثقافة في بيوت الناس، وهم في محاجرهم، لما لها من ضرورات، على أصعدة كثيرة، في زمن الوقاية، لكسر الحجر، وملء الوقت، وتبادل الإفادة مع جمهور كوني مفتوح ضمن اللغة الواحدة،مع معرفة أحادية فعالية شرط اللغة هنا وهوماتعانيه كل اللغات، مع إدراكنا بانتشارية لغات محددة، وعوامل كبح وشلِّ لغات"أُخرى"، لعوامل تاريخية، دينية، سياسية إلخ، كما لغتنا الكردية الأم!؟
التجاوب الكبير من قبل زملائنا- في لجنة الأنشطة- وفي- المكتب التنفيذي- ومن لدن أعضاء الاتحاد جعلنا نستشعر أنه كم كنا مقصرين لأننا لم نبحرفي هذا العالم، على نحو أوسع، وأكثر تنظيماً، وهوما يحفزنا إلى مواصلة العمل عبرمنصات التواصل الافتراضي مع جمهورنا، لاسيما إن ما نقدمه يتوثق، وهو مهم، وهنا أذكر أننا قدمنا في منتدى الثلاثاء الثقافي، أو ملتقى الثلاثاء الثقافي مئات الأنشطة، منذ العام1982، من دون أن نلتقط أية صور، وذلك لأن أنشطتنا تلك كانت شبه سرية، بل غيرعلنية، وكنا نخشى على جمهورنا من وصولها إلى أيد غيرأمينة، ما جعل الثقة بأمسياتنا تزداد، إلى مدة طويلة!
الآن، بات في العالم كله من يلجأ إلى مثل هذه الأنشطة الافتراضية التي دعونا إليها، في زمن قياسي، ضمن مرحلة مداهمة خطر كورونا لنا، في عناوين حضورنا، ولعل هناك من خطط، ونفذ في وقت مبكر من صدمة الجائحة- ولاندري ذلك- إلا إن ما هوأكثر أهمية أن هذه الفعاليات ستتزاوج- لدينا- مع الفعاليات الفيزيائية التي ستتمُّ، ونواصل أنشطتها لتقليد بدأناه، قبل أربعين سنة، في ذلك الزمن الذي كان إقامة نشاط غيررسمي، في مواجهة النشاط الرسمي يشكل تحدياً لآلة الاستبداد، وثقافتها الأحادية، مع ملاحظة أمر طفيف، وهو أننا كنا نستفيد، خلال الكثير من برامج أنشطتنا، من المنصات الافتراضية التي كانت متاحة، وها يقودنا الأمر، الآن، إلى السعي، ليكون لنا منبرنا الخاص، مع تقدير كل من وقف معنا، في هذه المرحلة الصعبة، وجاء ذلك نتاج جهد كبير، من لدن أولاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا