الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدبير الاحتجاجات الشعبية: شتان بين النرد و الشطرنج

مولاي الشريف طاهيري

2020 / 5 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


صدق إلياس العماري و هو كذوب لما قال أن تسمية "حراك" (في نعت ما يقع بالحسيمة) أصلها مشرقي و دخيلة على الثقافة المغربية و ذات حمولة سياسية لا تعكس بأمانة إحتجاجات الساكنة في الإقليم.
في إطار نفس التدقيق اللغوي للمفاهيم فحتى إستخدام "الريف" عوض إقليم الحسيمة غير بريء قد يكون الهدف منه عرقنة الإنتفاضة الشعبية لساكنة الإقليم. بل ذهبت بعض المواقع الدولية لاعتماد مصطلح "حراك أمازيغ الريف" بما في ذلك من تقزيم لحجم الإحتجاجات و إقصاء لباقي الفاعلين فيها..حتى أن رفع العلم الأمازيغي و علم جمهورية الريف استغل اعلاميا ضد الإنتفاضة و اعتبر تعبيرا واضحا للإنفصال..
ربما يتعين على صناع القرار اليوم استخلاص الدروس و العبر في تعاقب الأزمات و الإحتجاجات بما يكفل لهذا الوطن تفادي ما يخشاه المواطن المغربي من انزلاقات أمنية قد تجبر الاستثناء المتغنى به من الإلتحاق بقاعدة الواقع المعاش في جل أقطار المينا MENA.
ما يثير العجب في تعامل الداخلية مع الاحتجاجات السلمية و بالخصوص الوقفات التضامنية بباقي المدن هو مقاربتها الامنية التي بالإضافة لكونها قمعية عملت على توكيل بلطجية من أصحاب السوابق العدلية و مرتزقة القواد و الباشاوات لتفريق المتظاهرين لتفادي تدخل أصحاب البذلة الرسمية و تسويق أن المسألة مجرد خلاف بين صنفين من المواطنين: "من يكرهون الملك" ضد "من يحبون الملك" هكذا سارت الأحداث بمكناس و الرباط و تطوان و أكادير.. كما أن الإعتقالات العشوائية لنشطاء الإنتفاضة الشعبية و ما يتعرضون له من تعذيب جسدي و نفسي لن يعمل إلا على توليد و ترسيخ الكره و الضغينة ضد السلطات.
من المفترض أن ينعم خريجو مدرسة البوليتكنيك بذكاء نادر في هندسة الرؤى الحكيمة و المتبصرة التي من شأنها إيجاد مخارج سلسة للأزمات. فكيف يمكن تفسير لجوء لفتيت و معه والي تطوان طنجة الحسيمة للحل الميكانيكي المحض الذي لا يعمل إلا على تأجيج الأوضاع؟!
لعل السبب في لجوء المغاربة للشارع هو فقدانهم الثقة في من أنيط بهم دور الكشف عن بؤس واقعهم الإقتصادي والإجتماعي و الدفاع عنهم و عن متطلباتهم.
كما أن للدولة نصيب في هذا الاحتقان ناتج بالأساس عن الرعونة التي تعاطت و تتعاطى بها مع الفعل السياسي قبل و بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة و التحكم المكشوف في مجريات تشكيل الحكومة..
عامل آخر يؤجج سخط المواطنين يتجلى في غياب ربط القرار بالمحاسبة، و هو الشيء الذي عاشه و أحسه ،قبل يومين، معظم المغاربة و بالملموس عندما اعتلى محمد أوزين منصة رئاسة مجلس الشعب بلا خجل و لا وجل! فكيف لمن حامت حوله شبهات الفساد أن ينعم بمنظر بانورامي يطل على ممثلي الشعب و يقزز مشاعر دافعي الضرائب في بث مباشر على قناة عمومية؟!! أليس هذا ترهيبا لنفسية المواطن و تنكيلا بها؟ خصوصا حين يفتح حاسوبه و يسبح في بحور الإفتراضي ليصادف رئيسة كوريا الجنوبية و هي مقتادة إلى زنزانة من 6 أمتار مربعة، و يصادف إيهود أولمرت مكبل اليدين و يعلم أن مرشحا رئاسيا بفرنسا قضى يوما كاملا في ضيافة الشرطة للتحقيق معه في قضايا فساد..
ربما ،على رأي احد المتحدثين بلسان الإسلام، لا تجوز المقارنة فهؤلاء مسيحيون و يهود و بوذيون، و من غير المنصف أن يحرموا متاع الدنيا كما الآخرة!
من الواضح ان متلازمة "الاستقرار مقابل الأمن" أصبح مردود عليها ،اليوم، في شبه إجماع شعبي للمغاربة و الذين يقترحون بديلا لا محيد عنه و هو "الإستقرار مقابل الكرامة".
المغاربة اليوم لا يسألون عن الثروة، أين هي؟ لأنها ببساطة بادية وواضحة لهم في أراضيهم و بحارهم و مناجمهم و ضرائبهم..
المغاربة اليوم يطرحون سؤالا وحيداً : كيف يمكن إعادة تقسيم الثروة بطريقة عادلة يصبح من خلالها الوطن متسعا للجميع؟
يجب على صناع القرار في هذا الوطن أن يعوا جيدا أنه حين تجري ممارسة السياسة بعشوائية لعبة النرد و الرهانات و ليس بمنطق الشطرنج و الخيارات الكبرى التي تبنى على الوعي العميق بالمعطيات و ضرورة التأني في القرارات فلا خير يرجى منها و لن تكون أبدا صمام أمان كما في الدول المتقدمة و الحديثة.
و لنا في لاعب النرد التونسي، أي نعم، خير مثال على وهن هذه اللعبة في السياسة لأنه -لا قدر الله- قد يأتي النرد بما لا يشتهيه اللاعب...

حُرر بتاريخ 8 ماي 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بدر عريش الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في تصر


.. عبد الحميد أمين ناشط سياسي و نقابي بنقابة الاتحاد المغربي لل




.. ما حقيقة فيديو صراخ روبرت دي نيرو في وجه متظاهرين داعمين للف


.. فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر




.. لقاء الرفيق رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي