الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دولة الطوائف تحت رحمة المفسد و المتعاون و المستعمر

خليل قانصوه
طبيب متقاعد

(Khalil Kansou)

2020 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو أن النقاش مسموح به في بعض البلدان ، شرط أن يبقى تحت سقف " الخطوط الحمر" التي يرسمها أصحاب الحل و الربط أي الذين يفتون بالحدود التي إذا تم تجاوزها توجب " الجهاد" دفاعا عن حصة الطائفة او التآلف . أما انعكاس هذا المعطى على مساحة البلاد فيتجسد عمليا بوجود زعامة فردية ، حريصة على تفردها بممارسة سلطة مطلقة عن طريق لجم أية معارضة في داخل الطائفة مقابل افساح المجال أمام انتقاد زعامات الطوائف الأخرى التي لا تتميز منها ، لا سيما أنها تتشارك معها في السلطة !
الجدير بالملاحظة هنا أن هذه السلطة ، أعني سلطة زعماء الطوائف مجتمعة متحابة ،استولت على الدولة في سنوات 1990 و لا تزال إلى تاريخه ممسكة بها بقبضة حديدية ، بالرغم من انكشاف الفضائح العديدة في جميع المجالات بما فيها الأمن القومي ، الاقتصاد الوطني ، و إدارة الدولة والمؤسسات الرسمية الدستورية . فلا نجازف بالكلام أن هذه السلطة تتحمل قسطا كبيرا في جعل الدولة فاشلة بمعيار العجز و التقصير عن القيام بالمهام الرئيسة التي ينتظرها المواطن العادي من الدولة التي تتولى مبدئيا توفير أفضل الشروط المتاحة للعيش المشترك .
من الطبيعي أذن أن يتساءل المرء عن أساليب ووسائل النجاة حيث يتلازم فساد السلطة الغاشمة و خطر المستعمر المُهلك ، بالإضافة ضمنيا إلى التدقيق في العلاقة المحتملة بينهما . أما الدافع إلى هذا فهو الانقسام الحاصل في الساحات بين الذين يستعجلون أمر مقارعة الغزاة من جهة ، كونها لا تقبل التأجيل ،و بين الذين يولون أهمية قصوى لكفاح فساد السلطة و انقاذ الدولة الوطنية من براثنها من جهة ثانية ، مقابل تفكيك الاحتياطات المتخذة من أجل ردع المستعمرين عن العدوان و انتهاك التراب الوطني ، حتى لو تطلب ذلك ، في نظر بعض ممثلي هذا الفريق ، و هو فريق واسع و متعدد وغير متجانس ، تقديم تنازلات تصل إلى درجة القبول بإسقاط حقوق الفلسطينيين في العيش في فلسطين بما هم مواطنون عاديون متساوون مع الإسرائيليين ذوي الأصول الأوروبية ، أي الاعتراف بإسرائيل " دولة قومية للشعب اليهودي " كما جاء في نص القانون الأساسي الإسرائيلي نفسه !
مجمل القول أن مصير الناس في البلدان المحيطة " بالدولة القومية للشعب اليهودي " و هي في جوهرها دولة استعمارية استيطانية عنصرية ، يتوقف على حل مسألة الاستيطان الاستعماري ( إي على و قف اغتصاب الحقوق المدنية و الممتلكات بالقوة ) بالإضافة إلى مسألة إلغاء التمييز بين الناس على أساس الدين والعرق! ينجم عنه أن إسرائيل الاستعمارية العنصرية لا تسمح بحسب ذهنية الحركة الصهيونية ومشروعها الاستعماري في المنطقة ، بقيام دولة وطنية حقيقية في جوارها تمثل مانعا بوجه توسعها .
استنادا إليه ، يحق للمراقب إذن أن يستغرب أمر الثورات و الانتفاضات التي تجري تحت عنوان " كفاح الفساد" دون أن يقدم المبادرون إليها رؤية أو عرضا للبحث ، عن مسألة العلاقة التي تربط قطعا بشكل أو بآخر ، بين السلطة الفاسدة من جهة و بين الغزو الاستعماري من جهة ثانية ،على قاعدة أن السلطة الفاسدة تضعف الدولة و توفر شروطا ملائمة للمستعمرين المتربصين على تخوم البلاد وللمتعاونين معهم في الداخل. كما أن من حق هذا المراقب أيضا ، في المقابل أن يدهش إلى حد الذهول امام مزاعم الذين يقولون أن كفاح الفساد فيه ملهاة عن معركة التحرير ، و أن التحالف مع المفسدين و اللصوص مبرر ، فمن شأنه أن يكف أيديهم عن الإساءة إلى القضية الوطنية .
خلاصة القول و قصاراه أننا حيال مسارين متعارضين فيما بينهما مخالفين للمنطق ، و أخشى ما يخشى هو أن يطيح المفسدون بالدولة نهائيا و أن لا يتحقق التحرير !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن استهداف خطوط توصيل الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا |


.. أنصار الله: دفاعاتنا الجوية أسقطت طائرة مسيرة أمريكية بأجواء




.. ??تعرف على خريطة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية


.. حزب الله يعلن تنفيذه 4 هجمات ضد مواقع إسرائيلية قبالة الحدود




.. وزير الدفاع الأميركي يقول إن على إيران أن تشكك بفعالية أنظمة