الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانية و الدين و المجتمع

باقر جاسم محمد

2006 / 7 / 1
ملف - 1 تموز 2006 - العلاقة المتبادلة بين العلمانية والدولة والدين والمجتمع


السؤال الأول: ما هو مفهوم العلمانية؟ وما هي أهميته؟ وما هي الأسس الاقتصادية و الاجتماعية والفكرية التي يجب أن تتوفر لإشاعة العلمانية وترسيخها؟

الجواب: بداية، أود أن أقول بأنني أميز تمييزا ً واضحا ً بين نمطين من العلمانية: النمط الأول سلبي و مدان، و تمثله العلمانية الشمولية كما تمثلت في الحكم النازي في ألمانيا و الفاشي في إيطاليا و النسخة الستالينية من الشيوعية و حكم البعث. و هذه النماذج تمثل، في تقديري، أسوأ أشكال الحكم لأنها تستبدل الاستبداد باسم الدين بالاستبداد باسم أيديولوجيا شمولية. و هي بطبيعهتا تنزع إلى تقديس الفرد و جعله معيارا ً أوحد للممارسة السياسية. و لذلك فهي ترتبط بالنتيجة بالدكتاتورية و الاستبداد. و النمط الثاني إيجابي و صحيح، و تمثله العلمانية الحقيقية كما تمثلت في فرنسا بعد هدوء بركان الثورة و انتهاء مرحلة روبسبير و بونابرت حتى الآن، و كما يتجلى هذا النمط في أنظمة الحكم في السويد و بريطانيا و اليابان و سويسرا و الهند و البرازيل. و أعتقد بأن هذه العلمانية الثانية هي المقصودة في سؤالكم و هي ما سوف ينصرف إليه كلامي في الأجوبة على الأسئلة اللاحقة..
إذن، العلمانية الحقيقية مفهوم سياسي يتعلق بحسم مسألة دور الدين السياسي في المجتمع و الدولة، وذلك بجعل الدين شأنا ًُ شخصيا ً بين الفرد و خالقه من جهة، بين الإنسان و السماء، و جعل السياسة شأنا ً مختصا ُ بقضية السلطة وعلاقة الإنسان بالإنسان في نطاق الدولة و الممارسة السياسية بين الحاكمين و المحكومين و دون يعني ذلك على الإطلاق التقليل من شأن الدين. و بهذا المعنى فإن العلمانية مكسب إنساني مهم لم يتحقق إلا بعد تضحيات جسيمة و تجارب مريرة، حتى ليمكن القول إن العلمانية هي أحد أهم أشكال التعبير عن نضج التجربة السياسية الإنسانية. و لعل مراجعة سريعة لتاريخ البشرية المدون تظهر بما لا يدع مجالا ً للشك بأن واحدا ً من أهم أسباب الحروب بين الشعوب هو استغلال الدين في السياسة لأن المصالح البشرية قد استغلت و تستغل الدين و تلبست و تتلبس دعاواه. و قد وصل الأمر، في حالات كثيرة، إلى أن الشعب الواحد قد يتقاتل في حرب أهلية طاحنة باسم طوائف الدين كما هو الحال في الحرب بين اللبنانيين بكل طوائفهم ، و بين الإيرلنديين الكاثوليك و البروتستانت. و عموما ً يمكن القول بأن دور الدين في أوروبا قد ارتبط بسيطرة الكنيسة البابوية و الأرثوذكسية على السلطة السياسية بالرغم من وجود ملوك و أباطرة فكان البابا يعين و يعزل الملوك. أما في البلاد الإسلامية، و بعد وفاة الرسول، فقد كان الحكم باسم الدين دون أن يكون رجل الدين نفسه حاكما ً. ولذلك كان هناك خلفاء يمثلون السلطة السياسية، و فقهاء يمثلون السلطة الروحية و/ أو التشريعية. و السلطة الأخيرة لم تكن تعني ما نفهمه في أيامنا من مصطلح السلطة التشريعية، و إنما كانت سلطة إفتاء في العبادات و المعاملات و سلطة قضاء. ولم يكن مسموحا ً لها أن تجتهد بما يخالف رأي ولي الأمر أو أن تبحث في مسألة الخلافة. و مع ذلك فقد حرص الخلفاء على أن يحكموا باسم الدين. و لعل مراجعة بسيطة لتاريخنا تظهر أن حروبنا الداخلية، و هي كثيرة، قد كانت في الأغلب ذات طابع مذهبي، و قد أراقت دماء ً كثيرة جدا ً.
أما الأسس الاقتصادية و الاجتماعية و الفكرية للعلمانية فإن الاقتصاد الحر و المجتمع المدني و الدولة القائمة على التعددية السياسية و التداول السلمي للسلطة عن رضا و قناعة و دون قسر، فضلا ً عن وجود ثقافة ديمقراطية و فكر سياسي حر يمتلك مرونة أيديولوجية فعلية، و قبول بالآخر، و منظمات للمجتمع المدني، و تعدد لمنابر التعبير الحر و الصحافة الحرة، و وجود للأحزاب السياسية التي تبني فلسفتها السياسية على أسس ديمقراطية و تمارس الديمقراطية في حياتها الداخلية. و حرية المرأة و مساواتها بالرجل، هذه هي، في رأيي، أهم و أنسب الشروط التي تجعل من العلمانية ممكنة على أرض الواقع.

