الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غياب العقل وغياب الضمير معاً

فؤاده العراقيه

2020 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



انتهى شهر رمضان وانتهى معه الإسراف واكتضاض الأسواق بالناس وبالحلويات لكون النفوس جائعة ومحرومة وتشتهي كل ما لذ وطاب , انتهى النوم وزخم المسلسلات والبرامج التجارية التي لا تغني العقول وفي نفس الوقت ينفقون عليها اموالا طائلة توزع بين المنتجين والمخرجين والممثلين واصحاب القنوات الكثيرة لتدخل بجيوب المترفين الذين خدّروا المشاهدين السذج واقتادوهم لمتاهة يصعب عليهم الخروج منها .
شهر تجوع به البطون وتقف به العقول, وبالتهام الطعام يحلمون وبه ينتهون للتخمة .
وشيئا فشيء يكون السقوط حيث المال صار المحرك الأول للعقول, فالمال أصبح قبل الكرامة وقبل الإنسانية وقبل المبادىء.
شهر ينام به الرجال وتقضي به النساء يومها بالمطبخ لتعد أشهى المأكولات , وبغسل الصحون تكمل يومها ومن ثم الأستعداد للسحور, هذا العمل الميكانيكي الذي يتكرر كل يوم بعيدا عن السبل التي من شأنها تطوير عقولهنّ .
شهر يكون به الفقراء منسيين فعند البطون تعمى العيون, وعند انتهاء الشهر يبالغون بذكراهم فيدفعون لهم فطرة العيد بشرط ان تدفع قبل العيد بيوم واحد ولا يجوز قبلها ولا بعدها، المهم تُدفع لدفع البلاء عنهم, ومن لا يعرف فقيرا فيدفعها لأي شخص أياً كان ليبرىء ذمته وليريح ضميره فقط ولم يراوده أن يسأل نفسه ماذا عن بقية الايام؟

فالهدف ليس بالفقير ذاته بل لكسب رضا الله ليعطيه جائزة عليها, لا يهم المبلغ القليل الذي لا يضاهي الموائد العامرية التي امتدت طوال هذا الشهر والذي لا يسد رمق الفقير، ولكن استوقفني طريقة التفكير هذه التي لا تقبل التغيير رغم إن كل شيء من حولنا يتغير , حيث يطبّق الغالبية افعالهم دون تفكير ولا سؤال بل هو خوفا من العقاب وطمعا بالثواب.
هناك فرق كبير في ان نفعل الأشياء حبا بها وإرضاءً لضميرنا وبين أن نفعلها ونحن نتأمل ما يقابلها من منفعة لذواتنا، وتلك هي اسمى الافعال, ولكن أن نفعلها خوفا أو طمعا فستكون عملية ضحك على الذقون ليس إلا ,ولعب على الذات وخديعة بل ورذيلة أيضا، نعم لقد قلبتم فضائلكم الى رذائل لكونكم تساعدون الفقير ليس حبا به بل لأجل أن تكسبوا بدلها اضعافا مضاعفة .

فهل تأملتم حقا بالفقراء المعدومين وأحسستم بالقهر نحوهم ؟
أم إنهم صاروا مجرد صور تعودنا على رؤياها يوميا ولكننا نمر من أمامها مرور الكرام دون أن نقف ونتأمل ولو للحظات بوجوههم الكالحة، وربما بتنا لا نراهم اصلا لكونها صارت مجرّد صور اعتادت العين على رؤياها وبات الغالبية تنظر للامور بشفافية تامة بحكم التعويد، فلا جديد ولا إضافة تذكر لديهم بل حياة مترهلة خالية من التأمل .
حسنة قليلة تمنع بلاوي كثيرة،عبارة طالما استفزتني لما تحمله من معنى سيء للغاية حيث تعني, ساعدني حتى تمنع عنك البلاء ,فانغرست المنفعة بالعقل الباطن لديهم , وأنا بأعتقادي طالما إننا ننتظر من ورائها منفعة فلن تكون صدقة صادقة، الصدق والقناعة هي اسمى الافعال ولكن العفن نخر الضمائر وأكل الجذور وبات لا ينفع معها سوى اقتلاعها وزراعة الجديد، نحن مجتمع متهالك أتقن الخديعة ولوى الحقيقة،يفعل الذنوب ولديه خزينا من التبريرات ليغفر بها ذنوبه, يفعل الذنوب ويغفرها ثم يكرر الذنوب ويغفرها ويعاود الكرة وهكذا تدور بنا الدوّامة فارغة من محتواها , ونمارس اغلب أفعالنا دون قناعة بل خوفا من العقاب وطمعا بالثواب.
هذا الخوف الذي تعودوا عليه منذ الطفولة ابتداءً بالخوف من الأب ومن ثم الأم وبعدها المعلمة والمعلم الذين اشتركوا بعملية ترهيب الاطفال ليغرسوا الخوف بداخلهم ويعيش الأطفال أول ازدواجية لديهم بممارساتهم المجبرين عليها دون قناعة منهم ومن ثم يفعلوا ما يحلو لهم بعيدا عن العيون، الطفل يرى بعيون نقية تلك التناقضات ولكن تلك الرؤية تموت مع الايام تدريجيا بفعل إزدواجية الكبار.
فهل سنتأمل من بلداننا خيرا وشيئا من التغيير وشعوبها لا تزال تعيش هذه الازدواجية وتعيش الحياة دون رغبة بالتغيير طالما هناك قمع لحرية التفكير بمجتمع إنقسم إلى فئة مترهلة فكريا وهي الأكبر عددا تحمل رؤوسا فوق اكتافها خالية من العقول , هذه الفئة شكّلت عائقا كبيرا وتقف حائلا بطريق الفئة التي حملت على عاتقها واكتافها حملا ثقيلا للغاية حيث تعمل جهدها للتغيير ابتداء من نفسها ثم المحيطين بها رغم كل العوائق , لا تبغي فائدة لذاتها ولا تتأمل مكافئة من أحد بل اكتفت بإيمانها المطلق بالعدل وبالضمير وبشعورها بالواجب وبالمسؤولية فقط، هذه المسؤولية الضخمة التي وقعت على عاتقها تدفعها للتخلي عن تلك اللذات التي تتمتع بها الفئة الثانية .
وكل هذا الخراب ويتصورون أنفسهم بأنهم قد كسبوا الحسنات وعلى هذا المنوال تنقضي السنوات .
فلا نستغرب بعد كل عمليات التغييب في حياتنا هذه التي جمعت ما جمعته من صعوبة ومرارة العيش وحالة الجهل والتردي التي تعيشها شعوبنا فلا نستغرب غياب وعي الإنسان هكذا والعيش في سبات لقروون طوال والإستمرار على نفس المنوال من دون أن يُطرح السؤال عن السبب الذي به عاشت هذه المجتمعات جحيم الفقر والصخب والفوضى العارمة والحبل على الجرار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ومن مقالك هذا غياب العقل والضمير... (1)
john habil ( 2020 / 5 / 27 - 20:09 )


ومن مقالك هذا غياب العقل والضمير...
الخوف والعقاب وغياب التعزيز
كلنا نشاهد التلفاز ونرى كيف يدرٌبون الحيوانات وفي كل مرة يتجا وب فيها الحيوان مع مدربه ( يكرمه (( يعززه)) بسمكة أو حبة قمح أو قطعة حلوى تُحفزه على التجاوب الكلي مع المدرٌب
أما في بلادنا فيأتي الأب مصطحباً معه طفله الصغير إلى المدرسة ويقول للمعلم : هذا ابني امامك علٌمهُ ولحمهُ لك اضربه ما تشاء و لكن عظمه لي فلا تكسره ..
هذا نموذج واضح للتعليم القصري والتعود على الذل والخضوع و غلق وتعطيل صمامات العقل لكي لا تُصدر سؤالاً أو تُنتجُ قكراً بل ( تُسهلُ ) تتبع أوامر رؤساء القطيع


2 - ومن مقالك هذا غياب العقل والضمير (3))
john habil ( 2020 / 5 / 27 - 20:12 )

...
الصيام في رمضان
في موقع ( كروب) الحجاب ليس فرضاً و (كروب ) الحجاب عادة وليس عبادة تعرٌضنا لفتاوى شيخ مشايخ الإسلام ( ابن تيمية ) إلى المرأة وفرض الحجاب فجن جنون بعض الأخوة
واتهمونا رغم أن صفحات الموقعين مليئة بالدليل والبرهان ومن ( القرآن الكريم )) أن الحجاب ليس فرضاُ أو عبادة
ومن فتاوى هذا الشيخ الجليل والداعية الإسلامي الكبير
من أفطر في رمضان وهو يعلم ويقر أنه من المحرمات ( إيه... نعم ياسيدنا الشيخ)
وإن استتاب (( وإلا يُقتل)) !!!
قماذا يفعل ذلك المؤمن الذي لا يطيق الصيام فيتظاهر بصومه وصلاته لعائلته وللناس بأنه مقتنع ؟؟؟ هذه هي مساؤى الخوف والعقاب


3 - ومن مقالك هذا غياب العقل والضمير (2))
john habil ( 2020 / 5 / 27 - 20:15 )


ومن مقالك هذا غياب العقل والضمير...
(( نقططف)) معنى وأسباب ( الإزدواجية) وهي تخبط العقل في أحكام المنطق عندما يُلزم بقبول الغلط والمرفوض بديلُُ للصحيح والمقبول عنوة وليس
قناعة ( نتيجة الخوف والعقاب) فيعم ر ويزداد في المجتمع مرض أسمه إزدواجية الشخصية
فهو يدعي الشيئ وفي باطنه لايعملُ به مثال: رجل يدعي الصوم ويصلي أكثر من 5مرات وفي كل مرة يسجد فيها يُخرج صندويشته من تحت السجادة وبقضم منها لقمتان.. ثم يعود للصلاة


4 - حقيقه الامر
على سالم ( 2020 / 5 / 27 - 22:07 )
من المؤسف والمحزن ان اقول ان عقيده الاسلام عقيده بدويه فاسده وظالمه ومريضه لكل من يعتنقها , هؤلاء جميعا مرضى بداء الاسلام الرهيب , انهم جميعا يتعذبوا ويتألموا ويشقوا بعقيده كلها دجل وظلم وقمع ونصوص ارهابيه دمويه اجراميه وظلم صارخ لعنصر المرأه والاقليات الدينيه , يعتبر شهر رمضان شهر كارثى بدون جدال , انه شعر الجوع والعطش والحرمان والنفاق , شهر الخمول والكسل والعذاب , شهر يعلم الغباء والتنبله وانسداد الدماغ , شهر الاطعمه والمشروبات والمسلسلات الغبيه , المسلمين جميعا يعانوا داخل الصندوق الاسلامى الرهيب , حان الوقت لفضح هذا الصندوق المعتم المظلم المجرم وانقاذ هولاء الحمقى من ويلاته