الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المغرب بعد ثلاث سنوات على مقاطعة قطر

علاء كعيد حسب
شاعر و كاتب صحفي

2020 / 5 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


يشارف حصار السعودية و الإمارات و البحرين و مصر لدولة قطر أن يتم عامه الثالث، و خلال هذه المدة جرت كثير من المتغيرات في العلاقة بين المغرب و قطر من جهة و المغرب و دول المقاطعة من جهة أخرى، ما أعاد رسم خارطة التحالفات بين الدول المذكورة و أسس لمرحلة جديدة من تاريخها السياسي.
في مستهل شهر يونيو من سنة 2017 أعلنت دول المقاطعة، تحت مبررات واهية، مقاطعة قطر سياسيا و اقتصاديا و حتى اجتماعيا و إغلاق الحدود في وجهها برا و بحرا و جوا، في محاولة لتركيع هذه الإمارة صغيرة الحجم واسعة النفوذ، و إخضاعها، غصبا، لمجرى السياسات المتسرعة و غير المدروسة التي يقودها محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي و ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؛ سياسات كان من ثمارها الفجة حصار قطر و الحرب على اليمن و التحرش بالمغرب و تركيا و الخضوع لابتزازات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
قطر التي سارعت إلى مطالبة دول الحصار بالتراجع و إعمال المنطق و إحقاق الأخوة و الدين بدل الأهواء و التلفيقات، مارست سيادتها على قرارها السياسي، و انتهجت، بعد تأكدها كليا بان تلك الدول لن تتراجع حتى تسلبها حقوقها، إلى الإستعانة بقدراتها الذاتية و مؤهلات مواطنيها، مدعومة من الأصدقاء، من أجل مواصلة بناء الدولة التي لا ترتهن للعقبات و تتقدم قدما تحت القيادة الرشيدة لأميرها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
و من بين الأصدقاء الذين ساندوا قطر في محنتها، المملكة المغربية التي سارعت، بمجرد إعلان دول الحصار لمخططها العدائي، إلى إرسال مساعدات غذائية إلى الإمارة و قيام عاهلها بزيارة للدوحة، لبعث رسالة سياسية واضحة مفادها بان المغرب اتخذ موقف الحياد الإيجابي في الخلاف بين قطر و بين السعودية و الإمارات و البحرين و مصر، ما ستعتبره الدول الأخيرة إساءة لها و ضربا في الصميم لخطواتها غير القانونية اتجاه قطر.
و خلال ما يناهز الثلاث سنوات من الخلاف المفتعل، توطدت الشراكة بين المغرب و قطر على جميع المستويات و أضحت علاقتهما مثالا يحتذى به في التعاون الاستراتيجي بين الدول، في مقابل تعميق الشرخ بين المغرب و محور دول الحصار الأربع التي ستسن نهجا جديدا في تعاملها مع المملكة الشريفة، في محاولة للضغط عليها عبر ابتزازها بورقة الصحراء المغربية.
القطر التي كان موقفها، دائما، واضحا اتجاه قضية الصحراء المغربية و اعتُبِرت، في جميع الظروف و المحطات، داعما لشقيقتها المغرب في قضيتها الأم، مثلت الصورة المغايرة لدول الحصار التي أخذت، عبر قنواتها الرسمية و غير الرسمية، تتحرش بالمغرب، بين الفينة و الأخرى، و تقتطع في نشراتها الإخبارية الأقاليم الصحراوية من خارطة المملكة التي قال بخصوصها الملك محمد السادس:"الصحراء ستظل مغربية إلى أن يرث الله الأرض و من عليها".
خذلان دول الحصار للعروبة و الدين الإسلامي في علاقتها بالمغرب، استمر مع تصويت السعودية و الإمارات و البحرين لصالح الملف الأمريكي الكندي المكسيسكي لتنظيم مونديال 2026 لكرة القدم بدل الملف المغربي الذي صوتت لصالحه 14 دولة عربية بينها قطر و الجزائر و فلسطين و دول غربية بينها هولندا و فرنسا و إيطاليا. و لم يتوقف مسلسل التحرش بالمغرب، إذ أقدمت الدول الثلاث المذكورة، منذ بداية شهر رمضان الجاري، على تسليط أشباه الصحافيين و ذبابها الالكتروني من أجل مهاجمة العمالة المغربية بالخارج و إلصاق التهم الباطلة بها.
المملكة المغربية التي رفض ملكها محمد السادس استقبال ولي العهد السعودي خلال جولته بدول إفريقية عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي و توجيه أصابع الاتهام وراء هذه الجريمة لمحمد بن سلمان، عبرت عن مراجعة تامة لتعاونها العسكري مع السعودية من خلال إنسحابها من التحالف العسكري في الحرب على اليمن.
عكس ذلك، اتخذت الدوحة خطوات إيجابية لتدعيم أسس علاقتها بالرباط، جسدها بشكل مثالي القرار الأميري رقم 21 لسنة 2019 القاضي بتعيين فهد إبراهيم الحمد المانع سفيرا "فوق العادة" لدى المملكة المغربية، و عدم تفويت الفرصة للتأكيد على مثانة العلاقات الثنائية التي تربط بينهما، عبر تنسيقهما في القضايا الرئيسية كالقضية الفلسطينية و ملف مكافحة الإرهاب، أو من خلال الزيارات الدبلوماسية لمسؤولي البلدين، و المراسلات المتبادلة بانتظام بين الأمير تميم بن حمد و الملك محمد السادس.
العلاقات المغربية القطرية، صورة ناصعة لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الدول العربية التي يجمعها دين واحد و لغة واحدة، ضمانا لرفاهية شعوبها و مصداقا للحديث النبوي الشريف: "مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى". فهل تتعظ دول الحصار بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة