الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيروسترات عراقي

مرتضى عبد الحميد

2020 / 5 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كل ثلاثاء ( هيروسترات عراقي)
في حقب التاريخ القديم، أمثلة كثيرة لحكام ولأناس عاديين أيضاً، تأثر بهم العديد من الأشخاص المعاصرين، وحاولوا تقليدهم، أو إستنساخ تجاربهم، إيجابية كانت أم سلبية، من باب الأعجاب، وتطابق التكوين الشخصي والمعرفي، وكذلك طريقة التفكير. والخطورة هنا عندما يكون المقلِدْ أو المستنِسخْ في موقع المسؤولية، لأن قراره لا يقتصر على ذاته فحسب، وإنما يشمل طائفة واسعة من الناس، إن لم يكن الشعب كله.
أحد هذه الأمثلة أن شخصاً حقيقياً وليس إسطورياً عاش في اليونان قبل الميلاد بعشرات السنين، إسمه "هيروسترات" وكان مهووساً بحب الظهور، والرغبة في تخليد إسمه في التاريخ وإن كان شراً، فقام بحرق أجمل الكنائس في أوربا آنذاك. وعندما سجن وسؤل عن السبب في سلوكه الأجرامي هذا، أجاب أنه يريد أن يخلده التاريخ وتذكره الأجيال القادمة، قيل له : لكن ما قمت به عمل شرير وسوف ترجمك الناس، ولا يذكرك التاريخ إلا بالسوء. رد عليهم بوقاحة، أن الناس ستنسى الحادثة بعد خمس سنين، ولا يذكرون إلا أسمي فقط!
السيد "عادل عبد المهدي" وحكومته العتيدة، لم يكتفوا بقتل المتظاهرين السلميين وعدم تنفيذ المطالب المشروعة للمنتفضين ولعامة الشعب العراقي، سواء ما تعلق منها. بمكافحة الفساد أو توفير الخدمات، ولا في التهيئة للأنتخابات المبكرة وتعديل المنظومة الأنتخابية قانوناً ومفوضية، ولا في تشغيل العاطلين عن العمل، أو حصر السلاح بيد الدولة، بل العكس هو الذي حصل، فكان الأنصياع لما تريده الميليشيات ومن يقف وراءها، هو السائد، ولم تعد الدولة دولة وفقدت هيبتها كلياَ، فضلاً عن وصول الفساد مالياً وإدارياً الى مديات غير مسبوقة، حتى في الفترة التي تحولت فيها الحكومة الى تصريف الأعمال، وإرتكبت مخالفات سياسية ودستورية مسجلة وصمة عار أخرى في تاريخ السياسة العراقية قديمها وحديثها.
في الأنظمة الديمقراطية الحقيقية لا تحصل الحكومة على الثقة والشرعية القانونية من خلال الانتخابات فحسب رغم أنها نزيهة، وخالية من التزوير، وتمثل رأي مواطنيها بصدق وموضوعية، وانما يوفرهما بشكل أساسي المنجز السياسي والأقتصادي الذي تحققه الحكومة لشعبها، فأي منجز قدمته الحكومة المستقيلة، وهي التي جاءت على خلفية إنتخابات كانت نسبة المشاركة الشعبية فيها، فضيحة بحد ذاتها، وبلغ التزوير فيها حداً ضجت به حتى السماء!
إن هذه الحكومة التي فقدت هاتين الركيزتين (الثقة والمشروعية) مبكراً أصرت على البقاء بدفع من أولياء أمورها، لعل سيناريوهات إفشال المكلفين المتعاقبين يكتب لها النجاح، وتستمر إلى نهاية الدورة الانتخابية، لكن الرياح جرت بما لا تشتهي سَفَنُها، وسَفَنْ الكتل المتنفذة، لاسيما الفاسدة منها.
والغريب في الأمر، أن حكومة "عبد المهدي" التي يتفق الجميع على إنها الأسوأ في حكومات ما بعد سقوط الصنم، لم تكتف بهذا "اللقب الرفيع" وأصرت على تتويجه بقرار غاية في الأنحطاط الوظيفي، وفي اخر يوم من عمرها، هو قطع رواتب المتقاعدين الين يناهز عددهم الثلاثة ملايين، وهم الذين أفنوا زهرة شبابهم في خدمة العراق والعراقيين بذريعة الأزمة المالية، دون أن تفكر بحلول عقلانية بديلة.
فهل أن المثال الذي ضربه "هيروسترات" السيء الصيت، كان حاضراً عند إتخاذ هذا القرار الجائر، والمراهنة على أن ذاكرة العراقيين مليئة بالثقوب، وبالتالي سوف ينسون بسرعة قياسية هذه الخطيئة ومعها كل الاساءات المرتكبة؟ أم أن القضية مجرد عداء للشعب العراقي؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصطفى البرغوثي: الهجوم البري الإسرائيلي -المرتقب- على رفح -ق


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. تطورات في ملفي الحرب والرهائن في غزة




.. العراق.. تحرش تحت قبة البرلمان؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. إصابة 11 عسكريا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية




.. ا?لهان عمر تزور مخيم الاحتجاج الداعم لغزة في كولومبيا