الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى الإنتصار على النازية والفاشية

صبحي مبارك مال الله

2020 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


تستذكر وتحتفل شعوب العالم في التاسع من آيار ، سنوياً بيوم الإنتصار على النازية ودحرها، بعد هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية الدموية والتي إستمرت ستة سنوات (1939-1945) حيث كان عدد ضحاياها أكثر من خمسين مليون إنسان ، فضلاً عن المعوقين والجرحى والأرامل. لقد كانت حرب دموية بشعة إستخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة ومنها أسلحة الدمار الشامل، لقد دُمرت المدن الكبرى والصغرى وتشرد الملايين من البشر، وقتل الملايين من الأطفال، وموت الملايين جوعاً ومرضاً من ضحايا الحرب وتوقفت عجلة التقدم وتراجعت الحضارة والتقدم العلمي والقيم الأخلاقية نتاج البشرية عبر قرون. لقد حصل كل هذا الدمار بعد تصاعد الصراع بين الدول الرأسمالية نتيجة الأزمات الاقتصادية الرأسمالية و التطاحن حول الأسواق التجارية والتوسع في أراضي الغير ومشاكل الحدود والإستيلاء على ثروات الشعوب هذه كانت الدوافع الحقيقية وراء الحرب فضلاً عما تركته نتائج الحرب العالمية الأولى على هذا الصراع ومنها معاهدة فرساي .كما وضعت الدول الرئيسة كافة قدراتها العسكرية والإقتصادية والصناعية والعلمية في خدمة المجهود الحربي. لقد شارك في هذه الحرب أكثر من 100 مليون شخص من أكثر من 30 دولة في حلفين عسكريين متنازعين هما : قوات الحلفاء ودول المحور. ومن بين الأسباب التي أدت إلى إندلاع الحرب العالمية الثانية، هي الفاشية الإيطالية بقيادة موسوليني، والعسكرة اليابانية وغزو الصين في ثلاثينيات القرن العشرين، والإستيلاء السياسي في عام 1933م على ألمانيا من قبل أودلوف هتلر وحزبه النازي .لقد جاءت ذكرى الإنتصار على النازية هذا العام في ظروف صحية عالمية خطيرة وهي جائحة كورونا التي قلّصت الأحتفالات بهذه المناسبة، كما تسود العالم الآن أزمة إقتصادية وصراع متصاعد بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من جهة والصين وروسيا من جهة أخرى. ونشوء أجواء ملبدة بالغيوم و دق طبول الحرب كما ذكر بعض المحللين والكتاب السياسيين فهل الهدف هو الخروج من الأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا وتوقف عجلة الإنتاج والتجارة ؟ وهل الدافع السيطرة على قطبية العالم ، أمريكا تريد أن تكون القطب الوحيد وعدم السماح بظهور قطب آخر ينافسها بعد تصاعد المستويات الاقتصادية الصينية. لقد كان وراء إشعال الحرب العالمية الثانية الفكر النازي والدكتاتور الدموي هتلر مجرم الحرب من الدرجة الأولى. هل ممكن منع الحرب العالمية الثالثة؟ كما تسائل الأمين العام للأمم المتحدة—أنطونيوغوتيريش ؟ كما حذر الأمين العام للإمم المتحدة في خطاب له بمناسبة الذكرى ال75 للإنتصار على ألمانيا النازية، من أزمة عالمية ناتجة عن إنتشار الخطاب المعادي للسامية ودعا للتضامن في مواجهة الكراهية قائلاً ان ذلك ضروري من أي وقت مضى كما أشار إلى ظهور النازيين الجدد والمنادين بتفوق العرق الأبيض الذين ينشرون الأديولوجية التي تسمم عقول الشباب، عبر الإنترنيت. كانت مراسيم الإحتفال في روسيا بإحياء الذكرى ال75 لإنتهاء الحرب العالمية الثانية في التاسع من شهر آيار متواضعة بسبب جائحة كورونا حيث كان مخطط لها أن تكون إحتفالات كبيرة وضخمة وفي كلمة تلفزيونية مقتضبة ألقاها الرئيس الروسي بوتين امام شعلة الجندي المجهول قرب الكرملين قال (نعلم ولدينا إيمان ثابت بأن روسيا لاتقهر عندما تكون موحدة) . ويستنتج من نتائج الحرب العالمية الثانية بالرغم من التضحيات الجسام وفقدان الملايين من البشر بسبب السياسة الهوجاء والأفكار النازية العنصرية، بأنه لاتوجد قوة تقهر مصير الشعوب. كما إن تحديد مصير العالم في المرحلة المعاصرة لتطور البشرية هي مسؤولية الجميع. بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية تأسست الأمم المتحدة على أنقاض عصبة الأمم المتحدة في مدينة سان فرانسيسكو-كالفورونيا حيث وضع ميثاقها وتم التوقيع عليه في 26حزيران 1945 في ختام مؤتمر الأمم المتحدة والذي أصبح نافذاً في 24تشرين الأول (أكتوبر)1945والميثاق مكون من تسعة عشر فصل وكذلك صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم المتحدة بتأريخ 10 ديسمبر(كانون الأول) 1948 والذي يتألف من 30 مادة . إن تشكل الهيكل الأخلاقي والسياسي للنظام العالمي المعاصر جاء من خلال ميثاق الأمم المتحدة والذي ثُبت فيه مبادئ الحرية والديمقراطية وحق الشعوب في تقرير مصيرها. ولكن كل المواثيق التي صدرت من الأمم المتحدة والعهود لم تمنع سلطة رأس المال السياسي المتوحش من تجديد العديد من الحروب ومن إنتاج أسلحة الدمار الشامل ومن إثارة بؤر التوتر والعودة إلى الحرب الباردة التي أنهكت الأمم، فبعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية لم تعترف الدول الرأسمالية وسلطاتها بحق الشعوب بتقرير مصيرها فنشأت حركات تحرر سلمية كما في الهند وجنوب أفريقيا والعديد من الدول الأفريقية، وحروب تحرر مسلحة في الفيتنام وكوريا والجزائر وغيرها التي حصلت على إستقلالها .وكتجاهل لدور شعوب الاتحاد السوفياتي آنذاك وتضحياتها الجسام ثلاتين مليون إنسان في دحر ألمانيا النازية ولغرض إثارة الخلافات نشر البيت الأبيض مقطع فديو إحتفالي تجاهل فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دور الاتحاد السوفياتي مكتفياً بالأشارة إلى بلاده وبريطانيا وقال ترامب في الفديو (في الثامن من آيار /مايو 1945 حققت الولايات المتحدة وبريطانيا الإنتصار على النازية بعد تأكيده ان العلاقات بين بلاده وأوربا اليوم أقوى مما كانت عليه في أي وقت مضى ..) وهذا دليل على تجاهل الحقائق ، وكان الرد الروسي سريعاً موضحاً أعداد ضحايا الشعوب السوفياتية وهي بين 28-30 مليون إنسان، ولم تبلغ القوات الهتلرية أرضي أمريكا وبريطانيا كما حدث في 1941 بهجوم ألمانيا على الاتحاد السوفياتي، لم تشارك القوات الأمريكية في الحرب ضد النازية في أوربا حتى إنزال النورماندي 6حزيران 1944 أي قبل أقل من عام من إنتهاء الحرب التي إنطلقت في الأول من أيلول /سبتمبر1939 بإجتياح قوات هتلر بولندا. وأيضاً كرد فعل على خطاب ترامب في تجاهل دور الاتحاد السوفياتي الرئيسي في النصر قال السناتور اليكسي بوشكوف معلقاً في تغريدة تويتر قائلاً ان (الولايات المتحدة وبريطانيا هزمتا النازية في 8أيار 1945 هكذا تماماً ولكن من أقتحم برلين؟ ومن الذي قضى على ثلثي الفرق العسكرية الألمانية؟ ومن الذي إنتظر متفرجاً حتى يونيو 1944 من وراء المحيط دون فتح الجبهة الثانية ؟نحن سحقنا هتلر ....) وإستمرت الردود كما غردت رئيسة تحرير شبكة روسيا اليوم مراغريت سمونيان (السيد الرئيس دونالد ترامب المحترم ، في المقام الأول إنتصر المواطنون السوفيت حصراً على النازيين وليس الولايات المتحدة وبريطانيا نحن ندرك أن منظومتكم التعليمية تعاني من ثغرات وفجوات كبيرة في المعارف التأريخية، نحن على إستعداد لمساعدتكم في حال طلب ذلك) النازيون الجدد : هي حركة متطرفة عنصرية سياسية آديولوجية وتسمى أيضاً بالفاشية الجديدة التي نشطت مؤخراً في الدول التي ينتمي غالبية سكانها من البشرة البيضاء في العالم وخاصة أوربا وتعرّ ف هذه الحركة بأنها تتبع أهداف ومبادئ الحركة النازية، يحمل منهجها الفكري جماعات موجودة في أوربا وأمريكا وبعض دول العالم وهم جماعات حليقي الرؤوس يعادون كل من ليس أبيض البشرة. ظهرت النازية الجديدة في ألمانيا بدعم من الأحزاب اليمينية المتطرفة، سياستها عرقية عنصرية والتي عندها نفوذ في البرلمان مثل الحزب الوطني الأشتراكي والذي يدعو إلى معاداة المهاجرين من الأتراك والعرب والأفارقة والآسيويون والمطالبة بترحيلهم من ألمانيا. إمتدت هذه العنصرية وأحزابها في أوربا الغربية والتي وصلت النمسا، السويد، فنلندا، النرويج، الدنمارك، آيسلندا، بلجيكا، هولندا و فرنسا. الآن تشكل الأحزاب اليمينية في أوربا تحمل أفكار نازية وفاشية وعنصرية ضاغطة لتصعد إلى سدة الحكم في أوربا وبالضد من الديمقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان ولهذا دعا الرئيس الألماني -فرانك فالترشتاينمار في خطابه في الذكرى ال75 على سقوط الحكم النازي مواطني بلاده إلى الدفاع عن الديمقراطية .ولهذا أذا لم تنتبه شعوب العالم إلى مايجري من توحيد القوى اليمينية نفسها وتصعيد الخطاب السياسي العنصري والمعادي سوف يشكل ذلك تحضيرات جديدة لحرب جديدة لاتشبه أي حرب في الماضي . والبدأ الآن بالحرب التجارية الاقتصادية وحرب الإبتزاز لشعوب العالم وتهيئة المقدمات لتصعيد الحرب الإعلامية بنفس الوقت العمل على سباق التسليح وإستخدام كل الوسائل ومنها الذرية والبايولوجية من أجل أن يبقى حفنة من الرأسمالين الإمبرياليين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إدارة بايدن وملف حجب تطبيق -تيك توك-.. تناقضات وتضارب في الق


.. إدارة جامعة كولومبيا الأمريكية تهمل الطلاب المعتصمين فيها قب




.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م