الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرآة السحرية

دلور ميقري

2020 / 5 / 24
الادب والفن


عاشَ في زمنٍ، مشغول الفضاء بالملائكة والعفاريت والجن. أحد هؤلاء الأخيرين، ظهرَ له يوماً من داخل قمقم وعلى غير توقع. كان بطلُ حكايتنا حتى ذلك اليوم صياداً بسيطاً، يرمي صنارته من فوق صخرة كبيرة مشرفة على البحر ولا تبعد كثيراً عن كوخه البائس، أين يعيش وحيداً مع أمه. موجة رمت الزجاجة عند أسفل الصخرة، فلما فتحها خرج منها الجنيّ على شكل زوبعة ما لبثت أن تبددت ليبقى متجسداً مثل تمثال للرعب.
" أطلب مني ما شئتَ، مكافأةً على تخليصك لي من القمقم "، خاطبَ الجنيّ الصيادَ. عقبَ زوال لحظات الرعب، تمالك الشاب نفسه ثم فكّرَ قليلاً قبل أن يرد: " أريد الخلاصَ من الفقر ". هنا، لوّح الجنيّ بمرآة صغيرة الحجم: " ستطلب منها ما تشاء، وهيَ تنفذ. لو شئتَ التمتع الأبديّ بالشباب، ما عليك سوى النظر في المرآة ثم المسح عليها ".
انقلبَ الكوخ بلمحةٍ إلى قصر، وأضحت الأم الفقيرة أشبه بالسلطانة تحت إمرتها الخدم والحشم. مرت الأعوام، ثم ما لبثت المرأة العجوز أن رحلت عن الدنيا. عند ذلك شعر الابنُ بالوحشة، وقام بشراء المزيد من الجواري. لكنه رغب ببناء أسرة، فاتخذ من إحدى الجواري زوجة. تشكلت الأسرة رويداً، بإنجاب المرأة للولد إثر الآخر. استمرت حياة الرجل، وكان يزداد شباباً في حين أن من حوله يكبرون ويهرمون. بعدما قبرَ آخر فرد من أسرته، خشيَ من تساؤلات الناس عن سر حياته، ما دفعه للهجرة إلى بلد آخر. تكررت السيرة ذاتها في المهجر، وكان في كل مرة يغيّر البلد. في الأثناء، شهد حروباً ومجاعات وأوبئة.
إلى أن عشقَ فتاة، أعتقد أنها الأجمل على وجه الأرض. ساعدته المرآة السحرية على الظفر بها واتخاذها زوجةً. ما عتمَ أن رزق من حبيبته بالأولاد، فاعتبر نفسه أسعد شخص في العالم. غير أن لعبة الزمن لم ترحم، فخسر امرأته ومن ثم أولاده. شعر عندئذٍ بعبث العيش، وكان لا يعرف لنفسه عُمراً. ترك السنينَ تمضي دونَ أن يعود إلى مرآته السحرية، إلى أن ملأت التجاعيد وجهه. ذات صباح، صرفَ كل خدم الدار بعدما أعطى لكل منهم مكافأة مجزية. اتجه بعد ذلك إلى حجرة المكتب، فتناول من الدرج مسدسه الشخصيّ. وضع طلقتين في مخزن المسدس، ثم أخرج من درج آخر المرآة السحرية.
الجيران، الذين سمعوا صوت الطلقتين الناريتين، هُرعوا إلى المنزل. وجدوا جثة الرجل غارقة في الدم، وإلى جانبه المسدس والمرآة المهشمة. علقوا فيما بعد على الحادثة، بالقول: " بالرغم من غناه، لم يتحمل الشيخوخة فانتحر! ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر مطلع لإكسترا نيوز: محمد جبران وزيرا للعمل وأحمد هنو وزي


.. حمزة نمرة: أعشق الموسيقى الأمازيغية ومتشوق للمشاركة بمهرجان




.. بعد حفل راغب علامة، الرئيس التونسي ينتقد مستوى المهرجانات ال


.. الفنانة ميريام فارس تدخل عالم اللعبة الالكترونية الاشهر PUBG




.. أقلية تتحدث اللغة المجرية على الأراضي الأوكرانية.. جذور الخل