الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التهمة؛ عربي

جميلة شحادة

2020 / 5 / 15
الادب والفن


كادت تصاب بانهيار عصبي عندما وصلت مدخل المشفى وهي تمسك بيد ولدها محمد ابن الخمس سنوات؛ عشرات الأفواه حاصرتها، وراحت تقرع طبلة اذنها اليمنى بحروف كلمات جُبلت بالمرارة والقهر: ماذا فعل؟ انه عربي، ما ذنبه؟ انه عربي. ما تهمته؟ انه عربي.
لقد وصلت ايناس من بلدتها في الشمال الى المشفى في تل ابيب لاستشارة طبية، لكن صوت وابل الرصاص امام المشفى أرعب ابنها وأرعبها؛ توقفت عن متابعة السير، ووقفت على بُعد بضعة أمتار من مكان الحادث. خمس ذئاب، ربما أكثر، أراقوا دم محمود. ها هو محمود ملقى على الأرض يسبح في دمه الزكي، ها هي والدته تهرول نحوه، لا تتكلم، لقد تيبس لسانها، وجف الكلام في حلقها، لا بسبب صومها ولا بسبب حر ذاك النهار الذي جاء استثنائيا في أيار من تلك السنة؛ بل من القهر، ومن الظلم، ومن انفطار قلبها على ابنها العشريني محمود. لقد رافقته للعلاج في مشفى في تل ابيب، وها هي تعود تجر ذيولها من ثقل البؤس والحزن والمرارة التي ملأت قلبها؛ لقد قتل ذئاب "الأمن" ابنها برصاص اللؤم والغدر.
- فيروس الكورونا يحاصرنا؛ لماذا لا ترتدي "الكمامة"؟ قال مريض لمحمود.
- ليس شأنك؟ ردّ محمود.
- انت خطر علينا.
- ابتعدوا عني اذن.
وبجمال السوسن وصلابته، اخترقت ام محمود حوار الصخر؛ لفتْ كتفيّ ابنها بذراعها اليمنى وابتعدت به عن المكان. لكن كيف للسيد ان يفوّت مثل هذه الفرصة؟! أيقظ ذئابه، أشعل النار في دمها، حرقت العنصرية أعصابها، افقدتها توازنها، لحقت بمحمود، اعدمته، وراحت الأفواه الفاغرة تتمتم: ماذا فعل؟ ما ذنبه؟ ما تهمته؟ فتنطق الحجارة تردد: انه عربي. سمعتها ايناس، نظرت الى ابنها، رفعته الى اعلى، ضمته الى صدرها، وراحت تركض مبتعدة عن المكان وهي تتمتم: ابني عربي، عربي، عربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت


.. عاجل.. وفاة والدة الفنان كريم عبد العزيز وتشييع الجنازة غداً




.. سكرين شوت | إنتاج العربية| الذكاء الاصطناعي يهدد التراث المو


.. في عيد ميلاد عادل إمام الـ 84 فيلم -زهايمر- يعود إلى دور الس




.. مفاجآت في محاكمة ترمب بقضية شراء صمت الممثلة السابقة ستورمي