الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقص حنان

محمد مزيد

2020 / 5 / 20
الادب والفن


قصة قصيرة
لا تستطيع زوجتي أن تكتشف كم أنا بحاجة الى الحنان ، عندي نقص هائل بالحنان منذ الطفولة ، وقالوا لي عندما تتزوج سيفيض عليك الحنان . صدقت هذه الكذبة وبمرور الأيام والسنوات ، أكتشفت ، أن فراقي الأبدي عن حبيبتي أيام دراستي في المعهد كان السبب الرئيسي لكل مشاكلي الحنانية . ستتصورون إنني بمجرد أن أنهزمت في أول علاقة حب فقدت أواصره الحنان ، وستظنون إنني بقيت أعيش فراغ الحياة ويأكلني الندم كلما تقدمت السنوات بعمري الى الشيخوخة ، والحقيقة إنني استمرأت حياتي كوني أصبحت بليدا ورتيبا ازاء متطلبات الحياة الزوجية ، يقولون إن هذه المتطلبات من عناصر تكامل الحياة . ولابد هنا أن اوضح لكم أن هزيمتي في ذلك الحب الذي أشرت إليه جعلني أعشق الحياة بجنون ، صحيح إنها ليست حياة مثالية إذ غلب عليها الكثير من الانفجارات ولكنها كانت من صنيعي . مثلا تعلقت بإمرأة جميلة ، أردت تعويض خسارة ذلك الحب وجرت بيننا معجزة الحب، وصرت أسير هائما برائحة العشق ، أضع سيجارتي بطرف فمي وأنا اترنح هائما بجمال تلك المرأة ، تطفح من وجنتي الدماء . عندما أتحدث أمع صدقاء ومعارف ، أهمس لهم بطريقة أكاد من خلالها لا أسمعهم صوتي ، ليس أفتعالا ، بل هي الحقيقة ، أشعر كأن هرمونات الادرنيالين التي تفرز في مكان من جسمي تزيد من ضربات قلبي لتنسيني وطأة الحياة وسخافتها . المرأة التي أحببتها بدون علم زوجتي طبعا ، بدأت تجرجر نفسها وأخذت تحب بعقلها ، تعرفون أن اية امرأة حين تحب بعقلها سيفضي تلك الحب الى الهاوية ، وهكذا انفطر عقد المحبة بيننا وبدأ يقلقني مرة آخرى فقداني للحنان . في هذه الأيام ، بدأت أستسلم كثيرا الى ألم الفراق ، أتمدد بالصالة كأي أبله أنظر الى السقف وأحاول إيجاد مخرجا لبواعث الحزن الذي أخذ يجتاحني بدون موافقتي .. حتى طرق باب الشقة ذات يوم . لا أحد في الشقة سواي ، زوجتي ذهبت الى سوق الأثنين قبل دقائق ولن تعود قبل ساعتين ومعها صغيرتي ذات الثماني سنوات . فتحت الباب ، فوجئت بفتاة في العشرين وجهها وتسريحتها تشبه نيكول كيدمان في فيلم عيون مفتوحة باتساع ، شفتاها منفرجتان عن أبتسامة لا تكشف عن أسنانها ، شفتان مصبوغتان بالأحمر المثير " أين خالتي عمو " أنسطلت ، دوخة كونية لفت برأسي ، لا أعرف كيف أجيب ، صوتها ليس مثل كل الأصوات ، بحة عجيبة خرجت من هاتين الشفتين ، قلبي هرب من بين أضلاعي وأنا أقول لها " تفضلي ، ستأتي بعد قليل " .. جلست على الأريكة بتنورتها الطويلة المزهرة بورود صفر وحمر وسود ، تضع على رأسها ربطة وردية تتلاءم مع لون ثوبها المنسرح على الفخذين . كانت تنظر في أنحاء الصالة وتراقبني من طرف عينيها العسليتين . لا أعرف كيف أبدد الصمت الذي خيم علينا ، كل الكلمات طارت من عقلي ، ثم تجرأت وسألتها عن إسمها وحياتها كيف تمضي أوقاتها ، فقالت عبارة واحدة صدمتني بشكل فاجع " هذه أسئلة شخصية عمو " ، قلبي الذي طار قبل قليل ، عاد نادما الى قفصه ، أكتشفت هي إنني أتحدث معها بانفعال وتوتر ، وفي الحقيقة ليس من عادتي أن أفقد توازني ، ذهبت الى المطبخ، أعددت لها عصير الخوخ فوضعته أمامها . في إثناء غيابي عنها في المطبخ واجهت نفسي بهذا السؤال " ما الذي أريده منها ؟" فأجاب عقلي " إنك لا تريد منها إي شيء سوى الحنان " قالت " كيف عرفت إنني أحب عصير الخوخ " لم أجبها ، شعرت أن إي تماه من عندي سيأخذني الى الندم ولذلك يجب علي توخي الحذر في عدم الإنبطاح الى الآخر . أقتربت مني ، لصقت فخذها بفخذي ، فأشتعل أبو ابليس برأسي ، قالت " ماذا تريد الآن ؟ " بخوف ولهفة وطفولة قلت لها " أريد حنان .. عندي نقص أزلي بالحنان " ضحكت بانطلاق ، ضحكت بصوت تصورته موسيقى لفاجنر ثم ألتفت الي ، قربت وجهها من وجهي ، لثمتني بقبلة . أغمضت عيني وأنا مستسلم الى العسل في شفتيها ، دارت بي الارض والسماء . ثم أبتعدت عني ، وقالت " والان هل شعرت بالحنان ؟" . في تلك الاثناء دخلت زوجتي ومعها صغيرتي ، رحبت بالضيفة ثم ألتفت إلي " هل ضيفت هذه الصغيرة البنبونة ؟ " قلت أجمل ضيافة . ثم قالت الفتاة الى زوجتي " خالة عمو يحتاج الى الحنان ".. فقالت زوجتي العزيزة " ادري لو يبيعوه لاشتريته له ". فقالت الفتاة " أنا اعرف اين يبيعوه سآخذه غدا الى السوق وأشتري له كمية منه ، فماذا تقولين ؟ قالت زوجتي ببراءة " بكيفك " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع