الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة خارج السرب، حول إسرائيل

فاضل الخطيب

2020 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ماذا نعرف عن دولة وشعب إسرائيل في القرن الواحد والعشرين؟ ماذا نعرف عنها، سواء اعتبرناها عدوة أو جارة أو دولة على هذه الكرة الأرضية؟ ماذا نعرف عن فصل السلطات واستقلالية كل منها عن الأخرى، عن ميزانية التعليم وبرامجه والبحث العلمي، عن المرأة وحقوقها الدستورية، عن شهدائها أو ضحاياها وعائلاتهم، عن علاقة المسؤول بالمواطن والانتخابات الديمقراطية؟ عن علاقة الحكومة مع المكونات العربية في الدولة، مثل المسلمين والمسيحيين والدروز والبدو أيضاً؟ هل يعيش الفلسطيني تحت حكم حماس أو عباس بحرية وسعادة أكثر مما هو تحت حكم دولة إسرائيل؟ هل يرضى الفلسطيني الإسرائيلي تبديل جوازه سفره أو جنسيته بجواز سفر أي دولة عربية أو إسلامية؟ ماذا نعرف عن الخدمة العسكرية للعرب الإسرائيليين في الجيش الإسرائيلي، سواء خدمة إجبارية أو تطوع اختياري؟ هل يمكننا تصوّر حياة الفلسطينيين لو عاشوا في دولة فلسطينية بين البحر المتوسط ونهر الأردن بدون وجود إسرائيل؟ هل فعلاً باع بعض العرب الفلسطينيين أراضيهم للمهاجرين اليهود من خلال وسطاء فلسطينيين عرب؟ لماذا نجحت نهضة إسرائيل الصغيرة العظيمة وفشل العرب بين المحيط والخليج/حكومات وشعوب؟ هل فعلاً عداء الكثير من العرب والمسلمين لدولة إسرائيل بسبب سياستها ضد الفلسطينيين، أم لسبب ديني؟ ماذا حقق العرب والمسلمين من عدائهم لدولة إسرائيل واليهود؟ هل من أفق لتجاوز كل تلك الأسئلة وإعلان مبادرة صريحة واقعية للصداقة والتعاون بين دولنا وشعوبنا وبين دولة وشعب إسرائيل؟ هل مثل هذه العلاقة الودية تخدم حياة ومستقبل شعوبنا أم تضرها؟ أنا أعرف أنه حتى طرح هكذا إسئلة يستحق التخوين ضمن ثقافة وموازين الثقافة الدينية الإسلامية والعروبية المقاومة، لكنه لا يمكن الهروب من الواقع إلى ما لا نهاية. لا مستقبل أفضل لشعوبنا ودولنا، إلا بمحاولة تقليد إسرائيل بكثير مما تقوم به، أما "القضية المركزية" ومسألة عودة الفلسطينيين، فهي قضية انتهت منذ عقود، ولا يستفيد منها إلا حكام المافيات العربية والفلسطينية. كتب قبل حوالي سنة أحد رموز الأخوان المسلمين زهير سالم ما معناه أن "بعض مفاتيح بيوت الأندلس مازال يحتفظ بها المسلمين"، في إشارة إلى حق العودة إلى هناك. على الفلسطينيين البحث عن طريق أو طرق أخرى، قد تستطيعون العيش عقوداً أخرى بهذه المراوحة التي يتقاذفكم بها كل تجار الدين والسياسة في المنطقة، لكنكم تدورون في حلقة مفرغة بمفاتيح بيوتكم كمفاتيح بيوت الأندلس. النضال اليوم، هو الواقعية، وللفلسطيني ربما هي "النجاة الفردية"..
