الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في التعويل على الموقف الأمريكي

جلال الصباغ

2020 / 5 / 29
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يروج العديد من المثقفين والاصلاحيين والمخدوعين في العراق ان الولايات المتحدة الأمريكية تقف مع المطالب الجماهيرية خصوصا خلال انتفاضة أكتوبر، وهذا الرأي يطال فئات من المنتفضين الذين يجدون الخلاص في تعامل الحكومة الأمريكية مع النظام في العراق، وقد يذهب الخيال ببعظهم إلى أن امريكا تريد إنهاء هذا النظام والممجيء بنظام جديد، ولا يعدوا هذا الخيار سوى ضرب من الوهم او بالاحرى حتى لو تحقق بجزء منه او جميعه فلن يتغير من الحال شيئا، على اعتبار أن الأنظمة التي تأتي بها امريكا تختلف من حيث الشكل فقط وليس المضمون.

يعرف الجميع جيدا أن من جاء بأحزاب الاسلام السياسي وشارؤكائها من القوميين الاكراد والاحزاب الأخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية بعد عام الفين وثلاثة، وهي من قامت بتقسيم المجتمع إلى طوائف وقوميات متناحرة عن طريق هذه الأحزاب القومية والطائفية، وعلى مدار سنوات حكم هذه الأحزاب كانت الولايات المتحدة الراعي الرسمي لها والداعم الأول لكل سياساتها في النهب والقتل والتفرقة ولا تزال سياسة الإدارة الأمريكية مع هذا النظام داعمة لكل من يأتي للسلطة كما حصل مع رؤساء الوزراء السابقين وصولا إلى الكاظمي. 

بعد أندلاع انتفاضة أكتوبر أدركت الولايات المتحدة ان الغليان الشعبي سيؤدي إلى اقتلاع نظامها الهجين الذي نفذت عن طريقه مشاريعها في السيطرة على المنطقة، وتنفيذ سياساتها الاقتصادية، وخشية خسارتها لهذا النظام قامت وتقوم بمحاولة إنقاذه بأية طريقه، وبما أن هذا النظام قائم على اساس العمل العصاباتي والمليشياوي الذي يعتمد التوازن في العلاقة بين الولايات المتحدة وجمهورية ايران الإسلامية، فأن محاولة إنقاذه صعبة للغاية خصوصا وأن اي نوع من الإصلاحات التي قد يقوم بها، لن تؤدي لأية نتائج تذكر ولن تستطيع إسكات الجماهير المنتفضة التي تعيش اليوم حالة من التململ والغليان ليس في وسط وجنوب العراق فقط بل في كوردستان وحتى في المناطق الغربية، الا ان جائحة كورونا والقمع المفرط خلال الفترة الماضية، اخر من عملية الانفجار الحتمية للجماهير، فالأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة والتاخر في دفع رواتب الموظفين في كوردستان، وكذلك التهديد بتخفيض رواتب الموظفين والامتناع عن دفع رواتب موظفي العقود، وفقدان الملايين لأعمالهم خصوصا من عمال القطاع الهش العاملين بالأجر اليومي وسائقي الأجرة وغيرهم من الفئات التي لم تحصل على اي تعويض خلال فترة الحجر الصحي، كل هذه العوامل تنذر بتفجر الأوضاع، وكل الأطراف الراعية لهذا النظام وعلى رأسها الولايات المتحدة، لا تريد الوصول إلى هذه النقطة لان اندلاع انتفاضة شاملة او ثورة من شأنها أن تقتلع المشروع الأمريكي الإقليمي من جذوره. 


السياسة الأمريكية في المنطقة وكل العالم قائمة على أساس مصالح الشركات وأصحاب رؤوس الأموال والمصارف العملاقة التي تتحكم بالاقتصاد عن طريق الهيمنة الاقتصادية والمالية وتطبيق الليبرالية الجديدة التي تسعى لخصخصة كل المفاصل والقطاعات، والقضاء على الصناعة والزراعة للبلدان وبضمنها العراق، وهذا الأمر لا يحدث إلا بزرع أنظمة كما هو النظام في العراق من اجل تحقيق الهيمنة. 

ان كل المروجين والمطبلين للتغير في السياسة الأمريكية تجاه العراق بما يصب في مصلحة الجماهير، اما من المنتفعين او المخدوعين، وتجارب الإدارة الأمريكية في امريكا الجنوبية والشرق الأوسط وشمال أفريقيا خير دليل على ذلك، فكل التدخلات الأمريكية كانت في صالح العصابات والمليشيات والأنظمة الدكتاتورية، التي تعزز من هيمنة الليبرالية الجديدة عبر أذرع متعددة مثل البنك الدولي وصندوق النقد وغيرها من المؤسسات التي تغرق البلدان الخاضعة لها بالديون وتدفعها للخصخة ما يعني المزيد من الفقر والبؤس والبطالة والاحتراب الداخلي . 

ليس امام الجماهير في العراق الا مواصلة النضال والاستمرار في الانتفاضة التي عمقت من ازمة النظام الحالي حتى إسقاطه وقبره مع مشروعه القومي الطائفي الذي يخدم الهيمنة الأمريكية وإرساء حكم جديد قائم على اساس الإرادة الحقيقية للجماهير المبنية على العدالة والمساواة ومجانية الصحة والتعليم وتوفير السكن والعيش اللائق للجميع، بعيدا عن اي هيمنة خارجية. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح