الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دارفور الساسة يناورون و الضحايا يصارعون الموت

أميرة الطحاوي

2006 / 6 / 20
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


هل يذكر أحدنا كيف كانت البداية؟
على العكس من تصريحات الرئيس السوداني عمرالبشير
قبل شهر أو يزيد والتي أثارت دهشة حلفائه قبل خصومه عن
كون أصل النزاع في دارفور شجار بين قبيلتين على جمل شارد! كانت بداية تفجر هذه
القضية إعلاميا في يونيو 2003 حيث نقلت وكالة الأنباء
الفرنسية على لسان ماني اركوي ميناوي أمين عام حركة تحرير السودان المعارضة بولايات
دارفور الثلاثة غرب السودان أن الحكومة استخدمت
الغازات السامة والأسلحة البيولوجية ضد سكان الإقليم، و أن قواته "عثرت على قطعتي
سلاح بيولوجي ومنشور حكومي يوضح طريقة استخدامها مضيفا
أنها أسلحة جاءت من العراق" الذي كان لتوه قد نفض نظاماً ديكتاتوري استخدم الأسلحة
الكيماوية المحرمة ضد شعبه باحتلال أمريكي و فوضى
إدارة و حدود هشة أمكن عبرها تهريب كل شيء حتى السلاح، ثم بيان من رابطة أبناء غرب
السودان بالخارج تدعو فيه كل السودانيين للعمل على
إصلاح مشكلات الوطن المتراكمة نتيجة لتسلط الأنظمة القمعية و خاصة سياسات حكومة
الإنقاذ الحالية في المناطق المهمشة و اعتماد مبدأ
الانحياز لزرع الفتن و الخلافات بين أبناء المنطقة، و تأليب النعرات القبلية و
العرقية، داعين القوات المسلحة لعدم المشاركة في إبادة
أهلهم، منظمات دولية بعضها يغيث و يساعد و بعضها يكون فائض ربح من استمرار معاناة
الإقليم، أفريقياً: لا يُعد هذا المسلك بجديد.

المبالغات واردة دوماً في عالم السياسة لكن المؤكد أن قتلاً على الهوية كان ينتشر
حتى لو لم تستخدم فيه أسلحة غير تلك التي توصف
بالمحرمة(فوفقا للقانون الدولي العبثي فإن بعض أنواع الرصاص غير محرم!) تتشابك
خيوط العنف اليومي؛ قوات غير رسمية مدعومة من الحكومة،
قوات تدين بولاء للترابي الذي أخرجه البشير من القصر إلى السجن في 2000، تراكم
حوادث قطع الطريق منذ عام 99-2000 يناقشها البرلمان دون
علاج، تراكم سنوات الجفاف بالثمانينات و حروب القبائل، و الآن حرب حقيقية تفرز ربع
مليون لاجيء على الحدود توفر لهم الأمم المتحدة ملاذات
غير آمنة من هجوم عصابات الجنجاويد(جني راكب جواد جاء بالليل: هكذا إحدى تفسيرات
الاسم) بين وقت و آخر،تدخل أفريقي بقوات هاجمتها الحكومة
زاعمة أنها تنشر الإيدز و تعتدي على الأطفال، تهديد بتدخل أمريكي منفرد ثم دولي(
ألا يذكرك التسلسل بالعراق؟) صراخ رافض باسم السيادة
الوطنية و مقاومة التدخل الصليبي!مفاوضات تفشل و أخرى لا تثمر، مهلة 6 اشهر تقطع
لتتقلص لأسبوعين،مهلة أخيرة لثلاثة أيام، قتال عنيف داخل
الفصيل الأكبر الذي وقع زعيمه مناوي على اتفاقية أبوجا، قتال بين هذا الفصيل و
آخرين رافضين لسلام هش مع حكومة قتلت أشقاءهم، فوضى و دماء
لا تجف و جفاف لا ينذر بمطر أو زرع في الغرب، و مجاعة يزيد منها تخفيض المنظمات
الدولية لمساعداتها الغذائية لدارفور، ثم وقف بعض
المنظمات عملها لعدم توافر الأمان( كما لو أن الأصل في الأشياء أن يعمل الموظفون
الدوليون القادمون من أوربا و أمريكا فقط في ظروف الأمان
و الهدؤ!)

الساسة يناورون و الضحايا يصارعون الموت جوعا و قتلاً، كل يغنى على ليلاه و بقت
دارفور امرأة وحيدة على حدود دولة أخرى (تشاد)مهددة
بانقلاب و توترات، تدعم حكومتها فصيلاً و تدعم معارضتها فصيلاً آخر، غياب عربي
اللهم باستثناء تصريحات حمقاء تنفي كل المأساة، و تردد
تصريحات وزير خارجية الخرطوم السابق أن إسرائيل هي التي اختلقت قصة دارفور(حسنا انه
لم يقل عنها إسرائيل ثانية.. ليس بعد) محاولات
متواضعة من اتحادات طبية عربية و إسلامية تعجز عن الكثير، الهاربون من دارفور
تعطيهم مفوضية اللاجئين بطاقة صفراء تجدد منذ 3 سنوات و
بموجبها يصبح من حقك ألا تعمل و ألا تحصل على إعانة حتى لو مت جوعاً، و يصبح من حق
العسكر أن يقتلوك في الفجر لأنك اعتصمت رافضا سياسات
المفوضية العليا لقتل – عفوا لشئون اللاجئين.

المحللون يعولون كثيراً على اتفاقات تطفي نار الحرب لكنها لا تصنع سلاماً، بنود
جوفاء تكتفي بمنع القتل و لا تنزع فتيله، نصوص ترسم حدود
توزيع السلطة و اقتسام الغنائم - معذرة الموارد- دون خطة تنمية جادة تصنع للإنسان
رابطا آخر بالأرض التي يقطنها، رابطاً حقيقيا غير ما
ورثه من أجداه من لون و عرق و لغة و دين، رابطا يحقق للإنسان كرامته فلا يرتد طالبا
المدد عند كل صغيرة و كبيرة لاجئا لقبيلته و عشيرته
كما الجاهلية الأولى، فيمد كل فريق لبنيه ما أستطاع من قوة و رباط الخيل ليرهبون به
أبناء وطنهم الذين لا ينتمون للعرق أو اللون أو الدين
ذاته، رغم أنهم جميعاً من أصل واحد: بشر، كائنات ضمن ملايين أخرى خلقت لتحيا لا
لتتحارب وفق لون بشرتها و غير ذلك من ميراث أجوف نحمله
رغما عنَّا بالميلاد.

و يا وجع دارفور لا تصرخ كثيراً، فقد سبقتك الصومال و العراق وكل بقعة في عالم
المهمشين و الضعفاء، تقاطعت تطلعات المحيط الإقليمي و
الدولي حولها و واصلوا عداواتهم عبرها، و تركوا الضحية وحدها تنتحب.

أخيرا عزيزي القاريء هذا مجرد مقال لن يعيد الحياة لضحية و لن يمنع مزيدا من القتل،
أكتبه على حاسب آلي في حجرة مضاءة بالكهرباء بجواري
قنينة ماء، مقال أكتبه و أرفع صحفي و أمضي لسبيلي، بينما في اللحظة ذاتها يكون طفلا
دارفوريا قد مات جوعا أو قتلاً دون حتى أن يكفنه أحد
أو يواريه التراب أحد و ربما بخلاف أهله و أهل الرحمة قد لا يذكره أحد، و في
اللحظة التي ستقرأ فيها النص سيكون عشرات آخرين قد رقدوا
جثثاً في العراء بجوار الطفل نفسه... عبث، كل جهد لن يصب في اتجاه وقف دولاب الدم
الآن و ليس غداً في دارفور هو مثل خطابي هذا،عبث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكبتاغون والكوكايين: سوريا -تهدد- الخليج وأمريكا اللاتينية


.. جانتي شعبان.. لقاء حصري لا يخلو من الطرافة والمعلومات المهمة




.. روسيا تعرض غنائم الحرب الغربية من أوكرانيا تزامنا مع احتفالا


.. غزة.. هل تستطيع إسرائيل الاستمرار في الحرب دون الأسلحة الأمر




.. احتجاجات في مالمو السويدية على مشاركة إسرائيل في مسابقة (يور