لو إسرائيل، أو بلغة عربية ثورية "الكيان الصهيوني" غير موجود، يعني الدول العربية العريقة الخالدة ذات العمق التاريخي الممتد سبعة أو عشرة آلاف سنة، راح تكون دول ناجحة وشعوبها حرة وسعيدة؟ طالما لم نخرج من هذه "الإنشاءات أو الفقاعات" الثورية، سنجد دائماً عشرين كيان موزامبيقي ومدغشقري وهندي أحمر وأسود وأشقر مسؤول عن كوارثنا وغرق زرعنا وغضب ربنا.. خمسة عشر مليون يهودي في كل العالم، لا يملكون نصف ثروات الكرة الأرضية من الغاز والبترول والرمل ولا يستثمرون بها، يستثمرون في العقول، وهو سر نجاحهم وتفوقهم على عقول مليار ونصف مليار مسلم بنفطهم وغازهم وكتبهم المقدسة، ويأتي مثقف أو مفكر يقول أن الأسد حامي حدود إسرائيل، وآخر يعتقد وبكامل عقله أن الخمينية وطراطيرها من تجار المخدرات راح يقضوا على إسرائيل واليهود. كم أسد أو سيسي أو مرسي أو صدام أو بوتفليقة أو أو. حكم في إسرائيل؟ نحتاج من يشبه بن غوريون وبيريس وبيغين ونتنياهو يهتمون بمصير وحياة شعوبهم قبل وفوق كل شيء. كم حاخام يهودي يتحكم بسياسة إسرائيل؟..
هل كان يكفي صدور وعد بلفور لقيام وبقاء وازدهار دولة إسرائيل؟ غالبية دول المسلمين وكل دول العروبة وفي طليعتهم محور المقاومة والممانعة يصدرون وعوداً تلغي وعد بلفور وتجعله "عصفاً مأكولاً". ماذا قدمت حماس ومنظمة التحرير الفلسطينية للشعب الفلسطيني غير تحول كل رموزها وقياداتها إلى مليونيرية وتجار سياسة؟ كم "هوشي منه" أو الجنرال "جياب" ظهر بين قادة الشعب الفلسطيني؟ يركضون لتعرية بلفور ويتركون من ساهم بترسيخه من الفلسطينيين والعرب. أما الحكي عن الجولان "حكي". لا يذكرني بالجولان إسرائيل، بل الأسد..
الذين يتكلمون عن تحكم اليهود بكل شيء في العالم رغم تعرضهم لحملة إبادة فظيعة في الحرب العالمية الثانية، هل يتفضلوا ويشرحولنا عن سر ذلك على أساس علمي منطقي، وليس استناداً لسرديات إنشائية في الكتب المقدسة، يعني كيف اليهود متحكمين بالعالم منذ قرون أو ربما آلاف السنين؟ إذا كان الاستنتاج أنهم "شعب الله المختار"، فعلينا الانصياع لإرادة الله وحاجتنا نق، وما علينا إلا مبايعتهم وطلب رضائهم لأنه يعني التقرب لله، أو نحاول سرقة "الرشيتة" اتي جعلتهم يتحكمون بالعالم، على أمل أن نقدر عالقليلة نتحكم بعالمنا العربي الغالي، أو لنضع عقولنا في أماكنها ونستخدم المنطق في تفعيلها وشحذها ويكفينا هروباً وتبريراً لهذا العقم الفكري..
باستثناء الشكليات الوطنية، وأكرر شكليات سطحية في هذا العصر، ماذا خسر المواطن الجولاني تحت الإحتلال الإسرائيلي الغاشم، وماذا ربح المواطن الجولاني الذي لم يقع تحت الاحتلال الإسرائيلي الغاشم، أي يعيش منذ 1967 تحت الحرية والتحرر الوطني؟/كنت أريد إستعمال عكس مفردة "غاشم" عن مواطني الوطن، لكن الغشم منع ذاكرتي من استحضارها..
