الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أرصفة مدينتي

اسماعيل جعبر
كاتب حر

2020 / 5 / 17
الادب والفن


قلتُ لمَنْ عاتبني لأنني أمشي على طرف الإسفلت المخصص للسيارات، ولا أستخدم الرصيف:
أنتَ تستخدم سيارتَك الخاصة في كل الأوقات، ولم تُجرب المشي في شوارع تطاوين، فلو أنك جربتَ السيرَ في مدينتي لأدركتَ سبب سيري على طرف المسار المخصص للسيارات.
تطاوين بكاملها لا توجد فيها أرصفة خاصة للمشاة، وإن كانت مرسومة على الخرائط المحفوظة في أرشيفات البلدية، إنَّ معظم الأرصفة مغتصبة من المحلات، أو المنازل الواقعة على الشوارع.
لم تعد المحلاتُ والأبنية تتنافس على الأرصفة، بل أصبح التنافس على اغتصاب فريسة جديدة من الإسفلت المخصص للسيارات!
كما أنكَ لا تعرف بالضبط في حالة وجود رصيف خالٍ من الاغتصاب، أن هذا الرصيف هو حقل ألغام، وإليك تفصيلا لمفاجآت بعض بقايا الأرصفة غير المغتصبة:
غيَّرتْ معظم المحلات والدكاكين نوع بلاط الرصيف المعتمد، غيرته ببلاط قابل للتزلج، وهو فخٌّ خطير، أوقعني ذات يوم !
بقايا أرصفة مدينتي مليئة بالمفاجآت، غير السارة، أبرز تلك المفاجئات عدم الانتظام، وبروز الحفر فيها، كثيرون حفروا فيها خطوطا لتمديد أنابيب المياه أو أنابيب الصرف الصحي الخاصة، مما أدى إلى عدم انتظامها، أو دقوا فيها مسامير بارزة، لربط بعض أنواع البضائع ، خوفا عليها من السرقة، كما أن بعض الأرصفة مشغولة بأكوام القمامة، أو بحاوياتها!
أكثرُ ارصفتها مصائد للثياب أما بقية قصة الأرصفة فهي قصتي مع النظافة؛ يبدأ معظمُ أصحاب المحلات يومهم بكنس مخلفاتهم، هذه عادةٌ جميلة، غير أن نهايتها حزينة، فما إن يجمع صاحبُ المحل نفاياتِه بمكنسته، أو يغسل محله بالماء حتى يُلقي كل هذه المخلفات وسط أرجل السائرين، وقد تُلوَّث ملابسُهم!
إن معظم السائرين على الأرصفة، يُلقون بمخلفات أيديهم بين أرجلهم، أو بين أرجل الماشين، يلقون بقايا العلب الكرتونية التي شربوا محتوياتها، ومناديل الورق المستخدمة، وبقايا السندوتشات في أي مكان من الشارع، كثيرون من السائقين يُلقون نفاياتِ سياراتهم بين أرجل المارة، لتبقى سياراتُهم الخاصة نظيفة !
كذلك، تُستخدم الأرصفة أيضا مجالسَ يمددون أرجلهم وسط الرصيف ، يراقبون المُشاة لاصطياد التحيات!!
لا تُصب بالذعر وأنت في وسط رصيفٍ، أو حتى وأنتَ تجلس وسط حديقة عامة، عندما تسمع بوقَ دراجةٍ نارية، يقتحم بها سائقُها حُرمة الحديقة، أو الرصيف!
أما عن أبشع المظاهر التي لا تراها كما أراها، فهي ظاهرة البصاق في وسط الشوارع، فهي الأبشع، مع العلم أن الباصقين عن يمين، وعن يسار، يحتفظون في جيوبهم بعشرات مناديل الورق، وهنَّ وهم من المتعطرين، ممن يلبسون الملابس الجميلة النظيفة، مِمَن أمضَوْا وقتا طويلا، أمام المرايا في بيوتهم، يطمئنون على جمال صورهم، قبل أن يخرجوا !
مَن ينتهك حُرمة الملكية العامة ويُشوِّهها، لا يمكن أن يكون أمينا على الوطن، مُخلصا له، حتى لو رفع كل الشعارات الوطنية الحماسية!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كواليس العمل مع -يحيى الفخراني- لأول مرة.. الفنانة جمانة مرا


.. -لقطة من فيلمه-.. مهرجان كان السينمائي يكرم المخرج أكيرا كور




.. كواليس عملها مع يحيى الفخراني.. -صباح العربية- يلتقي بالفنان


.. -بين المسرح والسياسة- عنوان الحلقة الجديدة من #عشرين_30... ل




.. الرباط تستضيف مهرجان موسيقى الجاز بمشاركة فنانين عالميين