السؤال الثاني: ما العلاقة بين العلمانية، الدين والدولة؟

الجواب: إن مبدأ المواطنة هو أحد أهم المفاهيم الفكرية التي ترسخ الأسس السياسية للعلمانية. و الواقع أنه إذا فرضنا أن جميع المواطنين في دولة افتراضية، و ذلك لعدم وجود مثل هذه الدولة على الأرض، هم من دين واحد و مذهب واحد فلن يكون للدين أي دور في الفلسفة السياسية لهذه الدولة الافتراضية لأنه أمر يتساوى فيه الجميع من جهة و لأن هنالك افتراض آخر ضمني هو أنه في هذه الدولة الافتراضية لن تكون لدينا قوى اجتماعية مناهضة لتطبيق المفاهيم السياسية المستمدة من الدين في الحياة السياسية، من جهة ثانية. و تصور عدم وجود جهات و قوى اجتماعية تناهض تطبيق الرؤيا الدينية في السياسة في هذه الدولة الافتراضية مستحيل وفقا ً لما تؤكده التجربة البشرية. فالبشر يختلفون لأسباب كثيرة كما نعلم. و إذا فرضنا أن المواطنين في أية دولة هم من أديان و مذاهب مختلفة، و هو واقع الحال في كل الدول بدون استثناء، فإن جعل الدين أساسا ً في الفلسفة السياسية سيسحب الدين من عليائه لكي يتخذه الحاكمون ستارا ً، و سيؤدي ذلك إلى إغفال مغزى التجارب البشرية كافة بما فيها تجاربنا نحن. و هي تجارب أثبتت خطورة استثمار الدين سياسيا ً، فضلا ً عن أن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى جملة مشكلات تتعلق بحق المواطنة، و بأهمية المساواة في الحقوق و الواجبات، و النص الثابت و الواقع المتغير... إلخ. و بهذه المناسبة أود التذكير بأن قيام دولة إسرائيل على أساس ديني قد دفع كتابا ً كثيرين إلى تفنيد مبدأ قيام الدولة على أساس ديني، فهل يراد لنا الآن أن نرتكب ما كنا ندينه سابقا ً!؟

السؤال الثالث: هل العلمانية مناهضة للدين ومتناقضة معه فكريا ً واجتماعيا ً ؟ وهل هي رؤية إلحادية؟ وهل تعني فصل الدين عن الدولة أم عن المجتمع؟

الجواب: ليست العلمانية مناهضة للدين مطلقا ً. و لكنها قد تكون متناقضة معه فكريا ً أو اجتماعيا ً لأنها تطرح تصورا ً فكريا ً لنظام سياسي يختزل دور الدين السياسي، كما أنها قد تتناقض معه اجتماعيا ً لأن كلا ً من المؤمنين بدور الدين السياسي و المؤمنين بالمنهج العلماني في إدارة الدولة الحديثة يتنافسان على كسب رضا الناس و تأييدهم. فالصراع إذن هو على أرض الواقع الاجتماعي و ليس في فراغ. و لكن العلمانية في الحقيقة تحفظ للدين هيبته و سموه كونه حاجة روحية أصيلة في النفس البشرية و تبتعد به عن (السوق) السياسية. و ليس ما نقرأه و نسمعه من كلام حول هذه المسألة بين العلمانيين الحقيقيين من جهة و تفسير أو فهم معين للدين يتبناه بعض ممن يمتهن السياسة من جهة ثانية إلا تعبير عن الحاجة إلى الوصول إلى قناعة مشتركة تكون أساسا ً في حل هذه المسألة المعقدة. فهناك من يرى بأن للرؤيا الدينية و لرجال الدين دورا ً في الحكم، و هناك من يرى خلاف ذلك. و لعل من المناسب أن أشير هنا إلى أن العلمانية الحقيقية قد أوجدت المناخ الضروري للحريات العامة للازدهار، و سمحت للدين و المتدينين لممارسة طقوسهم الدينية في حرية شبه مطلقة. أما حين يحكم من يتخذون الدين سلما ً للسلطة، كما هو الحال حين حكمت طالبان في أفغانستان،فإن الحريات عموما ً ستشهد انحسارا ً عاما ً إن لم نقل غيابا ً شاملا ً، و تزدهر حملات القتل بالشبهات، فضلا ً عن أن العلمانيين سيكونون هدفا ً أول للقمع. فتأمل.
و أما بالنسبة لمسألة هل هي رؤية إلحادية؟ وهل تعني فصل الدين عن الدولة أم عن المجتمع؟ فيمكنني أن أقول باطمئنان بأن لا علاقة بين العلمانية و الإلحاد. إنما هي نهج في الفلسفة السياسية و الحكم. نهج يفصل بين الدين و الدولة و لا يفصل بين الدين و المجتمع. و لعلنا نتذكر بأن بين المؤمنين بالعلمانية كثير من المشتغلين بالشأن الديني أو رجال الدين أو المؤمنين. كما أنه يمكن ملاحظة أن أحزابا ً ذات فلسفات سياسية مستمدة من الدين، و ليست أحزابا ً دينية، قد أسهمت في الحكم في دول علمانية دون أن تنقض على الديمقراطية التي جاءت بها إلى سدة الحكم، كما هو الحال في الأحزاب الديمقراطية المسيحية في إيطاليا و ألمانيا و عدد من الدول الأوروبية. و قد يقول البعض بأن الدين بحاجة إلى حماية الدولة، و هذه مغالطة كما يقول السيد أياد جمال الدين، و هو رجل دين شيعي علماني، لأن الدين بحاجة إلى الحماية من تدخل الدولة.

السؤال الرابع: هل يمكن تحقيق مجتمع مدني وعلماني وديمقراطي في ظل دولة تستند إلى
الشرائع الدينية كمصدر أساسي للتشريع ؟

الجواب: الشرائع الدينية جزء مهم من التكوين الثقافي الأنثروبولوجي لأي مجتمع. و لذلك فهي يمكن و يجب أن تكون أحد مصادر التشريع. و لكن في ظل دولة من الطراز الذي يجعل الدين مصدرا ً أساسيا ً للتشريع، فقد يمكن تحقيق مجتمع مدني محدود الفاعلية، و لكنه لن يكون مجتمعا ً مدنيا ً علمانيا ً و لا ديمقراطيا ً. لأن من طبيعة أية فلسفة سياسية مستمدة من الدين أن تكون مرتبطة بالذات العليا و بالمقدس، أعني أنها ستكون ذات جوهر يؤمن بالمطلقات، و هي بذلك لن تسمح لأية فلسفة اجتماعية أخرى أن تزدهر في الأرض التي تقف عليها، بينما لا يزدهر المجتمع المدني إلا في ظل الحرية المسؤولة في الفكر و السلوك و على المستويات الفردية و الاجتماعية و السياسية. كما أن التشريع المستمد من الدين أساسا ً سيثير مشكلة التعددية الدينية و المذهبية، لأن الشعب في أية دولة ليس من دين واحد و لا من مذهب واحد.

السؤال الخامس: الكثير من الأنظمة العربية الحاكمة تدعي العلمانية غير أنها وفي الوقت نفسه تمارس أقصى درجات الاستبداد والقمع السياسي ضد مخالفيها السياسيين وتمارس قمعا ً متواصلا ً للحريات الأساسية مثل حرية التعبير عن الرأي وحرية الصحافة كاشفة بذلك عن محتواها الدكتاتوري البغيض ،كيف ترى أفق ومستقبل العلمانية في العالم العربي في ظل حكومات دكتاتورية و مستبدة ؟

الجواب: مقدمة سؤالكم تذكرنا بما ذهبت إليه في بداية حديثي حين أشرت إلى ضرورة التفريق بين العلمانية الشمولية و العلمانية الحقيقية. و على أية حال ، أود القول بأن ممارسات الحكومات الدكتاتورية قد ألحقت أفدح الخسائر بالمشروع النهضوي العربي و بالحركة العلمانية التي كان يمكن لها، في تقديري، أن تحقق نجاحات كبيرة من حيث فشلت الدكتاتوريات الحاكمة. تلك الدكتاتوريات التي زرعت، من خلال ممارساتها و فشلها العظيمين، اليأس من مفاهيم العقل و الحرية و الحكمة السياسية في صفوف الناس، و لوثت الممارسة السياسية و دمغتها بطابع الفهلوة و الكذب، و بذلك جعلت كثيرا ً من الناس يتحولون إلى القوى المحافظة في المجتمع دون أن يكون خيارهم هذا نابعا ً عن موقف نقدي حقيقي و اختيار حر. و من الطبيعي أن تكون حصة القوى السياسية الدينية من هؤلاء هي الأكبر لأنها ذات وجود راسخ و مستديم منذ أزمنة قديمة،. فكانت هذه القوى المستفيد الأول نتيجة ذلك. و في تقديري، أنه لن يشهد المستقبل نهضة جديدة لمجتمعنا دون تغيير البنية الثقافية السائدة، بنية التعصب و الانغلاق و اليأس من تجربة الحرية المحدودة و المشوهة التي عرفناها. تلك البنية التي تحول دون، و تمنع التحولات الفكرية و الاقتصادية و الاجتماعية من استكمال تكوين و خلق بيئة مناسبة لازدهار الفكر السياسي العلماني. و هذا يتطلب عملا ً دؤوبا ً و جهدا ً متصلا ً و نقدا ً ذاتيا ً لمن يؤمنون بالعلمانية الحقيقية أفرادا ً و جماعات. و عليهم أن يتبنوا بوضوح نهجا ً و فكرا ً لا يضع العلمانية في مواجهة الدين. فالعلمانية، في حقيقتها، ليست قسيما ً للدين و لا غريما ً له مطلقا ً. بل لعلي أقول بأن ما تسعى إليه العلمانية الحقيقية يلتقي في نهاية المطاف مع الأهداف السامية للدين.

السؤال السادس: لماذا العلمانية في ظل الدولة الحديثة؟ وما علاقتها بالمجتمع المدني , و
الديمقراطية وحقوق الإنسان ؟

الجواب: كما قلت سابقا ً فإن العلمانية هي ثمرة تطور بطيء للتجربة السياسية البشرية منذ اقدم الأزمنة التي عرفت أشكال الحكم البدائية و حتى المجتمعات التي عانت من العبودية و الإقطاع و سيطرة رجال الدين وصولا ً إلى المجتمع الحديث. كما أنها ثمرة تطور الفلسفة السياسية المستمدة من ذلك التطور. و إذا اتفقنا على أن التجربة و الوعي هما ما يدفع الإنسان إلى المراجعة و التأمل و النقد العقلاني و محاولة تطوير تجربته السياسية، و بأن الأفكار لا تولد من فراغ و إنما هي نتيجة الصيرورة و التطور الاجتماعيين، فإن الارتباط بين مستوى نضج التجربة السياسية البشرية في الأزمنة الحديثة و تقدم الفلسفة السياسية هو الذي فرض مثل هذا الاقتران بين العلمانية و الدولة الحديثة. كما أن العلمانية هي التعبير الحقيقي و الإطار الفكري السياسي الشامل الذي يضم كل تكوينات المجتمع المدني و الديمقراطية و حقوق الإنسان و حقوق المرأة. و بما أنه لا يمكن تصور وجود مجتمع فيه ممارسة ديمقراطية حقيقية و يتمتع فيه الناس بحقوق الإنسان كما أقرَّتها الأمم المتحدة دون أن يكون ذلك المجتمع في إطار دولة علمانية، جاز لنا القول بأن المجتمع المدني و ضمان حقوق الإنسان يمثلان أساسين مهمين من أسس الدولة العلمانية. كما يمكن لنا أن نستنتج بأن العلمانية الشمولية هي مسخ لمفهوم العلمانية الحقيقية، لأنها أقرب إلى الأنظمة الدينية المستبدة، و لذلك كله فهي تجربة مدانة سياسيا ً و أخلاقيا ً، لذلك ينبغي الحذر الشديد من عودتها تحت لبوس و مزاعم و زعامات جديدة.
السؤال السابع: هناك من يقول بأن العلمانية مفهوم غربي لا يصلح لمجتمعنا لأنه غير نابع من ثقافتنا و تجربتنا الحضارية. فكيف ترى ذلك؟

الجواب: لا يمكن لأحد أن ينكر وجود خصوصيات فكرية ثقافية لكل مجتمع، و منها مجتمعنا العراقي. و لكن أيضا ً لا يمكن لأحد أن يزعم بأن على المجتمعات أن تنغلق على تجاربها الذاتية و تجترها، دون أن تأخذ أو تعطي. و لعل أهم مميزات المجتمع العربي الإسلامي في مرحلة ازدهاره أنه أخذ من الآخرين و أعطاهم دونما عقد و لا حساسيات لأنه شعر بحاجته الماسة إلى ما أخذ. و قد حصل كل ذلك في عصر كان ما يحدث في مراكش لن يصل خبره إلى بغداد إلا بعد أسابيع، و ذلك لتخلف سبل المواصلات و الاتصالات و وسائل نشر المعرفة. أما الآن، و بعد أن توصل العالم إلى هذه الدرجة من الاتصال و التواصل بحيث أصبح يسمى قرية كونية يعلم كل فرد فيها بما يدور في شتى أصقاع الأرض لحظة حدوثه و كأنه شاهد عيان للحادث، فإن فرز ما هو محلي عما هو عالمي لم يعد بهذه السهولة. كما أننا لا نستطيع أن نقبل نظاما ً متخلفا ً يكرِّس تخلفنا بزعم أنه منبثق من حضارتنا و نرفض آخر يمكن أن يصلح من شأننا و يحقق العدالة الاجتماعية و الحرية السياسية بزعم أنه لم يكن نتاج حضارتنا و إنما هو مجلوب من حضارات العالم الأخرى . و هنا يمكن أن استشهد بحديث يردده كثير من رجال الدين هو " الحكمة ضالة المؤمن، أنـَّى وجدها فهو أولى بها ". و هذا يعني أن لا مجال للدفع ببطلان فكرة ما لكونها ليست نتاج حضارتنا، و إنما الحجة الوحيدة المقبولة هي لا عقلانية الفكرة نفسها. و لا أعتقد بأن أحدا ً قد زعم بأن العلمانية ليست عقلانية. كما أن الأفكار اكتسبت الآن صبغة عالمية شئنا ذلك أم أبينا. و علماء الفكر السياسي في العالم، و بينهم علماء مسلمون وعرب و عراقيون، يدرسون كل النظريات بحثا ً عما هو صالح لمجتمعاتهم. و لكن رغم ذلك لا بد من القول بأن الواقع العربي و العراقي ما زال مترددا ً في قبول الفكر العلماني بالمعنى الذي أوضحته. و هو يطرح نوعا ً من المقاومة للفكر السياسي العلماني لجملة أسباب ذكرناها سابقا ً. و هذا الحال المعقد و الصعب هو ما يجعل مهمة من يتصدون للمنافحة عن الفكر العلماني الحقيقي شاقة و تتطلب منهم عملا ً و صبرا ً كبيرين. ذلك أن عملهم هو نوع من التأسيس لنهضة فكرية ثانية. أليس كذلك؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا