الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المؤمن و العيد و النّكبات

عماد نوير

2020 / 5 / 24
الادب والفن


—————————-
العيد
من العودة و تكرار المجّيء بذات اليوم من الحول، هو رسالة فلسفية بكل أبعادها الإنسانية و الاجتماعية و الاقتصادية و الصّحيّة قبل أن تكون رسالة إيمانية تعبّدية بحته يراد منها رضا الله، فالله غنيّ حميد عن عطاء البشر و تقديمهم القرابين و انشغالهم بالعبادة، و هذا ما لا يختلف عليه اثنان، إلّا من كان يصوغ قوالب الحياة في معيار دينيّ جامد، دون أن يعي أبعاده الشاسعة التي يريدها الله حبّا بعباده لا إرهاقا لهم.
العيد
جائزة تقيّمها النّفوس المسالمة و الأرواح المؤمنة باستمرارية الحياة دون صخب أو ضرر، و تستلهم روح المقاومة ضد أعداء السّلام و قاتلو الحياة و مغتالو البسمة و محطمو السّكينة و الاستقرار.

ليوم العيد مذاق خاص، مختلف، ذو هيبة و وقار، له خصوصيات عدّة، أولها المسحة الإيمانية، فهو حتما قد اكتسب من صاحب الأمر العظيم صفة قدسية معزّزة بتميّز، لا شك أنها ذات مغزى عميق، مفاده دعم اللّحمة الاجتماعية، و إفشاء السّلام، و دفن الضغائن إلى لا رجعة، و تجديد البيعة لكل عمل حميد، و بثّ روح التّسامح و الأُلفة بين كل الأطياف بمتغيراتها من جانب عام، و بين توطيد أواصر صلة الرّحم من جانب خاص.
له خصوصية زرع الطّاقة الإيجابية في نفوس المؤمنين، أيّا كان إيمانهم، دون أن يقتصر على ملّة معيّنة، فهو مُلازم لروح البهجة و السّعادة و إن شحّت واقعا، و إن ضعفت لأسباب خلقها البشر ضدّ بني البشر، فهي حتما موجودة في أعماق الرّوح المتفائلة، و في العيون المتأمّلة، و في القلوب الصّابرة، و في النّفوس الممتحَنة، فالسّعادة التي تمنحها لبدنك بعد شهر من التّعب حتما سوف تُؤتي أُكُلها في تمكين الرّاحة النّفسيّة و سعة الخاطر و رسم البسمة و إظهار الرّضا من نفسك تجاة ما أنت مُقبل عليه بحكمة بعد جُهد من التّرويض المضني.

العمل الذي سبقَ العيد يؤهل الفرد لخوض غمار معترك حياتيّ في سلوكٍ جديد، سلوكٌ يكتنفه النّقاء و تزكية النّفس من أدران الفترة التي سبقته.
و على المؤمنين اعتبار المعنى الحقيقي للعيد، و جعله حافزا معنويا و روحيا و إيمانيا للتّغلب على النّكبة التي يواجهونها في أرض الواقع منذ سنوات طويلة، و التي أظلمت نهاراتهم و عبست لياليهم، و أحزنت نفوسهم، و أوغلت فيهم تحطيما لدواخلهم العامرة بالطّاقة الإيجابية، و الزّاخرة بقوى قادرة على ترميم الابتسامة و جعلها شمسا تشرق على ربيع العمر من جديد.
و ليس بالضّرورة أن تكون مباهج العيد و استقباله بروح مفعمة بالزهو بشكل احتفالي صارخ، لا يليق و حجم الألم الذي تعانيه البلدان المفجوعة منذ أمد، ليس بالصّيغة التي تظهرنا بلهاء لا نكترث لحجم المأساة التي ترافق حياتنا جرّاء الفهم الخاطئ للدين، الفهم الذي ألبسنا السواد طيلة عقود، يبتغون به وجه الله، و لا يعلمون أنهم يخدمون غاية الشّيطان و غاية أمراضهم التي كلّفت العالم الكثير.
و لا يفوتنا أن نبتهل لله جلّ في عُلاه بيومه العظيم هذا، و بقلوب معتمرة باليقين إن الله منجيهم من بلاء هذا الوباء العالمي الخطير.
الله قادر على محقه مثلما كان قادرا على إنشائه، و بنفس اليقين الذي نجهل فيه حكمة الله في تدخّله السّريع، نيقن أنه سوف يغدق علينا من صفة رحمته العظيمة و إن أبطأ عنّا.
و له التّسليم أولا و آخرا.

أهلا بالعيد في زمن النكبة التي تأبى أن تفارق هذا البلد الجريح، عراق الحضارات، عراق القلم و الحرف و العِلم، و مَنْ ابتُلي مثله من البلدان الأخرى.

كل عام و أنتم إن شاء الله ستكونون بخير و سعادة و أمن و أمان..
آمين رب العالمين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى


.. الفنانة ميار الببلاوي تنهار خلال بث مباشر بعد اتهامات داعية




.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا