الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات ملازم -3-

علي دريوسي

2020 / 5 / 22
الادب والفن


في أحد الأيام الربيعية كان العقيد في إجازة، وكان قد كلَّف المجندين رافع ومهدي وسائق الصهريج ناصر بالبقاء خلال فترة النهار في مبنى القيادة للاهتمام بنظافة المكتب والإشراف على مزروعات الحديقة وسقايتها من الصهريج.

بعد الظهر رنَّ جرس التلفون، هكذا أخبروني فيما بعد، رفع مهدي السمَّاعة، كان المُتحدّث الشيخ مشعل من إحدى قبائل الجزيرة، صاح مهدي بصوت عال موجّهاً كلامه لصديقه رافع غامزاً إياه برموش عينيه: "الشيخ مشعل يريدك على الهاتف يا سيدي."

وعلى الفور فهم رافع المغزى وجلس في كرسي العقيد الدوَّار محاولاً تقليد نبرة صوته، رغم أن المتصل لا يعرف كيف هو صوت العقيد، أخذ الشيخ يحدّثه باحترام راجياً منه أن يرسل إليه حفيده العسكري فلان الفلاني في إجازة لسبعة أيام لشؤون هامة جداً تتعلق بالموت والسفر وحصر الإرث وضرورة دفع بعض المستحقات.

ضحك رافع وقال كأنه يمازح الشيخ: "سنبادلك الإجازة بالخراف، السبعة بسبعة."

أجاب الشيخ: "لن نختلف يا سيدي، كثّر الله خيركم، لي أصدقاء من قرية المطلّة قربكم، ستكون شاحنة الخراف غداً صباحاً على طاولة مكتبكم."

قال رافع: "لا تُتعب نفسك، سأرسل سائقي الخاص لإحضارها من عندهم وسيكون حفيدك عندك".

في اليوم نفسه زوَّر المغامرون الثلاثة رافع ومهدي وناصر وثيقة إجازة ومنحوها للعسكري، بعد أن رسموا خطة تهريبه من الحقل.

في صباح اليوم التالي استلموا سبعة خراف من أحد رجال البدو.

وصلني فيما بعد أنهم باعوا أربعة خراف وقبضوا ثمنها ودفعوا ثلاثة خراف لإنقاذهم من الورطة.

وماتت الحادثة ودُفِنت في أرضها، كان الحقل مُلَطَّخاً بالمغامرات والمؤامرات اللطيفة.

**

ما زلت أذكر ذلك اليوم حين دعاني النقيب محمود قبل الظهيرة لنتمَّشى سوية في الحقل ونراقب تدريب عناصر الدورة على سياقة شاحنات الديزل، كان قد أخذ معه الكلاشنكوف وقال مبتسماً: سأتحدّاك اليوم بالرمي يا ملازم أحمد.

ضحكت في سري لسذاجته وفكرت: أنا المدني الذي يلبس النظارة الطبية ولم يرمِ في حياته إلا مرة واحدة في معسكر الصف العاشر يتحدَّاني ضابط عامل في الرمي على الدريئة، ولماذا؟ لعله يريد أن يثبت لي أنه أفضل مني على الأقل بالرمي!؟

عندما نُصب الهدف واِلتمت حولنا جوقة المساعدين والجنود وعرفوا أن هناك مبارزة ما بين الملازم المجنَّد والنقيب العامل، اصطفَّ معظمهم في صفه يشجعونه ويعظّمونه، زها النقيب ببِزَّته العسكرية ونجومه نافجاً قدراته، تقدَّم أولاً وأطلق النار ولم يصب، أطلقت فأصبت، أطلق النقيب للمرّة الثانية ولم يصب، أطلقت فأصبت الهدف مصادفة، ناول النقيب البندقية لسائقه وقال ضاحكاً محاولاً إخفاء هزيمته وغصته التي أسعدت المساعدين في قرارة أنفسهم: ما هذا يا ملازم أحمد؟ هل تتدرَّب سراً، هل قمت بتنفيذ دورات رمي دون أن تخبرنا؟

**








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية - الشاعرة سنية مدوري- مع السيد التوي والشاذلي ف


.. يسعدنى إقامة حفلاتى فى مصر.. كاظم الساهر يتحدث عن العاصمة ال




.. كاظم الساهر: العاصمة الإدارية الجديدة مبهرة ويسعدنى إقامة حف


.. صعوبات واجهت الفنان أيمن عبد السلام في تجسيد أدواره




.. الفنان أيمن عبد السلام يتحدث لصباح العربية عن فن الدوبلاج