يقول الكثيرون، وهي في النهاية "المؤامرة"، أن أميركا وإسرائيل وأعداء الإسلام كافة وضعوا على رأس دول العرب والمسلمين أفراداً فاسدين طغاة عملاء للغرب، وأنا أقول وبكل جدية، لو تستطيع أميركا أو إسرائيل أو حتى دولة جزر القمر تعيين حكام لكل دول العالم لفعلته بكل تأكيد، لكن ماذا نفعل لمنع ذلك، أو عرقلته، أو منع تجذره واستفحاله؟ ولا يكفي اكتشاف ذلك "التآمر" للتغيير أو عدمه، وهذا لا ينفي تقاطع مصالح الحكام مع دول أخرى، نحن علينا البحث وإيجاد تقاطعات مع غالبية دول العالم تخدم شعبنا ودولتنا المستقبلية وليس فئة صغيرة تحكم وتملك الثروة بالقوة وعلى حساب غالبية الناس..
تجبر إسرائيل العالم المتحضر على احترامها لأنها تحترم مواطنها وتقدسه. مراسم استقبال إسرائيل وحدادها الرسمي على جثمان جندي إسرائيلي سقط ودفن قبل ثلاثين أو أربعين عاماً خارج حدود دولتها، يُعطيها قيمة حضارية كبيرة بنظر العالم.. هكذا إسرائيل "تتحكم" بالعالم! عظَمَة الدولة من عظَمَة مواطنها ومكانته في تلك الدولة.. العالم يتعلم من إسرائيل، وجوهر خطاب شيوخنا السياسيين وسياسيي مشايخنا التسويقي هو التشهير بإسرائيل. شاهد العالم 15 ألف وثيقة موت تحت التعذيب لسوريين على يد حكومة سورية، وشاهد حكومة إسرائيل تعمل المستحيل لاستعادة جثة أحد جنودها بعد عشرات السنين. يشاهد العالم حبس رئيس حكومة ورئيس الدولة الإسرائيلية بتهمة تحرش أو فساد ببضعة آلاف من الدولارات، ويرى العالم مئات "العرصات" الذين مهمتهم جلب البنات للحكام وأبنائهم من شتى دول العالم، ويرى العالم مئات ملايين الدولارات المسروقة عند كل أسرة تحكمنا للأبد. يرى العالم انتخابات ديمقراطية في إسرائيل تؤدي لتغيير كامل الطاقم السياسي، ويرى عندنا انتخابات ديمقراطية بنسبة 99% تعطي الأبدي للحاكم أن يحكم ويقوم بتوريث الحكم لإبنه والإبن لإبنه بعده.. ويقولون مؤامرة على العرب والمسلمين.. كيف يمكن للإنسان في الغرب ألا يميّز بين إسرائيل والعرب؟ كيف يمكن لمواطن غربي ألا ينحاز لإسرائيل ويبارك دعمها، حتى لو ارتكبت ممارسات إجرامية مرفوضة بنظر الغربي، لأنه يرى الكارثة الهمجية في الطرف المعادي لإسرائيل. قال: مؤامرة! ستستمر هذي المؤامرة، حتى نتعلم، وقبل كل شيء أن نتعلم من أقرب جيراننا، إسرائيل. إسرائيل مدرسة للعرب أهم بكثير من أي مدرسة غربية في إدارة شؤون الحكم، وتعلمنا منها، سيجعلها لاحقاً تتعلم منا كيف تعاملنا نحن أيضاً..
تبقى الأسئلة الكبرى المتعلقة بالحاضر، هي الهاجس الأكبر، الحاضر هو الواقع اليومي الذي نعيشه، وهو الماضي الذي يعتقده بعضنا أنه كان، لكنه يعيش معنا بكل صداه وصدأه، الحاضر هو الواقع الذي نعتقده مستقبلاً، لكنه غير موجود بعد، رغم نتصارع على صياغته أو نهرب من قدومه أو ننتظره "وهماً" كحلم الماضي الذي اخترعنا أكثره بما يُريح مدارسنا ويُخفف هزائمنا و"يُحلل" ذلك الدم الذي ارتكبه الصالح من سلفنا...
فاضل الخطيب، شيكاغو، 20 مايو 2020.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال