الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقاربة جديدة لمسألة الهوية والخصوصية في العمارة السورية

آزاد أحمد علي

2020 / 5 / 21
الادب والفن


في ظل الخراب الذي حل بسوريا، وفي ظل مناخ الأمل في إعادة البناء، حسنا فعل بعض الزملاء من المعماريين الذين يحلمون بعمارة أفضل في قرع باب الهوية المعمارية من جديد بصفتها الجانب الأكثر إبصارا من جوانب الهوية السورية العامة. في هذا السياق تبدو مشاركة عدد من الزملاء الأكاديميين والمهتمين بالتراث والآثار اغناءا للموضوع ومزيدا من التحريك له.
في البدء، أي سجال أو دراسة حول مسألة الهوية في عالمنا المعاصر ترتبط بطريقة مباشرة مع سياقات العالمية والعولمة وإشكالاتها المتداخلة. ولكن لكي نوجه نقاشنا الذي ينبغي أن يأخذ وقتا كافيا وطويلا نسبيا، نحو الاتجاه الأكثر قابلية للتطبيق والإنتاج، لا بد من تحديد دقيق للمصطلحات وتفسير واضح للمقاصد والأهداف.
بهذا المعنى يجب أن نتساءل في المقام الأول حول ماهية (الهوية المعمارية)؟ هل المقصود بها الخصوصية المحلية؟ أم أننا نبالغ في نفخ الهوية لتملئ كامل فراغ المصطلح. قبل التأكيد على حقيقة وجود الهوية المعمارية يستحسن التركيز على مصطلح (الخصوصية) الأكثر دقة.
مهما يكن، فإن الإصرار على وجود هوية تفضي بنا إلى مسار آخر، وهو: هل المقصود بالهوية هي الهوية التاريخية، بمعنى التراث المعماري. لا شك أن أي هوية منجزة البنيان وتستحق التوصيف لابد أن تنبثق من التراث، وبذلك نكون أما إشكال جديد يتلخص في اختزال الهوية المعمارية السورية في تراثها المعماري الموغل في القدم والكثير التنوع.
ومن البديهي أن يشكل التراث العمراني والمعماري لمدننا أحد أهم مواضيع السجال الذي يدور في إطار إشكالية العلاقة بين التراث والمعاصرة، وبين الهوية المحلية والحداثة المعولمة. كما يدفعنا للبحث في جماليات العمارة وتقييم خصوصيتها البصرية والشكلية، فالسجال حول جماليات العمارة والبيئة الاصطناعية، وعلاقتهما بالمجتمع تبدو ضرورية اليوم، أمام هذا الكم الهائل من الانتاج المعماري والتوسع العمراني الاصطناعي السريع، بشقيه الحضري والريفي. وبالتالي من الضروري إعادة إطلاق أسئلة الهوية واحترام البيئة المحلية في مواجهة العولمة والتنميط العالمي.
بناءً على ما سبق يبدو لنا أن إثارة هذا الموضوع الذي يمس الجميع، ويعنيهم حياتيا وثقافيا، هي في الوقت نفسه فرصة للتذكير بحقل معرفي في غاية الأهمية، حقل ملاصق لحياتنا المعاشية ومؤطر له فيزيائيا، ومؤهل للقيام بصقل حسنا الجمالي والتأثير فيه. كما أن موضوع البيئة الاصطناعية بخطوطها الأساسية يستحق المزيد من الآراء وتستوعب المزيد من السجالات وبالتالي النقد، لأن هذه البيئة العمرانية التي ينتجها الإنسان، تقوم هي باحتضانه والتأثير فيه بشكل مستمر. وهذه البيئة تتوسع لتطغى على البيئة الطبيعية عاما بعد آخر.
إن أول ما نعانيه في حقل المعرفة الجمالية بالعمارة والمشيدات المدنية الأخرى هو الالتباس الحاصل بين ما هو تراث فني من مبان تاريخية شيدت بطرائق فنية بأيدي حرفيين مهرة على أسس عملية وبطرائق الإنشاء الحرفي ـ التقليدي، وبين العمارة الحديثة كمنتج صنعي، شيدت أجزاءه ومفرداته على أساس علمي ـ فيزيائي. إن تطور علوم البناء دفعت بالعمارة إلى التحول التدريجي، التفاعل والتلاقح مع علوم الإنشاء والتشييد المستنتجة من خلاصات علوم الميكانيكا ومقاومة المواد وخواصها.
بالتالي إشكالية العلاقة القيمية بين التراث المعماري والعمارة المعاصرة مازالت كبيرة ولم تفكك، ولم يتم تقيم هذه العلاقة بشكل موضوعي بعد، ومازال الموضوع بحاجة إلى حسن معالجة، بل حسن إدارة موضوعية تاريخية.
وعلى اعتبار أن مفهوم الهوية شديد التعقيد في عالمنا المعاصر، وأن الهوية المعمارية تبقى نسبية، لذلك لا يمكن حل مسألة الهوية نظريا بعدد قليل من الآراء، أو العديد من الصفحات. ولكي نتجه وجهة علمية صحيحة يفضل التركيز على ما يمكن أن نسميها ب (المدرسة المعمارية السورية) أولا، ومن ثم أن نركز على كيفية تثبيت ونصب قوام وتدعيم ركائز هذه المدرسة تاليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا