الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات ملازم -1-

علي دريوسي

2020 / 5 / 18
الادب والفن


بعد مرور ستة أشهر انتهت الدورة وحان موعد التخريج والفرز.
كان احتفال التخرُّج مهيباً لا مثيل له في ذاكرة أحمد.
في ساحة كبيرة جداً اجتمع كل الطلاب الضباط الجامعيين والعاملين والضباط القادة من الكليات العسكرية المتجاورة، كانوا بالمئات، رجال في عمر الورود، عُزفت الموسيقا العسكرية، علت الحناجر من أعماق القلوب والوجدان بالأناشيد الوطنية والشعارات الحماسية، موسيقا وأناشيد تحضّ المتخرجين الجدد ببذلاتهم العسكرية الأنيقة والأكف البيضاء على حب الوطن وحماية حدوده والتضحية لأجله، موسيقا وأناشيد تُغري الشباب بتحمل مسؤولياتهم الوطنية مبكراً في الذَّود عن حرمات ومقدَّسات الوطن، موسيقا وأناشيد تجبر المآقي أن تدمع، تدعو الرؤوس أن تشمخ والقلوب أن تخفق، موسيقا وأناشيد تَحثّ الأقدام أن تضرب الأرض بقوة وتصميم وإرادة حديدية معلنة عزمها على تفجير ينابيع الحرية والعطاء والخير والكرامة، وقدرتها على تجاوز كل الصعاب والأزمات وتحقيق الآمال.
أدَّى المتخرحون القسم العسكري في كامل التهيَّب والتّعظيم والتّوقير ...
وأنهوه بكلمات "والله على ما أقول شهيد."
**

صدر جدول فرز الضباط المهندسين الجدد، أذاع قائد الدورة المقدّم طالب اسم كل مهندس ومكان فرزه وموعد الالتحاق، ثم وزّع على الملازمين الجدد إجازة نهاية الدورة لمدة خمسة أيام.
كان من المنتظر أن تكون عملية الفرز غير عادلة إطلاقاً، ولم يكن مستغرباً أن تحكمها الوساطة والعلاقات الاجتماعية والمصالح المالية والنزعات الطائفية، تماماً كما هو الحال في تفاصيل الحياة المدنية.
وُزِع بعض المتخرجين على فروع ومؤسسات الإنشاءات والإسكان العسكرية العاملة، خدمة مدنية بحتة، لا يرتدي الملازم المهندس لا البذلة ولا السيدارة العسكرية ولا يضع النجوم على كتفيه، بل يحصل على سيارة بيك آب، دخل شهري إضافي يسمح له بالعيش، إضافة إلى ما يجنيه في حياته المدنية اليومية من إعطاء للدروس الخصوصية أو من العمل في مكاتب أو محلات أو مزارع عائلته.
وُضعت ثُلّة قليلة منهم تحت تصرف قادة كبار لاستخدامهم لاحقاً كمعلمين لتدريس أبناء الضباط مواد الفيزياء والكيمياء والرياضيات.
فُرزت ثُلّة أُخرى منهم إلى فروع ومفارز أمن الدولة ومراكز المخابرات العسكرية والجوية.
لكن والحق يجب أن يُقال دائماً، فقد تم فرز أكثر من نصف عدد المتخرجين إلى قطع ووحدات ورحبات وألوية عسكرية متفرقة مهجورة منسية وموزَّعة في كل بقعة من الوطن، ومن كان منهم محظوظاً جاءت خدمته في المدينة نفسها حيث يعيش مع أهله وناسه.
**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج