الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في عقدة بناة الجمهورية لدى حكام ما بعد 2011

صفاء باكير

2020 / 5 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ما أحوجنا اليوم الى سياسيين مثقفين لهم دراية وحنكة وكفاءة أخلاقية وعلمية كأمثال المرحوم الشاذلي القليبي الذي تعتبر وفاته يوم 13 ماي 2020 بمثابة طي صفحة أخرى من صفحات تاريخ تونس المعاصر. فالرجل يعتبر من أهم رجالات الدولة الوطنية الحديثة، ورغم أن وفاته لم تحظ بالصدى الذي يليق بتاريخه ولم تتم حتى تلاوة الفاتحة على روحه في مجلس الشعب على غرار ما حصل مع البعض من زملائه من بناة دولة الاستقلال، وللأسف فقد أصبحت ثقافة التجاهل المتعمد من العادات غير الحميدة التي تشهدها بلادنا والتي تعمل بالأساس على تشويه وتقزيم متعمد لشخصياتنا الوطنية.. الا أن هذه الشخصيات المؤثرة في تاريخ البلاد جعلت من إنجازاتها وحبها وتفانيها في عملها سببا مباشرا في حفر أسمائها في الذاكرة التونسية.
فقد كان للشاذلي القليبي شرف تأسيس وزارة الثقافة التونسية سنة 1961 وذلك بعد توليه تدريس اللغة العربية لسنة واحدة وكان حينها من أبرز الوجوه التي خاضت تجربة العمل النقابي حيث كان مسؤولا في نقابة التعليم الثانوي.
وقد تولى خلال الفترة الممتدة بين 1961 و1979 الى جانب وزارة الثقافة، منصب مدير ديوان رئيس الجمهورية.
وقد تدرج واكتسب خبرات هامة في التسيير السياسي مما أهله للحصول على منصب أمين جامعة الدول العربية بين 1979 و1990 وذلك عندما تم نقل مقرها الى تونس إثر عقد اتفاقية كامب ديفيد. وقد لعب دورا هاما في مرحلة استثنائية تعج بالأحداث التي عصفت بالعالم العربي ككل وأهمها التدخل الأجنبي في العراق من قبل الحشد الأمريكي والدول المساندة له قبيل حرب العراق الاولى، وقد جاء موقف الشاذلي القليبي مشرفا ومنصفا للجانب العربي من خلال رفضه لهذا التدخل واستقالته من منصبه كأمين جامعة الدول العربية.
كما دعم التعاون العربي الافريقي باعتبار أهمية المجال الافريقي بالنسبة للعرب وبالتحديد بالنسبة لتونس وهذا عكس ما حصل مؤخرا في بداية 2020 حينما رفض مجلس الشعب لمشروع القانون الأساسي المتعلق بالاتفاق المؤسس لمنطقة التجارة الحرّة القارّية الإفريقية لدمج تونس في هذه المنطقة، والذي سيكون مضرّ بالميزان الاقتصادي وصادرات المؤسسات التونسية مما يعكس قطعيا أن تغير المشهد السياسي أفرز غياب شخصيات وطنية يكون ولائها الأول والأخير لتونس وليس لأغراضها الشخصية والحزبية.
وقد عمد كذلك الى إدانة الإرهاب الدولي وخاصة الإرهاب الإسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية والعربية ولطالما دعم الانتفاضة الفلسطينية وفي هذا الصدد قام بإنجاز عديد المؤلفات منها ’’ العرب أمام قضية فلسطين‘‘وقضايا الدين والعصر‘‘.
إضافة الى كتابته لعدة مقالات أدبية ومشاركته في تأسيس عدد من الصحف على غرار جريدة الصباح والمجلات الوطنية حيث أنه كان يتميز بقدرة كبيرة على المخاطبة باعتماد الإيحاء الذي كان يفضله على الخطاب المباشر المبتذل. وهذا الأسلوب اللغوي المتميز يعود بالأساس الى تكوينه وتتلمذه على يد أساتذة وأدباء مشهود لهم بالكفاءة العالية أمثال العلامة محمد الفاضل بن عاشور والأديب الكبير محمود المسعدي ثم في مرحلة ثانية انتقاله لمزاولة تعليمه بجامعة السوربون مما فتح أمامه المجال للإلمام بقواعد اللغة الفرنسية وبالتالي حذقه المتميز للعربية والفرنسية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أنس الشايب يكشف عن أفضل صانع محتوى في الوطن العربي.. وهدية ب


.. أساتذة ينتظرون اعتقالهم.. الشرطة الأميركية تقتحم جامعة كاليف




.. سقوط 28 قتيلاً في قطاع غزة خلال 24 ساعة | #رادار


.. -لن أغير سياستي-.. بايدن يعلق على احتجاجات طلاب الجامعات | #




.. هل يمكن إبرام اتفاق أمني سعودي أميركي بعيدا عن مسار التطبيع